التعليم الجامعي للاجئين... الفرص المتاحة

08 ابريل 2017
هناك محاولات مضنية لإتاحة التعليم الجامعي للاجئين( Getty)
+ الخط -

 

تُعتبر إتاحة الفرصة للاجئين لاستكمال تعليمهم أمراً في غاية الأهمية وذلك على أكثر من صعيد، فقد أظهرت عدد من الدراسات في العقد الماضي أن وجود فرص للتعليم العالي هي الحافز الأكبر لمن يصل إلى المرحلة الإعدادية (المتوسطة) والمرحلة الثانوية لاستكمال العملية التعليمية، ففي البلدان التي تُفتقد فيها فرص التعليم العالي يقل فيها الالتحاق بالمرحلة الثانوية واستكمالها. كما أن التعليم العالي يعتبر مهماً لأنه يقي المراهق من الوقوع في براثن التطرف والانخراط في الصراع المسلح، وفي دراسة حديثة صادرة عن مؤسسة Rand وجد ارتباط واضح بين قلة فرص التعليم العالي بين الشباب اللاجىء، الناقم على البيئة المحيطة لافتقاده أبسط حقوقه الإنسانية في الحياة الكريمة ولقمة العيش السائغة، وبين رؤيته بأن الصراعات والانخراط في العمل السياسي المسلح هو الخلاص.

وبالتالي على النقيض يعتبر التعليم العالي ملاذاً آمناً نحو صورة أفضل للمستقبل، في ظل ظروف بالغة التعقيد والقسوة.

أما بالنسبة للمجتمع المستضيف فيمكن أن يمثل هؤلاء الشباب وقوداً لحركة اقتصادية منتجة، لو أحسنت الاستفادة مما لديهم من خبرات ومعارف يتم إثراؤها بالتعليم والتدريب في المرحلة ما بعد الثانوية، ولنا في كندا وكيفية استثمارها للشباب اللاجىء مثالاً جيدا في هذا المضمار.

أما بالنسبة للبلد الأصلي، وهو البلد الذي نزح منه أهله ولجأوا إلى الدول المجاورة بحثاً عن الأمان، ففي حالة العودة بعد هدنة أو بعد إحلال السلام ، سوف يمثل هؤلاء الشباب العمود الفقري لإعادة البناء والإصلاح لما تدمر من بنية تحتية ونظم كانت قائمة قبل اندلاع الصراع. ومن ناحية أخرى، سوف يعول على هؤلاء الشباب، المتعلمين المثقفين، في إعادة اللحمة الاجتماعية لمجتمع مزقته النزاعات والخلافات لفترة من الزمن.

والسؤال الأهم: هل هناك فرص متاحة لهؤلاء الشباب لاستكمال العملية التعليمية بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية؟

يمكن حصر البرامج والمبادرات المقدمة في هذا المجال في خمس فئات:

1-    برامج التعليم العالي المقدمة في أماكن اللجوء:

الوصف: هناك العديد من الفرص التعليمية التي يتم تقديمها بالمخيمات أو أماكن تواجد اللاجئين في المناطق الحضرية، يشرف عليها عدد من الهيئات والمنظمات الدولية، تعتمد في

الأساس على التواجد بين اللاجئين من خلال هيئة تدريسية تقوم على المهيئين لهذا الدور من المتعلمين المحليين، بالإضافة إلى الاستعانة بالخبرة الأجنبية في تقديم المواد التعليمية. تعتمد العملية التعليمية على أسلوبي التعلم الفردي والجماعي وهناك فرص متاحة للدعم الأكاديمي والأنشطة المرتبطة بالعملية التعليمية.

الميزة: التواجد بين اللاجئين في أماكنهم - أغلب البرامج لا تحتاج لأي مصروفات، المزج بين الخبرة المحلية والأجنبية.

 التحديات: توفير الكادر التعليمي ذي الكفاءة - التعاون والشراكة مع هيئات أكاديمية للإشراف على البرنامج ومن ثم اعتماده لتقديم شهادات تخرج للطلبة معتمدة.

أبرز البرامج: 

- التعليم العالي بلا حدود للاجئين (برنامج يقدم بالتعاون مع جامعة كينياتا في كينيا - جامعة نيويورك وجامعة بريتش كولومبيا) في أكبر مخيم للاجئين على مستوى العالم وهو مخيم داداب في كينيا.

-التعليم عن بعد (المقدم من قبل مجلس اللاجئين النرويجي) في الأردن.

-الجامعة السورية الحرة (التي تقدم دعمها للطلبة من الأراضي التركية) ويحتوى برنامجها على 13 تخصصاً  تقدم العملية التعليمية نخبة من علماء سورية في الخارج.



2- منح التعليم العالي المقدمة من البلد المستضيف

الوصف: تعتبر هذه الفرصة هي الأقدم تاريخياً، حيث يتم تقديم المنح الكلية أو الجزئية كي يستطيع الطالب اللاجئ استكمال مسيرته التعليمية بالانخراط في إحدى جامعات البلد المستضيف، تقدم تلك البرامج العديد من الفرص، منها منح للحصول على شهادة الدبلوم، ومنها منح للدراسات الجامعية ( ليسانس - بكالوريوس)، ومنها الدراسات العليا (ماجستير

ودكتوراه). بعض البرامج تقدم الدعم للطلبة للتعرف على كيفية النجاح في مرحلة اختيار المتقدمين، مثل كيفية كتابة طلبات الترشح، كتابة السير الذاتية، تحسين اللغة الإنكليزية.

