تاريخ المونديال.. من "كأس النصر" إلى "الفار"

07 ديسمبر 2022
كأس العالم بطولة يتابعها الملايين حول العالم (العربي الجديد/Getty)
+ الخط -

صبر العالم حتى عام 1974، حين قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" اعتماد الركلات الترجيحية لحسم مباريات الأدوار النهائية.

إن من الصعوبة الآن تخيّل كيف كان المتعادلون سابقاً مضطرين لإعادة المباراة كلّها في اليوم التالي، بعد انقضاء الوقتين الأصلي والإضافي، مباراة إيطاليا وإسبانيا في ربع نهائي مونديال 1934 هي الأولى التي تعاد ليحسمها المنتخب الإيطالي. وما زلنا في مونديال عام 1974 أيضاً والمقام في مدينة ميونخ الألمانية، حيث سنرى لأول مرة ما نعرفه اليوم بكأس العالم، وتسلمتها ألمانيا الفائزة، بينما كانت قبل ذلك تُسمى "كأس جول ريميه".

نتعرف إلى مثل هذه التفصيلات في كتاب أعدته مؤسسة الحي الثقافي- كتارا في الدوحة، بعنوان "تاريخ كأس العالم من البداية حتى الآن" عبر 500 صفحة مليئة بالمعلومات التاريخية والأرقام حول المنتخبات المشاركة والملاعب والحكام والكرة الرسمية والتمائم، ونظام البطولة والهدافين وحالات الطرد والأهداف العكسية وقرارات المقاطعة، وغير ذلك.

كأس النصر

في عام 1928 كان الاجتماع التاريخي لإطلاق أول بطولة سمّيت "بطولة كأس النصر" وكانت من نصيب أوروغواي التي حققت إنجازين متتاليين في دورة الألعاب الأولمبية، وتسمى اختصاراً "الأولمبياد".

تقرر أن يقام المونديال كلّ أربعة أعوام، والفائز سيحصل على كأس جول ريميه، وهو محامٍ فرنسي له يد طولى في إطلاق هذه البطولة، وهو ذاته صار في ما بعد رئيساً للفيفا.

قبل ذلك، كانت فكرة تأسيس بطولة كأس العالم لأول مرة قد ظهرت في اجتماع للاتحاد الدولي لكرة القدم عام 1904 بحضور سبع دول أوروبية: فرنسا وسويسرا وبلجيكا والدنمارك وهولندا وإسبانيا والسويد، لكن صعوبات مالية وتنظيمية حالت دون التنفيذ كما عارضها الأولمبياد وخشي سيطرة المونديال على اللعبة الأكثر شعبية في العالم.

الدورة الأولى

كانت الدورة الأولى في أوروغواي الوحيدة في تاريخ كأس العالم التي تضم دولاً من أميركا الجنوبية أكثر من أوروبا. وظلت العديد من الدول الأوروبية غير مقتنعة بكأس العالم التي تقام في دولة غير أوروبية على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، حتى الفرق التي شاركت وهي بلجيكا وفرنسا ورومانيا ويوغوسلافيا أقنعها جول ريميه في آخر شهرين قبل المونديال، علماً أنه لم تكن في ذلك الوقت مباريات تصفيات.

احتفظت هذه البطولة حتى اليوم بتسجيل أقل نسبة حضور جماهيري في أي مباراة عندما لعبت رومانيا وبيرو بحضور 300 مشجع، بينما أقيمت المباراة النهائية في 30 يوليو/ تموز عام 1930 في ملعب سنتيناريو بحضور 93000 متفرج.

مقاطعة

المقاطعة الأوروبية جوبهت بمقاطعة أوروغواي في مونديال إيطاليا عام 1934، لتصبح البطولة الوحيدة التي يغيب عنها حامل اللقب، وفيها شاركت مصر نيابة عن قارتين بأكملهما: أفريقيا وآسيا.

لكنّ أوروبيين آخرين قاطعوا مونديال إيطاليا لأسباب أخرى، وهم منتخبات إنكلترا، واسكتلندا، وأيرلندا الشمالية وويلز، لأنهم أساساً يقاطعون نشاطات الاتحاد الدولي لكرة القدم، إذ قال عضو الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم تشارلز سـوتكليف إن البطولة التي تجمع المنتخبات الأربعة أفضل من هذه البطولة العالمية.

