الاحتلال يقنص الاقتصاد الفلسطيني

19 أكتوبر 2015
الاحتلال الإسرائيلي يخنق الاقتصاد الفلسطيني (Getty)
+ الخط -
يعاني الاقتصاد الفلسطيني منذ اتفاق أوسلو العام 1993 العديد من المشاكل التي جعلته محدّداً ومحصوراً ومحاصراً بالاتفاقيات المعقودة مع الاحتلال، مثل اتفاقية باريس 1994 التي جعلت الاقتصاد الفلسطيني تابعاً للإسرائيلي، رغم الاختلاف الواضح في مستوى المعيشة بين المواطن الفلسطيني والمحتل الإسرائيلي. حيث عجز الاقتصاد الفلسطيني عن النهوض ووضع الاحتلال يده على المعابر والحدود والموانئ، وحدّدت المبادلات التجارية للفلسطينيين مع العالم الخارجي من خلال الأجهزة الإسرائيلية. وبرغم كل ذلك، يحاول الفلسطينيون الصمود، ودعم الإنتاج المحلي، واختلاق فرص عمل تبقيهم على قيد المقاومة لآلة الموت الإسرائيلية.

ومع اندلاع انتفاضة ثالثة، زادت حدة البطش الإسرائيلي، تجاه أهل الأرض، وتجاه الاقتصاد الفلسطيني كذلك. حيث تم إغلاق مئات المحال التجارية وإخلاء بعض المنازل الموجودة في نقاط المظاهرات. إضافة إلى زيادة أعباء المواصلات إذ يحاول الفلسطينيون الوصول إلى عملهم بين المحافظات بكافة الوسائل، حيث يسلكون طرقاً طويلة ووعرة الأمر الذي يرهق جيوبهم وميزانيتهم.

تتوزع اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة على المواطنين في كافة المحافظات من الشمال وحتى الجنوب فيما يعرف بنقاط التماس. أو حتى دخول جيش الاحتلال إلى داخل المدن الفلسطينية والقرى والمخيمات لارتكاب الجرائم. الصحفي الاقتصادي جعفر صدقة قال لـ "العربي الجديد"، إنه "ليس من المهم ما خسر الاقتصاد الفلسطيني في الأسبوعين الماضيين وتحديد الأرقام والخسائر مستحيل، فالوضع الاقتصادي قبل الأحداث الجارية لم يكن أفضل، حتى لو توسعت الأحداث فلا يوجد للاقتصاد الفلسطيني ما يخسره حيث إن الاحتلال يفرض عليه أشد العقوبات ويعزله. فالتدهور في الاقتصاد الفلسطيني واضح منذ عقود نتيجة ممارسات الاحتلال".

اقرأ أيضا: سواعد فلسطين: واقع الانتهاكات بين حواجز الاحتلال وحدة البطالة

وأضاف: "قبل الأحداث الأخيرة، كان الفلسطينيون يتحركون في المدن، لكن الوضع الاقتصادي لم يكن أفضل. فحركة البيع والشراء كانت بالحد الأدنى والركود سيّد الموقف. وإذا حاولنا حصر الخسائر في الأسبوعين الماضيين فإنها ليست كبيرة لأنه لا يوجد لدينا اقتصاد من أساسه وإنما يوجد خسائر بشرية وتعطل للموظفين عن أعمالهم وإغلاق للطرق المؤدية التي تصل بين المدن".

وزارة الصحة الفلسطينية قدّرت خسائرها على لسان المتحدث باسمها أسامة النجار بأكثر من مليون دولار، تشمل علاج الإصابات ونقلهم إلى المستشفيات. حيث أن عدد المصابين بالرصاص المحظور دوليا (توتو) والرصاص الحي والمطاطي والاعتداءات بالضرب والإصابات بالحروق نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية بلغت نحو 1500 إصابة، منها 400 بالرصاص الحي و700 بالرصاص المطاطي، فيما أصيب الآلاف بالاختناق نتيجة الغاز السام إذ يكلف علاج الإصابة بالرصاص الحي نحو 1500 دولار فيما تكلّف الإصابة بالرصاص المطاطي نحو 50 دولاراً، إضافة إلى الدوامات الإضافية للموظفين في الإسعاف والطوارئ والطواقم الطبية بشكل عام.

ويتواجد في رام الله عدد من نقاط التظاهر والحواجز الإسرائيلية. والحال ذاته يتكرر في باقي المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية حيث يوجد أكثر من 100 نقطة تماس يتواجد بها الاحتلال خصوصاً لإطلاق النار على المواطنين. هذا الأمر أدى إلى إغلاق مئات المحال التجارية وخسائر كبيرة تقدر بملايين الدولارات منذ بداية الشهر الحالي.

ففي محافظة الخليل يوجد أكثر من 11 نقطة تماس، يطلق منها الاحتلال الإسرائيلي الرصاص، الأمر الذي يؤدي تلقائياً إلى إغلاق الشوارع والمحال التجارية وكذلك الأمر في بيت لحم وطولكرم وجنين وأريحا. مدينة نابلس تظهر كمدينة أشباح بسبب وجود عدد كبير من المستوطنات بمحيطها إضافة لحواجز الاحتلال التي تغلق منافذها ما يضر بالاقتصاد الفلسطيني، نظرا لأهمية المدينة في القطاع الصناعي الفلسطيني. وقال صاحب إحدى المطاعم في بلدة حوارة، أنه منذ اندلاع المواجهات "لم نعد قادرين على دفع رواتب الموظفين، هناك ثلاجات ممتلئة بالمواد الغذائية لم نتصرف بها بسبب الإغلاق، وما يهمنا هو النصر". ما ينطبق على هذا المطعم ينطبق على مئات المحال التجارية والمطاعم في الضفة الغربية حيث تعاني من الإغلاق واقتحامات الاحتلال الأمر الذي لا يمكّن الجهات المختصة من حصر الخسائر التي تقدر بملايين الدولارات.
المساهمون