دراسة بالأرقام: الدوريات العربية مقصلة المدربين

04 يونيو 2020
مدرب الصفاقسي التونسي السابق نيبوشا (Getty)
+ الخط -
لطالما كان المدرب بمثابة "الشماعة" التي تعلق عليها أسباب الهزائم في عالم كرة القدم، وتحديدا في الوطن العربي، وهذا ما أثبتته إحصائية لدراسة متخصصة قارنت بين حاله في الوطن العربي ودول أجنبية.
وترفض بعض الدوريات العربية التخلي عن عاداتها السيّئة في ما يتعلق بمسألة تغيير المدربين باستمرار سواء مع الفرق أو منتخبات كرة القدم، وهو ما أثبته تقرير رسمي، للمركز الدولي لدراسة الرياضة، والذي أجرى إحصائية حول أكثر البلدان تغييراً للمدربين، من أصل 84 من الدوريات المحترفة، منها 5 دوريات عربية من قارتي آسيا وأفريقيا.
ويكون المدرب دائماً شماعة لتغطية الفشل، وأول هدف للجماهير وحتى الإداريين، بعد تراجع النتائج، وهو ما أكّدته الأرقام، التي أشارت إلى أن مجموع 40.6 مباراة يكون كفيلاً كمعدل عمل أقصى للمدربين قبل إقالتهم، أو استقالتهم في حالات نادرة.
وشملت الدراسة دوريات عربية، إذ جاء الدوري التونسي ثانياً في الترتيب العام، بعدما سجّل معدل أكثر من 8 مدربين تمت إقالتهم في كل ناد، خلال الفترة الممتدة بين سنتي 2015 ولغاية 2019، وذلك رغم الكفاءات المحلية والأجنبية العاملة هناك.
فكانت بداية الموسم المتوقّف حالياً سريعة على المدربين الذين ما فتئوا يضعون تشكيلاتهم، ويرسمون خططهم في أذهان اللاعبين، ليفاجأوا بإقالة 9 مدربين منهم بعد 8 جولات فقط، فكان أولهم مدرب نادي الصفاقسي، نيبوشا يوفوفيتش، وذلك مباشرة بعد هزيمته في كأس الكونفدرالية الأفريقية أمام نادي بارادو الجزائري.
وصنع نادي النجم الساحلي الحدث، بعدما غيّر 3 مدربين في وقت قياسي، رغم أنّه كان يصارع على عدّة جبهات تستلزم توفير الاستقرار للطاقم الفني، لتطاول المقصلة رأس المدرب الشهير فوزي البنزرتي، وبعده رفيق المحمدي، ليحلّ المدرب الإسباني كارلوس غاريدو مكانهما.
وغير بعيد عن تونس، جاءت الجزائر ثالثة في الترتيب، وهي التي تغيّر نواديها المدربين بكثرة أيضاً، وبمعدّل 7 مدربين لكل ناد خلال الفترة الزمنية نفسها، وذلك رغم القوانين التي فرضها اتحاد كرة القدم سابقاً بتحديد عدد مدربي الأندية في كل موسم.
ويفرض الضغط الجماهيري نفسه على قرارات الإدارة، بعد تراجع نتائج أنديتها، وخوفاً من خروجها من المنافسات أو سقوطها إلى دوري الدرجة الثانية، وهو ما يدفع ثمنه المدربون، كالعادة، عبر إقالتهم بعد تلقيهم إهانات كثيرة من المدرجات.
وإذا كان طرد المدربين يرتبط دائماً بأعذار فيها بعض من المنطق، فإن الدوري الجزائري فريد من نوعه، كما كان عليه الحال في أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول، حيث كان ذلك بعدما غيّرت أندية الدوري 4 مدربين في ظرف أسبوع واحد.
وأعلن المدير الفني لنادي شباب بلوزداد، عبد القادر عمراني، الذي كان متصدراً للترتيب وقتها، أن ظروف العمل لم تكن مهيأة، الأمر الذي دفعه إلى الاستقالة، ليتبعه مدرب الوصيف، مولودية الجزائر، الفرنسي بيرنارد كازوني، الذي تمت إقالته رغم العمل الكبير الذي قدّمه ونجاحه في إعادة "عميد" الأندية الجزائرية نحو المنافسة على لقب الدوري.