في عام 1938 وقد كان المونديال في فرنسا، غضبت قارة أميركا الجنوبية التي كانت تعتقد أن الاستضافة سـتكون بالتناوب مـع قارة أوروبا بعد أن نظمت إيطاليا نسـخة 1934، وعليه لم تشارك أوروغواي والأرجنتين.

الحرب العالمية

إيطاليا التي فازت باللقب احتفظت باللقب لمدة 12 سنة حتى عام 1950 بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية ما بين 1939 و1945، وطوال سنوات الحرب أخفى نائـب رئيـس الاتحاد الدولي لكرة القـدم ورئيـس الاتحاد الإيطالي لكرة القـدم أوتورينـو باراسي الكأس العالمية في علبة حذاء، ووضعها تحت سريره.

في البرازيل

بعد الحرب العالمية فشل فيفا في إقناع أي من الدول الأوروبية التي دمرتها الحرب بتنظيم كأس العالم، فتولت البرازيل المهمة.

في هذه البطولة كان لأول مرة مقعد واحد للمنتخبات الآسيوية، وتأهلت الهند، لكنها انسحبت، فمضت الأحداث الكروية من دون آسيويين، وأوروبياً تراجع منتخب إنكلترا عن مقاطعته وشارك لأول مرة في هذه الكأس.

زمن بيليه

منذ أواخر الخمسينيات ستبدأ موجة نجوم البرازيل عالمياً وأولهم بيليه الذي يبلغ الآن من العمر 82 عاماً وفي استاد 974 بالدوحة رفع الجيل الشاب المرشح للفوز بكأس العالم قطر 2022 لافتة تحمل صورة النجم الذي سطع منذ مونديال 1958 ولم يكن يتجاوز الثامنة عشرة.

ولأن الأوروبيين الذين خاضوا حربين أشعلوها في ما بينهم وقرروا تسميتهما حربين عالميتين، ظلوا منذ بداية كأس العالم إلى اليوم يعتقدون بأنهم يلعبون لعبة أوروبية.

وحتى عقد الستينيات كانت أميركا الجنوبية القشة المزعجة في العين، فقد قاطع البعض مونديال 1938، أما حين جاء مونديال 1962 فقرروا جماعياً مقاطعة البطولة التي أقيمت مرتين متتاليتين في أوروبا سنتي 1954 و1958.

أذعنت أوروبا، فكانت البطولة في تشيلي التي فازت بها البرازيل، بوجود نجوم في مقدمتهم بيليه وماريو زاغالو، وسجل الاثنان اسميهما في كتب تاريخ اللعبة، بفوز الأول بكأس العالم ثلاث مرات 1958 و1962 و1970، والثاني لفوزه مرتين لاعباً في 1958 و1962 ومدرباً في 1970.

أول مقعد لأفريقيا

في هذه النسخة عام 1970 سجل المغرب أولى مشاركاته في المونديال، وذلك بعد أن منح فيفا قارة أفريقيا مقعداً، وفيه بدأ لأول مرة استخدام البطاقات الحمراء والصفراء من الحكّام.

في عام 1974 حصل منتخب ألمانيا الغربية على الكأس بشكلها الذي نعرفه اليوم، باسم كأس فيفا، وصممها الإيطالي سيلفيو غازانيغا، واحتفظت البرازيل بالكأس السابقة "جـول ريميه" مدى الحياة، بعد فـوزها بها ثلاث مرات.

وفيها أيضاً سُجلت أول حالة تعاطي المنشطات في تاريـخ كأس العالم، وكانت للاعب منتخب هايتي أرنست سان جوزيف، في المباراة ضد إيطاليا.

مارادونا الصغير

في عام 1978 بدأت تظهر ملامح لاعب لا يُشق له غبار في ما بعد، وهو الأرجنتيني مارادونا الذي استضافت بلاده هذه البطولة وفازت بها، لكن مدرب المنتخب سيزار لويس مينوتي قرر عدم الاستعانة بهذا الشاب الصغير ذي السبع عشرة سنة، كما أن مركزه صانع ألعاب كان يشغله ماريو كيمبس أحد أبرز الأسماء في عالم كرة القدم ذلك الوقت.

منذ هذه الدورة ستطل المنتخبات العربية بحضور تدريجي أوسع، مع مشاركة تونس لأول مرة في مونديال 1978، تلتها في مونديال 1982 مشاركة الجزائر والكويت، وما زالت المشاركة الجزائرية محفورة في الأذهان خصوصاً مباراتها مع ألمانيا التي فازت بها بنتيجة 2-1.

