7 ملايين أميّ في العراق... ما خطة الحكومة؟

20 أكتوبر 2021
عدد الأميين يزيد عن 7 ملايين شخص (Getty)
+ الخط -

تسعى السلطات العراقية في العاصمة بغداد إلى خطة جديدة هدفها احتواء مشكلة الأمية التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق في البلاد، وفقاً لمسؤولين أكّدوا أن المشكلة تطاول الأطفال والشباب من الجيل الجديد، وهناك تسرب كبير من مقاعد الدراسة إلى سوق العمل.

ووفقاً لإحصاءات غير رسمية، فإنّ عدد الأميين ممن لا يجيدون القراءة والكتابة يزيد عن 7 ملايين شخص من أصل 41 مليون عراقي، بواقع نحو ربع المجتمع، بينما يذهب مراقبون إلى أن العدد أكبر من هذا بكثير، خاصة في مناطق الجنوب والمدن التي ضربها الإرهاب وعطّل الحياة فيها لسنوات شمالي وغربي البلاد.

وزارة التربية العراقية وضعت أخيراً خطة لإعادة تنشيط مراكز محو الأمية، واستقطاب الأميين، وفقاً لآلية غير معقدة للدوام في المراكز.

المتحدث باسم المكتب التنفيذي لمحو الأمية التابع لوزارة التربية مؤيد العبيدي، قال إن "الوزارة وضعت خطة لتفعيل مراكز محو الأمية في عموم مدن البلاد"، مبيناً في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) أن "الدوام في المراكز سيكون مع انطلاق العام الدراسي الجديد (بداية الشهر المقبل)".

وأوضح أن "هناك آلية للدوام في المراكز، وهو المقرر منذ انطلاق الحملة عام 2012 وحتى الآن، حيث يكون يومي الجمعة والسبت في المدارس لعدم وجود بنايات خاصة بمحو الأمية"، وأضاف أن "الدوام لهذا العام سيكون في المدارس السابقة نفسها، ولا يتعارض مع دوام التعليم العام".

ووفقاً لخطة الوزارة، فقد بدأ التسجيل في مراكز محو الأمية مبكراً، وما يزال مستمراً، وتم الإعلان عن التسجيل في كافة المراكز التي يرغب الأميون في الالتحاق بها، وقد هيّأت الوزارة كادراً متكاملاً من المعلمين، فضلاً عن وجود عقود مع المحاضرين من أقسام محو الأمية المنتشرة في المديريات العامة للتربية.

وأشار إلى أن "المكتب التنفيذي سيجهز الجميع بالكتب المنهجية والقرطاسية، كما سيتم التعاون مع التلفزيون التربوي، لتسجيل الدروس الخاصة بمناهج محو الأمية من قبل المعلمين في المراكز وبثها من خلال فضائية التلفزيون التربوي، بعد إكمال الإجراءات والموافقات، ليتسنى لدارسي محو الأمية الاستفادة منها في أوقات تحدد من قبل وزارة التربية".

وشدد على أن "الوزارة تخطط للقضاء على الأمية في البلاد، باعتبارها آفة خطيرة، عبر سعيها الدائم لدعم مراكز محو الأمية وتشجيع الأميين على التسجيل في تلك المراكز"، مشيراً إلى أنّ "شهادة محو الأمية تعتبر معادلة لشهادة الصف الرابع الابتدائي، بعد اجتياز مرحلة الأساس والتكميل".

وأوضح أنه "توجد في مراكز محو الأمية صفوف الخامس والسادس بالنسبة للدارس الذي يكمل مرحلة الأساس ويرغب في الحصول على شهادة الخامس والسادس"، موضحاً أن "بإمكان الدارس إكمال دراسته ويحصل على فرصة التعليم المتقدمة في هذه الصفوف التي سيكون دوامها 4 أيام في الأسبوع، أسوة بدراسة التعليم العام".

وتعدّ الأزمات والحروب والمشاكل الداخلية التي يعانيها العراق أهم أسباب تفشي الأمية داخل المجتمع، إذ حرم ملايين العراقيين خلال السنوات الأخيرة من فرص التعليم، لا سيما مع أزمة النزوح في البلاد.

مسؤول في الوزارة أكد أن "السنوات الست الأخيرة التي أعقبت الحرب على الإرهاب (تنظيم داعش) أضافت أكثر من مليون أمي للبلاد، أغلبهم من الأطفال والشباب والفتيات أيضاً"، وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن "الوزارة لديها إحصائيات بأعداد غير الملتحقين بالمدارس ممن تجاوزت أعمارهم الست سنوات، وممن تركوا الدراسة بأعمار أكبر، خلال السنوات الست الأخيرة، وهي تزيد عن مليون فرد".

وأكد أن "غالبية هؤلاء أجبرتهم الظروف المعيشية على ترك الدراسة، وأن غالبيتهم من العوائل النازحة"، مبيناً أن "الوزارة ليست سبباً في المشكلة، وإنما الظرف الحالي هو الذي تسبب في ذلك".

ويؤكد مختصون في الشأن المجتمعي أن تفشي الأمية في المجتمع مرتبط بأزمات البلاد وسوء إدارتها، وقال الباحث المجتمعي عدنان الحياني، لـ"العربي الجديد"، "أرقام غير المتعلمين في البلاد كبيرة جداً، وانتشار الأمية مرتبط بالوضع العام للبلد، فأزمة النزوح، والفقر، والبطالة، وعدم توفر فرص العمل، وغيرها من الأزمات التي نتجت عن أزمات سوء إدارة البلد، تسببت في تفشي الأمية في المجتمع".

وأوضح أن "الأمية تعد من أخطر الآفات التي تهدد استقرار المجتمع، فغير المتعلم يكون عرضة للانجرار إلى العمل غير المشروع، والارتباط بتنظيمات إرهابية وعصابات مسلحة وما إلى ذلك، الأمر الذي يتطلب دراسة حكومية واعية تضع مشروعاً متكاملاً للقضاء على هذه الآفة"، مؤكداً "لم نلمس من الحكومات الحالية والسابقة أي خطط رصينة، بل كل ما في الأمر إنشاء مراكز لمحو الأمية فقط، من دون وضع حلول لأساس المشكلة".  

ويؤكد أميون صعوبة التحاقهم بمراكز محو الأمية، لا سيما مع حاجتهم للعمل اليومي، ويقول عبد الله محمد، ذو الـ23 عاماً، "أجبرتنا الظروف المعيشية على ترك الدراسة في مراحل عمرية سابقة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أنه "لا يمكنني اليوم الالتحاق بمراكز محو الأمية، فأنا أعمل بأجور يومية ولا أستطيع أن أترك العمل الذي يعد مصدر دخل عائلتي".

وشدد على أن "التعلم الذي حرمنا منه يحتاج إلى ظرف مناسب. لا يمكن لنا أن ندرس في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة".

وكانت وزارة التربية العراقية قد أطلقت في عام 2012 الحملة الوطنية لمحو الأمية، ودعت المواطنين إلى التسجيل في مراكزها المختلفة في محافظات البلاد، للقضاء على الأمية، إلا أن المشروع تعرض للإهمال وقلة الدعم.

المساهمون