لم يكن النجم الفرنسي، كريم بنزيمة، صاحب الأصول الجزائرية، في يوم من الأيام، يتوقع تقديراً في مسيرته الاحترافية، أحسن من نيله جائزة الكرة الذهبية، التي قدمتها مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية لقائد ريال مدريد الإسباني، الذي أصبح أفضل لاعب في العالم لعام 2022، وتفوق على جميع منافسيه.
كريم بنزيمة الذي ولد في الـ19 من شهر ديسمبر/كانون الأول عام 1987 في مدينة ليون الفرنسية، تربى على حُب الجزائر بلده الأصلي، التي هاجرت منها عائلته، وتحديداً من مدينة تيقزيرت بولاية تيزي وزو في خمسينيات القرن العشرين، لينشأ الطفل في كنف عائلة تحارب الصعاب.
وتمكن بنزيمة من خطف الأضواء مع أولمبيك ليون، لينتقل بعدها إلى ريال مدريد في صيف عام 2009، ليكتب سطراً جديداً في مسيرته الاحترافية، التي رصعها بالألقاب المحلية والقارية والدولية، لكنه ظلّ وفياً دائماً لبلده الأصلي الجزائر، الذي يوجه له الرسائل بين الفينة والفينة الأخرى.
رسائل بنزيمة دائماً ما يوجهها بشكل مباشر، عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال المقابلات التي يقوم بها مع وسائل الإعلام، بالإضافة إلى اتباعه لعادات وتقاليد الجزائر بلده الأم، حيث شاهدت الجماهير قائد ريال مدريد يتسحر أو يُفطر في رمضان على الطريقة الجزائرية.
أسلوب حياة بنزيمة كما يشاهده المتابع له في مواقع التواصل، يجعلك تدرك مباشرة أن هذا الإنسان جزائري الهوى، من خلال الموسيقى التي ينشرها تارة بتسجيلات مصورة، أو الملابس التقليدية التي يرتديها، بالإضافة إلى اهتمامه كثيراً بنجله الصغير إبراهيم، الذي دائماً ما يرتدي الزي التقليدي الجزائري.
صحيح أن بنزيمة عاش صراعاً مع وسائل الإعلام الفرنسية، خلال فترة ابتعاده عن منتخب "الديوك"، بسبب قضية "الابتزاز" الشهيرة مع زميله السابق فالبوينا، لكنه استطاع بشخصيته القوية مجابهة كل شيء، وعدم إنكار بلده الأم، وبأنه يُحبه عندما رفع العلم الجزائري احتفالاً بنيلهم لقب كأس الأمم الأفريقية، بالإضافة إلى "القصص القصيرة"، التي وضعها على خاصة "الستوري" في حسابه بـ"إنستغرام".
وبعد مضي 13 عاماً على تواجد كريم بنزيمة مع ريال مدريد، فإن صاحب الأصول الجزائرية، استطاع إخضاع أوروبا في الموسم الماضي، بعدما ساهم بقيادة "الملكي" إلى تحقيق لقب المسابقة القارية بفضل أهدافه الحاسمة (سجل 15 هدفاً)، التي جعلته يصعد لمنصة التتويج.
قيادة نادٍ بحجم ريال مدريد ليس بالأمر السهل، لكن بنزيمة استطاع بحنكته وطباعه الجزائرية، أن يحارب كثيراً ويبقى في مستواه، الذي جعل جماهير "الملكي" والرياضة تعترف بأنه أحد أساطير كرة القدم، حتى أن المشجعين العرب أطلقوا عليه لقب "الحكومة"، بسبب قوة شخصيته.
فوز بنزيمة بجائزة الكرة الذهبية أصبح واقعاً الآن، بعدما توقعت الجماهير الرياضية ووسائل الإعلام وأساطير اللعبة حدوثه، بعد نيله الثنائية في الموسم الماضي، لكن كريم يريد مواصلة رحلته الناجحة، عبر تحقيق المزيد من الألقاب.