وفي 1986 حضرت ثلاثة منتخبات هي المغرب والجزائر والعراق، وكان منتخب المغرب أول منتخب أفريقـي وعربي، وثاني منتخب من خارج أوروبا والأميركتين، يتأهل إلى الدور الثاني في تاريخ كأس العالم.

32 منتخباً

مونديال 1994 هو الأول الذي يشهد منح الفائز ثلاث نقـاط في دور المجموعات، بدلاً من نقطتيـن فقط، والأخير الذي يقام بمشـاركة 24 منتخباً بعدما قـرر الفيفا زيادة عدد المنتخبـات إلى 32.

وعربياً ما زال هذا المونديال يذكر بهدف السعودي سعيد العويران في مرمى المنتخب البلجيكي، وقد عدّ واحداً من أجمل الأهداف في تاريخ كأس العالم.

كذلك يسجل في هذه النسخة أنها الأولى التي تشهد مشاركة روسيا في نهائيات كأس العالم منذ تفكك الاتحاد السوفييتي.

زين الدين زيدان

وفـي عام 1998 إذ فازت فرنسا باللقب على حساب البرازيل كان نجم المباراة بلا منازع زين الدين زيدان الذي سجل برأسه هدفين. بطولة كأس العالم هذه هـي الأولى التـي تشهد مشاركة 32 منتخبا والأولى التي تشهد اسـتخدام الحكم الرابـع لوحات إلكترونيـة بدلاً من الورق المقوى، وكذلك تطبيـق قاعدة الهدف الذهبي في الوقـت الإضافي.

في عام 2002 عاد منتخب البرازيل لهوايته في انتزاع الألقاب وكان نجوم ذلك المونديال رونالدو، ورونالدينيو، وريفالدو، وكافو، وروبرتو كارلوس.. وغيرهم.

أسوأ نتيجة عربية

وإذا كانت نتائج تونس سيئة في مونديال 2002، فنتائج المنتخب السعودي كانت أشد سوءاً، مسجلاً أسوأ مشاركة لفريق عربي في تاريخ البطولة، وافتتح مشـواره بخسارة شهيرة على يد منتخب ألمانيا بنتيجـة 8-صفر.

نسـخة 2002 هـي الأولى التي تقام في بلدين مختلفين، اليابان وكوريا، كما أنّها الأولى التي تسـتضيفها قارة آسـيا، وسجل منتخب كوريا الجنوبية أنه أول منتخب من خارج أوروبا والأميركتين يصـل إلى الدور نصـف النهائي من بطولة كأس العالم.

عرفت هذه البطولة تسجيل التركي هاكان شوكور أسرع هدف في تاريخ كأس العالم في شباك كوريا الجنوبيـة خلال مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع، حيث جاء بعد 11 ثانية على صافرة البداية.

في 2006 حصد منتخب إيطاليا لقبه الرابع والأخير إلى الآن. ومما يسجل أن مباراة البرتغال وهولندا أكثر مباراة في تاريخ كأس العالم تشهد بطاقات ملونة، 4 بطاقات حمراء، و16 صفراء.

في عام 2014، فشل منتخب البرازيل في التتويج على أرضه كما وقع المرة السابقة عام 1950، حيث جاء فوزه باللقب خمس مرات خارج البلاد، بل شهد مونديال 2014 خسارة فادحة للبرازيل أمام ألمانيا في نصف النهائي بنتيجة 1-7.

كان منتخب الجزائر ممثل العرب الوحيد في كأس العالم 2014، وقدم أداء طيباً.

بعيدا عن الملاعب
التحديثات الحية

مونديال روسيا

في نسخة 2018، فاز المنتخب الفرنسي في مونديال روسيا معتمـداً على نجومـه كيليان مبابي، وأنطوان غريزمان، وبول بوغبا وغيرهـم، ليدخل مونديال قطر 2022 بوصفه حامل اللقـب.

وأعاد مبابي ورفاقه أمجاد جيل زين الدين زيدان، حيث منحوا فرنسا اللقب الثاني في تاريخ كأس كرة القدم. وسجلت هذه الدورة رقماً قياسياً في المشاركات العربية عبر أربعة منتخبات هـي مصر والسعودية وتونس والمغـرب، ورغـم ذلـك لم يتمكن أي فريق من التأهل للدور الثاني.

شهدت بطولة كأس العالم 2018 استخدام تقنية حكم الفيديو المساعد "الفار"، لأول مرة في تاريخ بطولات كأس العالم.