استمع إلى الملخص
- **التحديات والظروف الاستثنائية**: تواجه فلسطين تحديات كبيرة بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر، مما أثر على الرياضيين والبنية التحتية الرياضية. استشهد العديد من الرياضيين والمدربين، وحُرم الربّاع محمد حمادة من المشاركة في دورة باريس 2024.
- **المشاركة المنتظرة في باريس 2024**: تستعد فلسطين للمشاركة بأكبر بعثة في تاريخها، تضم ثمانية لاعبين في ست رياضات مختلفة، مع آمال كبيرة في تحقيق نتائج إيجابية رغم الظروف الصعبة.
تستعد فلسطين للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية، باريس 2024، بأكبر بعثة في تاريخها، على الرغم من الظرف الاستثنائي الذي تمرّ به منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إذ تسببت حرب الإبادة الإسرائيلية في استشهاد آلاف الأشخاص، بينهم أكثر من 340 رياضياً فلسطينياً في قطاع غزة والضفة الغربية.
رفع العلم الفلسطيني لأول مرة
شاركت فلسطين لأول مرة في تاريخها بدورة الألعاب الأولمبية أتلانتا 1996، فحظيت مشاركتها باهتمام إعلامي وسياسي كبيرين، لا سيّما أنها أتت بعد ثلاث سنوات من إعادة الاعتراف باللجنة الأولمبية الفلسطينية بموجب الميثاق الأولمبي، وتعود الآن بعد 28 عاماً من بداية مشاركتها إلى الحدث العالمي طمعاً بحصد الميدالية الأولى. ومثّل فلسطين في المشاركة الأولى لاعبان اثنان، هما العداء ماجد أبو مراحيل، الذي شارك فعلياً في منافسات ألعاب القوى (10000 متر رجال)، واللاعب إيهاب سلامة، الذي لم يتمكّن من خوض المنافسات لأسباب فنيّة.
وسيظلّ اسم أبو مراحيل محفوراً في ذاكرة الفلسطينيين، كونه أول لاعب يحظى بشرف رفع العلم الفلسطيني في الأولمبياد العالمي، وهو الذي فارق الحياة عن عمر ناهز 61 عاماً، في 11 يونيو/ حزيران الماضي، داخل خيمة في مخيّم النصيرات، وسط قطاع غزة، بعد معاناته من مرض الفشل الكلوي وعدم قدرته على تلقي العلاج بفعل سياسة منع السفر ونقص الأدوية وتدمير المستشفيات التي يمارسها الاحتلال بحق أهالي قطاع غزة خلال العدوان الحالي.
تقدم مستمر في عدد المشاركين
لم تنقطع مشاركة فلسطين في دورات الألعاب الأولمبية، انطلاقاً من أتلانتا 1996، فقد شاركت في دورة الألعاب الأولمبية سيدني 2000 بلاعبين اثنين، هما العداء رامي ديب، الذي شارك في سباق المشي لمسافة 20 كيلومتراً، فيما صنعت سمر نصّار التاريخ بكونها أول امرأة تمثّل فلسطين في دورة الألعاب الأولمبية خلال مشاركتها في سباق 50 متراً سباحة حرّة، قبل أن تشارك لاحقاً باسم المملكة الأردنية الهاشميّة في دورة الألعاب الأولمبية أثينا 2004 في اليونان، وهي التي تشغل حالياً منصب الأمين العام للاتحاد الأردني لكرة القدم.
ومع الوصول إلى دورة الألعاب الأولمبية أثينا 2004، حظيت فلسطين بأكبر عدد من اللاعبين مقارنة بالمشاركتين السابقتين، إذ شارك العدّاء عبد السلام الدبجي في سباق 800 متر، والعدّاءة سناء بخيت في سباق 800 متر، والسبّاح رعد عويسات في منافسات 100 متر فراشة، وارتفع عدد المشاركين إلى أربعة بعد مشاركة فلسطين الرابعة في دورة الألعاب الأولمبية بكين 2008، حيث مثّل فلسطين في هذه الدورة كل من العدّاء نادر المصري في سباق 5000 متر، والعدّاءة غدير الغروف في سباق 100 متر، والسّباحة زكيّة نصار في سباق 50 متراً حرّة، والسّباح حمزة عبده في سباق 50 متراً حرة.
مقدسي يحصد مشاركة أولى عن طريق التصفيات
شهدت دورة الألعاب الأولمبية لندن 2012 كتابة تاريخ جديد لفلسطين بضمان مشاركة أول لاعب فلسطيني عن طريق التصفيات والنقاط، مقارنة بكل المشاركات السابقة، التي أتت عن طريق بطاقات الدعوة، إذ تأهل لاعب الجودو المقدسيّ ماهر أبو رميلة إلى الأولمبياد بعد حصوله على عشرين نقطة، إلى جانب مشاركة أربعة لاعبين آخرين، هم: العدّاءة ورود صوالحة في سباق 800 متر، وهي التي لفتت الانتباه بارتدائها الحجاب خلال المنافسات، والعداء بهاء الفرّا في سباق 400 متر، والسّباحة سابين زبون في سباق 50 متراً فراشة وحرة، والسباح أحمد جبريل في سباق 400 متر حرّة.
وارتفع عدد لاعبي فلسطين المشاركين في دورة واحدة لأول مرة إلى ستة لاعبين خلال المشاركة في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 بالبرازيل، إذ مثّل فلسطين في المنافسات كل من: لاعب الجودو سيمون يعقوب، والسبّاح أحمد جبريل في سباق 200 متر حرة، والسباحة ميري الأطرش في سباق 50 متراً حرة، والعدّاء محمد أبو خوصة في سباق 100 متر، والعدّاءة ميادة الصياد في سباق الماراثون، والفارس كريستيان زميرمان في رياضة الفروسية، دون حصد نتائج لافتة.