وشهد الأسبوع ذاته إقالة المدرب اليمين بوغرارة من تدريب نادي شبيبة الساورة، بعد 6 هزائم متتالية، بينما أقيل دينيس لافان من العارضة الفنية لنادي شباب قسنطينة، تحت تأثير ضغط جماهيري كبير ولّدته الهزيمة أمام مولودية الجزائر على أرضية ملعبه بثلاثة أهداف مقابل اثنين.
وشهد موسم 2016/ 2017 عدم استقرار بالنسبة للمدربين في الجزائر، بعدما غيّرت الأندية 32 مدرباً، وكان أكثرها نادي شباب قسنطينة، الذي أشرف عليه 6 مدراء فنيين في موسم واحد، بسبب مشاكل إدارية كبيرة.

وسجّل الدوري القطري معدلاً متوسطاً نوعاً ما، بعدما غيّرت الأندية خلال 4 سنوات 5 مدربين، ما يعني تسجيل إشراف مدرب جديد على كل ناد في كل موسم، علما أن المعدل المذكور رفعته الأندية التي تصارع على البقاء، ببحثها عن "المنقذ" دون تصحيح المشكل الحقيقي، المتمثّل في ضعف بعض اللاعبين وخاصة من المحترفين الذين يعجزون عن تقديم الإضافة.
وشهد موسم 2018 ظاهرة غريبة تمثلت في تغيير المدربين لأسباب مختلفة في دوري "النجوم"، وذلك بعد 8 أسابيع فقط من انطلاقه، فكان نادي الريان أول من تخلى عن مدربه رودولفو أروابارينا، ليكون أحد المدربين الخمسة الذين أقالتهم أنديتهم تباعاً.
ويعتمد الدوري القطري على الكفاءات الأوروبية والأميركية اللاتينية لتطوير الكرة المحلية، غير أن إشكالية التأقلم مع الأجواء والتعامل مع عقلية اللاعبين، تقتضي في أغلب الحالات الكثير من الوقت، وهو ما يؤثّر على الاستقرار الفني للمدرب.
غير أن المنافسة الكبيرة بين الأندية الأقوى، على غرار لخويا والسد والريان، ورغبة أندية أخرى في استعادة مجدها، تضعان المدربين تحت خيار واحد، متمثّل في إيجاد حلول سريعة وناجعة، الأمر الذي تترتّب عليه إقالات كثيرة صارت تؤرق المدربين هناك.
وشاركت السعودية عدد المدربين نفسه مع الجزائر، إثر تسجيلها معدل 7 مدربين هي الأخرى، لتكونا، رفقة تونس، الدول العربية الثلاث التي جاءت في المراتب العشر الأولى.
ولا تقتصر هذه الظاهرة على الدول العربية، بل تمتد للدول الأوروبية، بما فيها الدوريات الكبرى، كإسبانيا وإيطاليا وفرنسا، وبدرجة أقل إنكلترا، وهو ما يدخل في إطار كرة القدم، ما دامت قوانين اللعبة ترجّح كفّة الأقوى.
وسجّلت فرنسا معدّل 3.4 مدربين أشرفوا على أنديتها، بينما كان باريس سان جيرمان الأكثر استقراراً فنياً، فيما سجّل نادي ريال بوتوسي البوليفي نفسه ليكون أكثر الأندية تغييراً للمدربين بعشرين مدرباً في 3 سنوات، وعلى النقيض، احتفظ نادي زولت فارجيم البلجيكي بمدرب واحد طيلة 4 سنوات.
وتصدّرت بوليفيا ترتيب الدوريات الأكثر تغييراً للمدربين، بمعدل 9 مدربين في آخر أربع سنوات، وهو رقم هائل يعكس مدى حالة عدم الاستقرار التي يعانيها الفنيون هناك، لتنعكس على المنتخب الذي فشل في إثبات نفسه خلال المنافسات الدولية.
المساهمون