الميزة: قرب الطالب من أماكن تواجد أهله (المخيم أو المدن الحضرية في البلد المستضيف) - قلة التكاليف المالية - فرص العمل في البلد المستضيف تتضاعف.

العيوب:  في كثير من الأحيان تكون لغة البلد المستضيف مختلفة عن لغة اللاجئ، وبالتالي يعاني اللاجئون في عملية تعلم لغة جديدة مما يستغرق عاماً أو أكثر قبل التمكن من تقديم أوراق الترشح، ثم هناك التنافس الكبير لقلة المنح المقدمة لو قورنت بعدد الراغبين في الحصول عليها (في بعض الأحيان الراغبون يفوقون الحاصلين على فرص المنح بأربعة أضعاف).  

أبرز البرامج: برنامج DAFI المقدم من الاتحاد الأوروبي، وتوزع المنح على اللاجئين في الدول العربية التالية: مصر، العراق، الأردن، لبنان، فلسطين، اليمن وسورية، وقد تضاعفت المنح الممنوحة العام الماضي عن الأعوام التي سبقته، فقد استفاد 515 طالباً بين عامي 2010 -2015 من هذا البرنامج، أما العام الماضي وحده فقد تم فيه توفير 2300 منحة.


3- المنح الدولية:

 الوصف:  منح للدراسة في إحدى الجامعات الأوروبية بالولايات المتحدة أو في أميركا اللاتينية من خلال تعاون ما بين إحدى الجمعيات الأهلية أو بين المجتمع المدني وتلك الجامعات، بحيث تقوم الجامعة بتحمل تكاليف دراسة الطالب اللاجئ مستوفي الشروط خلال فترة دراسته مع شرط أساسي وهو التفوق خلال سنوات الدراسة.

الميزة: اعتماد الشهادة الجامعية - أسلوب تعلم متطور ومتقدم.

العيوب: هناك بالإضافة إلى تكاليف الدراسة تكاليف المعيشة وهي ليست بالهينة حتى يستطيع الطالب تدبرها - الخروج من بيئة اللجوء (في مخيمات أفريقيا مثلاً) إلى أوروبا يكون تحولاً صعباً ويحتاج إلى تمهيد نفسي لا تتاح له الفرصة.  

أبرز البرامج: اتحاد الجامعات الفرنكوفونية - المنصة الدولية للطلبة السوريين- برنامج الطلبة العراقيين - منح الهيئة السويدية للدراسات - منح شيفينينج .

4- منصات التعلم الإلكتروني (والتعلم الممزوج)

الوصف:  تقدم هذه البرنامج من خلال مزج التعليم التقليدي داخل المخيم أو مراكز لتجمع الطلبة مع جزء معتمد على التعلم الإلكتروني، وهذه البرامج في أغلبها تفتح لكافة الفئات حتى من المهمشين وأصحاب المستوى الاقتصادي الضعيف من أهل البلد المستضيف، وتعمل على توفير المهارات والقدرات الأكاديمية التي يحتاجها الطالب لمواصلة العملية التعليمية، فمنها ما يعمل على تنمية مهارة اللغة، ومنها ما يعمل على تنمية مهارات التعلم نفسها ومهارات الحياة، وبعضها يقدم البرامج المتخصصة، التي لو اتبعها الطالب واحدة بعد الأخرى ستمكنه من أن يتخرج

بشهادة معتمدة في تخصص معين.

الميزة: وجود دعم من خلال ميسرين متدربين على تعليم الطلبة مهارات الحاسب الآلي - توفير مراكز فيها أجهزة الحاسب الآلي - العمل على الاحتياجات الحقيقية للطلبة.

على الرغم من أن  هذه البرامج في طورها الأول، إلا أنها سرعان ما أثبتت مصداقيتها حتى أن 50% من البرامج المقدمة مدعمة بشهادات معتمدة من هيئات وجامعات أكاديمية مرموقة.

القدرة على التوسع الأفقي (عددياً) بالمقارنة مع النموذج الثاني والثالث المعتمدين على ميزانيات ضخمة.

 العيوب: أغلب المحتوى التعليمي على شبكة الإنترنت باللغة الإنكليزية - الحاجة إلى بنية اتصالات قوية حتى لا ينقطع الإنترنت أثناء العملية التعليمية - قلة الأجهزة في عدد من المراكز - البعد عن أماكن تمركز اللاجئين.

أبرز البرامج: الجامعة العربية المفتوحة - إدراك (للمساقات الجماعية مفتوحة المصدر باللغة العربية)- دورات كورسيرا (وهناك خطة لدورات محددة تقدم لفئة اللاجئين) جامعة كيرون في برلين بألمانيا - جامعة الشعب ( كاليفورنيا).

5- المنصات التعريفية

الوصف: هي مجرد منصات ووسائل توعية وتعريف بالفرص والبرامج المتاحة الخاصة باللاجئين، وهو مجهود كبير كان مطلوباً لأن التحدي الأكبر هو "الدعاية والتعريف" بما هو موجود على أرض الواقع وربط الطلبة بالفرص المتاحة، ومن أبرز هذه المنصات رابطة التعليم العالي للاجئين- مبادرة جامعتين (في الأردن) - منصة الجامعات المفتوحة للاجئين وتغطي بصورة أساسية الفرص في ماليزيا وتركيا - أما برنامج اليونسكو "YES: Youth Education for Stability Program"  فهو برنامج موجه لتعريف الطلبة اللاجئين في كل من العراق وسورية والأردن ولبنان بما تقدمه المؤسسة وغيرها من المؤسسات من منح ودراسات.

 

المساهمون