وفي مشاركتها السابعة، دخلت فلسطين أولمبياد طوكيو 2020 بخمسة لاعبين، هم: السبّاح يزن البواب، والسبّاحة دانيا نور، ولاعب الجودو وسام أبو رميلة، والربّاع محمد حمادة في رفع الأثقال، والعدّاءة هناء بركات المتخصصة في سباقي 200 و400 متر. وطوال هذه المشاركات لم تنجح فلسطين في إحراز أي ميدالية على الإطلاق، واكتفت بتحسين أرقام عدد من لاعبيها، أو التأهل من مرحلة أولية إلى أخرى.
مشاركة منتظرة أعاقها العدوان
ستسجل دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 المشاركة الكبرى لفلسطين في تاريخها، إذ ستشارك بثمانية لاعبين في ست رياضات مختلفة، متفوقة على رقمها في دورة الألعاب الأولمبية ريو دي جانيرو 2016، المتمثّل بستة لاعبين، إلى جانب مشاركة أحد لاعبيها للمرة الثانية فقط في تاريخ فلسطين عن طريق التصفيات.
وستحمل المشاركة الفلسطينية أهمية كبرى قياساً بالظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بعدما تسببت الحرب الإسرائيلية بخسائر فادحة على مستوى المشاركة الأولمبية الحالية، إذ حُرم الربّاع محمد حمادة من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية للمرة الثانية في مسيرته، بعد منعه من مغادرة قطاع غزة وخسارته أكثر من 20 كيلوغراماً من وزنه خلال الفترة الماضية جراء الحصار والمجاعة.
وتلقت الأسرة الرياضية الفلسطينية عدداً من الأنباء المحبطة خلال الأشهر الماضية، ولا سيما في رياضة ألعاب القوى، وتمثل آخرها باستشهاد العدّاء وسيم أبو ديب في العاشر من الشهر الحالي، في قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلته في مدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة، ملتحقاً بالمدرب الأولمبي بلال أبو سمعان، الذي رحل شهيداً في 18 ديسمبر/ كانون الأول 2023، فضلاً عن أسطورة ألعاب القوى الفلسطينية ماجد أبو مراحيل، الذي رحل أخيراً بسبب سياسة الاستهداف الإسرائيلية للمستشفيات ومنع المصابين والمرضى من العلاج.
ثمانية مشاركين من فلسطين في باريس 2024
حجز سبعة من لاعبي فلسطين مكاناً لهم في دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024 عن طريق بطاقات الدعوة، بينما يبرز اسم اللاعب الثامن، نجم منتخب فلسطين في رياضة التايكواندو عمر حنتولي، مرشحاً لحصد الإنجاز الأهم، إذ تألق ابن الثمانية عشر ربيعاً في التصفيات الآسيوية التي احتضنتها مدينة تايان الصينية في شهر مارس/ آذار الماضي، ونجح في حجز بطاقة التأهل إلى الأولمبياد من خلال المنافسة والنقاط كثاني لاعب في تاريخ فلسطين يفعل ذلك.
ووعد ابن مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، بأن يكون صوت الشعب الفلسطيني في دورة الألعاب الأولمبية، في حوار أجراه معه "العربي الجديد" خلال وقت سابق، قائلاً: "أطمح لتحقيق الإنجاز الأول لفلسطين في دورات الألعاب الأولمبية، وأن أنقل معاناة شعبنا إلى جميع أنحاء العالم".
وإلى جانب مشاركة حنتولي في منافسات التايكواندو، ستشارك فلسطين في خمس رياضات أخرى، منها الرماية والملاكمة للمرة الأولى، ويمثل فلسطين في منافسات الرماية اللاعب جورج الصالحي، المقيم في تشيلي، والذي سبق له المشاركة في دورة ألعاب التضامن الإسلامي قونيا 2021، مسجلاً أرقاماً جيّدة.
وسيمثّل اللاعب وسيم أبو سل (20 عاماً)، فلسطين في رياضة الملاكمة لأول مرة، بينما تشارك بلاعبين اثنين في منافسات السباحة، وهما: السبّاح يزن البواب، والسبّاحة فاليري ترزي، وهما اللذان تعوّل فلسطين على مشاركتهما أيضاً بعد نجاحهما في الحصول على ست ميداليات ملونة في دورة الألعاب العربية، التي استضافتها الجزائر العام الماضي. وأشارت مصادر مقربة لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ السبّاحة فاليري ترزي ستحظى بشرف رفع علم فلسطين خلال حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية باريس 2024، في 26 يوليو/ تموز الحالي.
وتشارك فلسطين بلاعبين اثنين في رياضة ألعاب القوى، وهما: محمد دويدار وليلى المصري، اللذان سيتنافسان في سباق 800 متر للرجال و800 للسيدات على التوالي، وهي المشاركة الأولى لهما في الأولمبياد، بينما يشارك لاعب الجودو المقيم في ألمانيا فارس بدوي في دورة الألعاب الأولمبية للمرة الأولى، بعدما مثّل فلسطين في دورتي الألعاب الآسيوية والعربية الأخيرتين.
ويأمل الشارع الرياضي الفلسطيني في ترك بصمة أكبر خلال دورة الألعاب الأولمبية المقبلة، ولكنه يُدرك أن فترة الإعداد والظروف التي رافقتها لم تكن مثاليّة لمعظم اللاعبين، وأن أمله المعقود على اللاعب عمر حنتولي تحديداً يعود لعدم تأثره المباشر بالعدوان على قطاع غزة، إذ يُقيم اللاعب في دولة الإمارات العربية المتحدّة، ويتلقى تدريباته هناك بصورة منتظمة.