7 دقائق مؤلمة لعائلة الأسير حسين مسالمة مع ابنها

22 يناير 2021
+ الخط -

لم تقوَ الفلسطينية سُهيلة مسالمة (55 عاماً)، وهي والدة الأسير المريض بالسرطان حسين مسالمة (38 عاماً) من مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية، على الحديث جراء الصدمة التي عاشتها بعد أن سمح الاحتلال لها ولوالده محمد مسالمة (61 عاماً)، بزيارته في "مستشفى سوروكا" في مدينة بئر السبع، الإثنين الماضي، لمدة لا تتجاوز السبع دقائق.

الدقائق السبع من الزيارة المؤلمة، هي الزيارة الوحيدة التي حظي بها كافة أفراد عائلة مسالمة بحسين، منذ عامين، بسبب منع إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي الزيارة عنه، ومن ثم تذرّع الاحتلال بإجراءات كورونا لمحاربة الفيروس، علماً أنّ حسين معتقل منذ العام 2002 وهو أكبر أبناء العائلة.

الأسير حسين مسالمة- فلسطين (العربي الجديد)

عانى مسالمة من أوجاعٍ شديدةٍ في البطن على مدار الشهرين الماضيين، ولم تكترث سلطات الاحتلال لوضعه، هي التي تتعمّد في كلّ مرة ترك الأسرى الفلسطينيين للأمراض حتى تستفحل في أبدانهم. وهذا ما حصل مع الأسير المريض حسين مسالمة، الذي يقول شقيقه خليل لـ"العربي الجديد"، "إنه بدأ ينهار تدريجياً بعد معاناته مع آلامٍ قويةٍ في البطن، وبدأ يفقد قدرته على التنفس، وبدلاً من نقله إلى المستشفى، كانت إدارة السجن تُحضر أحد الأطباء لعلاجه فقط  بالمُسكنات. وتمّ تشخيص إصابته بالتهابٍ في الدم، حتى أُدخل إلى قسم العناية المركّزة في مستشفى سوروكا، عقب تدهور وضعه الصحي وتأكيد إصابته بسرطان الدم، قبل أكثر من أسبوعين".

يؤكد شقيق الأسير مسالمة، أنّ والدته تعاني من وضع نفسي صعب، نتيجة ما آل إليه الوضع الصحي الحَرِج لشقيقه حسين، فيما يؤكد محمد مسالمة (61 عاماً)، والد الأسير، لـ"العربي الجديد" أنّ زوجته غادرت غرفة العناية المركّزة التي يرقد فيها حسين، لأنها لم تحتمل التغيّرات التي فرضها المرض على جسد حسين، والتي دفعتها للقول لزوجها: "لم أعرف ابني، هذا ليس حسين".

 

يصف والد الأسير مسالمة، لحظة خروج زوجته سُهيلة (55 عاماً)، من غرفة العناية المركّزة حيث يرقد حسين، بالقول لـ"العربي الجديد"، "إنّها بدت مُرتبكة في المشي حين خروجها من الغرفة، ثم صارت تُردد "ابني ميت، ابني ميت"، وعندها حاولت تهدئتها وسقايتها كوباً من الماء، ثم أجلستها في غرفة الانتظار، لأدخل أنا إلى زيارته لمدة سبع دقائق منحتنا إياها سلطات الاحتلال لرؤية ابننا حسين كُلّ على حِدة".

في اللحظة التي وقع نظر الأب المكلوم على ابنه، فَهِم جيّداً سبب الصدمة التي ألمّت بزوجته، ويقول: "شعرت بالصدمة أنا أيضاً، من الهيئة التي صار عليها ابني حسين، أنا أعرفه نحيلاً، وجدته متضخماً في السرير، هذا ليس رأسه أو أنفه، وهاتان ليستا عيني حسين".

لم يحتمل الأب كما حال الأُم، رؤية جسد ابنهما منتفخاً لدرجة أنهما استصعبا التعرّف عليه في بادئ الأمر، وهما اللذان ينتظران الإفراج عنه، بعد أقلّ من عامين، لانتهاء محكوميته البالغة عشرين عاماً. وعلى إثر المشهد الأليم الصادم، وقعت مشادة كلامية بين والد الأسير المريض، وأربعة أفراد من حراس الاحتلال المتواجدين في غرفته وأمامها، حتى حضر أحد الأطباء المسؤولين عن المتابعة الصحية لحالة الأسير حسين.

 كرّر الطبيب مخاطباً والد الأسير، ستّ مرات، أنّ وضع حسين الصحي "صعب"، عندما سأله صراحةً عن وضعه.

تناشد العائلة الجهات والمنظمات الدولية، العاملة في حقل حقوق الإنسان، التدخل الفوري والفاعل، للإفراج السريع عن ابنها المريض، حتى تتمكن من علاجه، وقد حمّل والد الأسير، محمد مسالمة، السلطة الفلسطينية المسؤولية عن حياة ابنه وملف الأسرى كاملاً. وفي معرض حديثٍ مؤثر أدلى به والد الأسير، أمس الخميس، أثناء وقفة تضامنية مع ابنه وسط مدينة بيت لحم قال: "منذ زارته والدته ووضعها غير طبيعي، تصحو أثناء الليل وتبدأ بالصراخ"، ثم تابع هو بالقول: "إذا كان ابني سيموت، ليمت على الأقل في حضني".

يُشار إلى أنّ 700 أسير مريض في سجون الاحتلال، منهم قرابة 300 يعانون أمراضاً مزمنة، وبحاجة إلى علاج ومتابعة صحية حثيثة، ومنهم على الأقل 11 أسيراً يعانون من السرطان بدرجات متفاوتة، نذكر منهم الأسير حسين المسالمة، ووضعه خطير، وموفق عروق، من الأراضي المحتلة عام 1948، وياسر ربايعة، من بيت لحم.

ومن الجدير ذكره أنّ أربعة أسرى ارتقوا شهداء خلال العام الماضي وهم: نور الدين البرغوثي، سعدي الغرابلي، داوود الخطيب، وكمال أبو وعر، حيث شكّلت سياسة القتل البطيء، ومنها الإهمال الطبي، سبباً مركزياً في استشهادهم، علماً أنّ عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967، يبلغ 226، مع الإشارة إلى أنّ عشرات الأسرى المحرّرين ارتقوا شهداء بعد فترة وجيزة على تحرّرهم، نتيجة لأمراض ورثوها خلال سنوات اعتقالهم، بحسب معطيات لنادي الأسير الفلسطيني.

المساهمون