غراهام بوتير.. خريج "علوم اجتماعية" قاهر توتنهام وليفربول

05 فبراير 2021
المدرب غراهام بوتير يُقدم كرة قدم جميلة (Getty)
+ الخط -

قبل أيام، تحدث الإسباني بيب غوارديولا عن مدرب فريق برايتون ألبيون الإنكليزي غراهام بوتير، ووصفه بأنه أفضل مدرب إنكليزي حالياً. ومنذ تلك التصريحات، وبوتير يُحلق عالياً في سماء "البريميرليغ" من خلال انتصارات عالمية لم يكن يتوقعها أحد، الأول ضد توتنهام والثاني ضد ليفربول في ظرف أسبوع فقط.

منذ 16 كانون الثاني/يناير الماضي، يظهر برايتون بنسخة مختلفة بقيادة المدرب الشاب غراهام بوتير، 5 مباريات دون خسارة في جميع المسابقات، 4 مباريات دون خسارة في الدوري، 4 انتصارات وتعادل في جميع المسابقات، تأهل للدور الخامس من بطولة كأس الاتحاد الإنكليزي. هي أسابيع مثالية لبوتير الذي لم تتعرف عليه الجماهير إلا بعد إسقاط مورينيو وكلوب.

البداية مع الكرة

تخرج بوتير من الجامعة بشهادة في اختصاص "العلوم الاجتماعية"، عمل في جامعة هول البريطانية في منصب مدير تطوير كرة القدم ثم أصبح مديراً تقنياً في منتخب غانا للسيدات. هذا وأنهى بوتير دراسته العليا في اختصاص القيادة والذكاء العاطفي، قبل أن يتحول إلى عامل التدريب في كرة القدم.

دخل بوتير عالم التدريب من بوابة فريق أوسترساند السويدي في عام 2011، بقي مع الفريق 7 سنوات وحقق إنجازات مهمة هناك، ويكفي أنه حمل الفريق السويدي من القاع إلى بطولة الدوري الأوروبي ومواجهة فريق أرسنال في الدور الـ32 من البطولة.

اشتهر بوتير بقدرته الكبيرة على تدريب اللاعبين وتطويرهم ذهنياً نظراً لاختصاصه الجامعي الذي ساعده كثيراً في منح لاعبيه الثقة لكي يقدموا أفضل ما لديهم، وهي الأمور التي عجلت في تعاقد فريق أوستيرساند مع المدرب الشاب بوتير آنذاك.

بعمر الـ36 سنة، استلم بوتير أول وظيفة كمدرب مع الفريق السويدي الذي سقط إلى الدرجة الرابعة آنذاك، وحصل على كل الدعم من رئيس النادي الذي كان يبحث عن مدرب شاب يُغير له الأمور ويُطور قدرات اللاعبين ذهنياً وفنياً.

في عام 2010، وقع بوتير عقداً لثلاث سنوات مع فريق أوسترساند السويدي، ليقوده من الدرجة الرابعة إلى الثانية ويُمدد عقده في عام 2013 بعد النجاح التدريبي الكبير. وفي 27 تشرين الأول/أكتوبر، ضمن فريق أوسترساند التأهل للدرجة الممتازة لأول مرة في تاريخ النادي.

لم يتأخر بوتير كثيراً لتحقيق إنجاز يُسجل باسمه، وذلك عندما تُوج في عام 2015، بلقب كأس السويد عندما تفوق في المباراة النهائية على فريق نوبكوبينغ (4 – 1)، ليتأهل لبطولة "الدوري الأوروبي" لأول مرة في تاريخه ويفعل ما لم ينجح في تحقيقه أي مدرب قاد الفريق منذ التأسيس.

نظرة مُميزة لبناء الفريق

لم يكن فريق أوسترساند فريقاً سويدياً كبيراً، لكن نظرة المدرب غراهام بوتير المُميزة غيرت الكثير من الأمور في عقول اللاعبين ومن طريقة بناء أي فريق وحولته إلى فريق قادر على الصعود والتقدم بين الأندية الكبيرة، هذا عدا عن التطور الذهني الكبير تحت قيادة بوتير.

وطور اللاعبون "أكاديمية ثقافية" داخل النادي، إذ إنهم يغنون ويرقصون أمام الجماهير من أجل الحصول على جرعات معنوية لتقديم أداء أفضل على أرض الملعب. حتى أن اللاعبين ظهروا مع المدرب بوتير في حفلة غنائية وغنى هو بنفسه أمام الجماهير.

واستوحى بوتير هذه الفكرة من إحدى السيدات وقال آنذاك: "لقد قالت لي شابة صغيرة إن التعبير الثقافي مفيد للرياضيين، اعتقدت أنها فكرة مُميزة ومن خارج الصندوق. نفسح المجال لكل اللاعبين والجهاز الفني للتعبير عن أنفسهم وتنظيم معارض ثقافية على المسرح، الرقم والغناء، قراءة الكتب وغيرها".

ومن ناحية كرة القدم، كانت لبوتير طريقة مُميزة في بناء الفريق وتطويره، إذ إن المدرب الإنكليزي كان يمنح اللاعبين مساحة للتعبير الثقافي، وبالتالي يمنحهم دفعة معنوية وروحاً أكثر لمواجهة التحديات الصعبة التي تفرضها لعبة كرة القدم. لقد كسب بوتير المعركة الذهنية والروحية لكل اللاعبين، وزرع الراحة والحماس لديهم من أجل تقديم الأفضل خلال المباريات.

حلم الدوري الأوروبي و"البريميرليغ"

فاجأ المدرب غراهام بوتير الجميع بعد قيادته فريق أوسترساند المتواضع إلى بطولة الدوري الأوروبي، ولم يكتفِ بظهور عادي بل تأهل للدور الـ32 وواجه فريق أرسنال الإنكليزي، وهي المواجهة التي فتحت له أبواب "البريميرليغ".

نجح بوتير في إقصاء فريق بحجم غلطة سراي في التصفيات التمهيدية بعد تفوقه في مجموع الذهاب والإياب (3 – 1)، وعن تلك المواجهة التاريخية قال بوتير: "لدينا أرباح حوالي 5 ملايين يورو مقابل حوالي 14 مليوناً لغلطة سراي، لكي تتفوق على فريق مثله، الأمر كان مستحيلاً. كان مستحيلاً لكنه يحصل في كرة القدم، الأمر لا يتعلق بالمال فقط بل بما تقدمه على أرض الملعب.

وفعلاً تابع فريق المدرب بوتير مسيرته وصولاً إلى الدور الـ32 لأول مرة، لتضعه القرعة في مواجهة قوية ضد أرسنال الإنكليزي، فيخسر ذهاباً بثلاثة أهداف نظيفة ويفوز إياباً في نتيجة تاريخية (2 – 1) خارج أرضه في ملعب "الإمارات".

بعد هذه المباراة لفت بوتير أنظار أندية "البريميرليغ"، ليفتح له فريق سوانزي سيتي أبواب الشهرة في موسم 2018-2019، ثم ينتقل إلى فريق برايتون في عام 2019، والذي حقق معه أرقاماً جيدة، خصوصاً هذا الموسم بعد إسقاطه كلاً من توتنهام وليفربول، وبدأ يكسب شهرة كبيرة في إنكلترا وينال إعجاب الجماهير والمدربين المنافسين، مثل غوارديولا مثلاً.

 
المساهمون