موجة أنفلونزا تقلق غزّة

08 يناير 2015
أزمات حادة في الأدوية والمستلزمات الطبيّة (جوستين سوليفان/Getty)
+ الخط -
انتشر الذعر بين الغزاويّين أخيراً، بعدما كشفت مصادر طبية فلسطينية إصابة عدد من المواطنين بأنفلونزا أتش1 أن1 في القطاع. ومما زاد حدّة التوتر في المستوصفات الطبية والمستشفيات، هو تهافت الناس إليها مع تخوّفهم من موجة جديدة لإحدى سلالات الأنفلونزا، في ظلّ معاناة الطواقم الطبيّة من أزمات حادة في الأدوية والمستلزمات الطبيّة.

وكان الناطق باسم وزارة الصحة في حكومة الوفاق، أسامة النجار، قد أعلن، في منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، عن ظهور إصابات عدّة بفيروس أنفلونزا أتش1 أن1 في غزّة، مع تسجيل إصابات ووفاة لمواطن من مدينة خانيونس.

ويقول النجار، لـ"العربي الجديد"، إن وزارة الصحة في رام الله تتابع الوضع الصحي في القطاع بشكل دقيق، وقد أرسلت إليه أدوية خاصة بالمرض، وهي في صدد إرسال آلات فحص مخبريّة، مشيراً إلى أنه تمّ تحويل عدد من المصابين إلى مستشفيات الضفة الغربيّة.

من جهته، يحاول مدير دائرة الطب الوقائي في وزارة الصحة، مجدي ضهير، التهدئة من روع الأهالي قائلاً، لـ"العربي الجديد"، إن هذا النوع لا يختلف عن الأنفلونزا التي غزت العالم في عام 2009. وهي كانت حينها قد سمّيت خطأً "أنفلونزا الخنازير". يضيف أنه "في ذلك الحين، اعتُقد أنها تشكل خطراً كبيراً على صحّة الإنسان، لكنه وبعد انتشارها تبيّن أن خطرها ليس مميتاً".

ويوضح ضهير أن منظمة الصحة العالميّة أعلنت، في أغسطس/ آب عام 2010، عن انتهاء وباء أنفلونزا أتش1 أن1 وتحوّله إلى أحد أنواع الأنفلونزا الموسميّة العاديّة. يضيف أن "أولى الإصابات بذلك النوع ظهرت مع بداياته في القطاع والضفة في عام 2010. ونحن سنوياً نسجل حالات إصابة موسميّة بالأنفلونزا، سواء أكان سببها فيروس أتش1 أن1 أو سلالات أخرى من فيروسات الأنفلونزا". ويؤكد أن إمكانايات تشخيص جميع أنواع الأنفلونزا التي تنتشر في فصل الشتاء متوفّرة.

ويرجّح ضهير أن تكون نسبة 50 في المئة من حالات الأنفلونزا التي يصاب بها المواطن الغزاوي يومياً، من نوع أتش1 أن1، وبالتالي لا داعي للتخوّف من خطورة لا تؤثّر إلا على بعض ذوي المناعة الضعيفة.

إلى ذلك، لفتت مصادر طبيّة في رام الله إلى أن انتشار الفيروس في الأراضي الفلسطينيّة سببه المسافرون الوافدون من دول الخارج، وبالتالي فإن الاحتكاك بهؤلاء الوافدين يتسبّب في انتقال العدوى، تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى سلالات فيروس الأنفلونزا الأخرى، من خلال التنفس والهواء.

أما مدير المستشفى الأوروبي في غزة، سمير أبو دراز، فيتحدّث لـ"العربي الجديد"، عن حالات في جنوبي القطاع تعاني من أنفلونزا أتش1 أن1 استقبلها المستشفى وعاينها ووصف العلاج المتوفّر لها. لكنه يشدّد على أنه "لا يمكن اعتبارها وباءً في داخل القطاع".

ويشير أبو دراز إلى عدم توفّر علاج محدّد مناسب لهذا النوع من الأنفلونزا، نتيجة الحصار وبسبب عدم تلقي وزارة الصحة هذا النوع من العلاجات منذ فترة طويلة.

أحمد جمال، طبيب جرّاح من التابعيّة الباكستانيّة متخصّص في الوبائيات، يقيم منذ شهر في قطاع غزّة. هو قصد القطاع من ضمن وفد طبي آسيوي يضمّ أطباءً من ماليزيا وباكستان وسنغافورة. يخبر "العربي الجديد" أنه "في خلال عملي على مدى شهر هنا، وجدت أن الأشخاص الذين أعالجهم يعانون من ضغف في المناعة بنسبة 50 في المئة. وهذا خطر حقيقي يعاني منه الغزاويّون، في ظل حروب متكررة تجعل الأمراض والأوبئة تنتشر بصورة سريعة محتملة".

ويوضح جمال أنه من الطبيعي أن ينتقل المرض بين الغزاويّين، في حين يعيش آلاف منهم من دون منزل وتختلط أعداد كبيرة في المدارس، وذلك من دون توفّر فرق طبيّة متخصصة. وهذه معطيات تجعل انتشار وباء أنفلونزا أتش1 أن1 بشكل كبير في القطاع، أمراً محتملاً.

ويشير جمال إلى هذا النوع من الأنفلونزا انتشر في بداياته قبل أعوام، في الدول النامية وفي دول جنوب شرق آسيا والدول الأفريقيّة وبعض الدول الأوروبيّة. لكن عدد الوفيات أتى في دول أفريقيا وآسيا أكبر بالمقارنة مع الدول الأوروبيّة. ويشرح أن "أوروبا عملت على تطوير علاجات تقضي على هذا المرض. وبناءً على ذلك، أعلنت منظمة الصحة العالميّة أن شأنه شأن أي أنفلونزا موسميّة". ويلفت إلى أن هذا التطوّر العلاجي لم يصل إلى الدول النامية ولا إلى غزّة. لكن في القطاع تتوفّر مضادات حيويّة تساعد في التخفيف من أعراض هذا النوع من الأنفلونزا فقط، من دون أن تقضي عليه كلياً".
دلالات
المساهمون