أقل من خمسة أشهر مرّ على آخر مباريات جيانلويجي دوناروما مع ميلان، في برغامو، ساهم كما فعل طوال الموسم بعودة ميلان إلى دوري الأبطال. بعد المباراة مالديني يؤكد أن دوناروما لم يوافق على عرض الفريق، وبالتالي لن يُجدَّد له.
أيام قليلة ويعلن النادي قدوم مايك مينيان حارساً جديداً للفريق، يلتحق دوناروما بالمنتخب الإيطالي في مغامرته الأوروبية، تلك المغامرة التي ساهم بتحويلها إلى حلم لم يخطر ببال أحد، ساهم بأن يعيش الإيطاليون صيفاً نسوا فيه أيام كلّ الأوقات الصعبة التي مرّت عليهم في الفترة الأخيرة.
دوناروما مع المنتخب كان نجماً كبيراً، تُوِّج الأفضل في ويمبلي، وعاد بعدها ليبدأ مسيرته الجديدة مع فريق العاصمة الفرنسية.
في هذه الفترة يكفي الاطلاع على حساب دوناروما على انستغرام وقراءة التعليقات، جمهور ميلان الذي لطالما هتف له في سان سيرو وتمنى عليه البقاء، تحول إلى أكبر خصومه، بسرعة كبيرة أصبح دوناروما خصم الكورفا سود الأبرز، حتى إنه تفوق ربما على إنتر ويوفي في ذلك، لاعبو إنتر ويوفي يهتف لهم هذا الجمهور عندما يلعبون بقميص إيطاليا، القميص الذي اعتقد الكثيرون أنه سيحمي دوناروما في عودته الأولى إلى سان سيرو، خاصة بعد ما فعله في ويمبلي، لكن ذلك لم يحصل.
اللافتة التي رفعتها الكورفا سود أمام فندق إيطاليا عشية المباراة، كانت إشارة واضحة إلى ما ينتظرنا في مباراة إسبانيا. بعض الجماهير اشتروا التذاكر فقط كي يقوموا بالتصفير عليه، ولم تنفع دعوات الصحافة وزملائه لثنيهم عن ذلك، كلّ الصحف كتبت أن دوناروما يعود بطلاً إلى أوروبا، يعود بقميص المنتخب، حاول الإعلام الإيطالي بكلّ أطيافه منع حدوث ما حصل في المباراة، لكنه لم ينجح.
المنظمون التفتوا إلى الأمر، وحاولوا المساعدة بدورهم. إذاعة أسماء لاعبي إيطاليا عادة يرافقها تحضير كي يتفاعل معهم الجمهور، فيذكر الاسم الأول للاعب ليقوم الجمهور بذكر اسمه الثاني مع صرخة كبيرة. كان لافتاً وواضحاً أنه مقصود أيضاً أن المذيع بدأ بسرعة كبيرة ودون مقدمات بإذاعة أسماء لاعبي إيطاليا، وعندما انتبه الجمهور، كان قد وصل إلى المدافعين، فنجحت عملية حماية دوناروما من الصافرات وقتها.
لكن الذي حصل بعدها كان لافتاً، فغير مسبوق في تاريخ الأتزوري، وعلى الأرجح في تاريخ كلّ المنتخبات في العالم، لاعب توج بلقب كبير قبل أشهر وكان نجمه الأبرز، يصفّر عليه جمهوره كلّما لمس الكرة، في كلّ لقطة كان سان سيرو يضج بالصافرات ضده، لدرجة جعلت حتى لاعبي إسبانيا يحاولون مواساته، كما فعل سيرجيو بوسكيتس، قبل بداية الشوط الثاني الذي من المفترض أن يقف فيه في المرمى الموجود عند الكورفا سود، تأخر دوناروما قدر المستطاع قبل الوصول إليه. كلّ اللاعبين احتضنوه، وقد بدا المشهد خيالياً فعلاً، لاعبو إيطاليا يحتضنون زميلاً لهم لحمايته من غضب جمهور إيطالي.
الجميع في مكانه لبداية الشوط الثاني، دوناروما يسير بخطى ثقيلة نحو المرمى، الصافرات ترتفع أكثر مع اقترابه، يحاول أن يحيي الجمهور من خلال التصفيق، ينظر يميناً وشمالاً كمن يبحث عن مساندة. بعض الجماهير الإيطالية تحاول أن تهتف له، لكن اصواتها تضيع أمام قوة صافرات الكورفا، يصل إلى المرمى، يقف على خطه، يفعل الأمور التي اعتادها، وفي الملعب لا يسمع سوى الصافرات، يحاول جورجيو كيليني التدخل من خلال التصفيق للجمهور، دون أن ينجح في ذلك.
الصافرات ضده استمرت حتى آخر لحظات المباراة، بعض الهتافات له في النهاية، يغادر سان سيرو بعدما عاش واحدة من أسوأ أمسياته دون أن يكون قد تسبب بأهداف خلالها، يغادر وهو يسأل ومعه الكثيرون: هل سينتهي يوماً كابوسه مع الكورفا سود؟