كشفت مؤسسات حقوقية تُعنى بشؤون الأسرى، اليوم الأربعاء، أنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت نحو 438 فلسطينياً وفلسطينية خلال شهر مارس/ آذار 2021، من بينهم 69 طفلاً، ضمنهم فتاة قاصر، و11 من النساء، وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداري الصادرة 105 أوامر اعتقال إداري، بينها 28 أمراً جديداً، و75 أمر تجديد.
وأشارت مؤسسات الأسرى وحقوق الإنسان (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة –القدس)، في تقرير صدر عنها اليوم، إلى أن عدد الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال بلغ حتى نهاية شهر مارس/ آذار 2021 نحو 4450 أسيراً، بينهم 37 أسيرة، فيما بلغ عدد المعتقلين الأطفال والقاصرين في سجون الاحتلال نحو 140 طفلاً، وعدد المعتقلين الإداريين نحو 440 معتقلاً.
بلغ عدد المعتقلين الأطفال والقاصرين في سجون الاحتلال نحو 140 طفلاً، وعدد المعتقلين الإداريين إلى نحو 440 معتقلاً
وأكدت مؤسسات الأسرى أنه من خلال المتابعة اليومية لقضايا الأسرى، فإنّ سلطات الاحتلال تنتهج سياسة الاعتقال الإداري، وتسرق أعمار العشرات من الفلسطينيين، تحت ذريعة وجود "ملف سرّي"، وبدعم من المحاكم العسكرية الصورية، حيث بلغ عدد الأسرى الإداريين حتى نهاية شهر مارس/ آذار 2021 قرابة الـ440، غالبيتهم يقبعون في سجون عوفر، ومجدو، والنقب، وبينهم طفلان وثلاث أسيرات.
ووفقاً للمتابعة، فإن مخابرات الاحتلال أصدرت، منذ مطلع العام الجاري، 278 أمر اعتقال إداري بين أوامر جديدة وأوامر تجديد، علماً أن غالبية الأسرى الإداريين هم أسرى سابقون أمضوا سنوات في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ومنذ أواخر عام 2011، وبداية عام 2012 حتى اليوم، نفّذ عشرات الأسرى إضرابات عن الطعام لمواجهة سياسة الاعتقال الإداري، ومنهم من أضرب عدة مرات، من بينها إضراب جماعي خاضه الأسرى الإداريون عام 2014، واستمر لمدة 62 يوماً.
وقد سُجلت العشرات من الشهادات لجملة من الانتهاكات الجسيمة خلال الإضرابات التي خاضها الأسرى، عبر أدوات تنكيلية ممنهجة مارستها إدارة سجون الاحتلال.
ويواجه الأسرى الأطفال في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وعددهم 140 طفلاً، سياسة الإهمال الطبي (القتل البطيء)، كذلك الحال مع الأسرى المرضى في السجون، عبر عدة أدوات ممنهجة، أهمها المماطلة في تشخيص المرض، وتقديم العلاج اللازم.
وتُشكل سياسة الإهمال الطبي أبرز الأدوات التّنكيلية الممنهجة التي تُمارسها إدارة سجون الاحتلال بحقّ الأسرى، ومنهم الأطفال، والتي أدت على مدار عقود ماضية إلى استشهاد العشرات من الأسرى.
من جانب آخر، شهدت الحركة الأسيرة، مُنذ بداية العام الحاليّ، تفشّي فيروس كورونا في السجون الإسرائيليّة، خاصّة سجنَي النقب وريمون، وسبقهما سجن جلبوع الذي شهد ما يقارب 100 إصابة خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
وأثار الانتشار الواسع للفيروس داخل سجون الاحتلال قلق المؤسسات التي تُعنى بشؤون الأسرى، خاصّة بعد رفض سلطات الاحتلال الإفراج عنهم، في ظّل جائحة عالميّة واسعة الانتشار، واحتجازهم في بيئة لا تصلح للعيش الآدميّ، وتفتقر إلى أدنى مقومات النظافة والسلامة، إضافةً إلى طبيعة الازدحام الموجود في السجون التي تجعل منه بيئة خصبة لانتشار الفيروس.
ووصل عدد الإصابات بفيروس كورونا التي سُجّلت منذ شهر مارس/ آذار 2020، إلى نحو 367 حتى تاريخ إصدار التقرير.
وعانى الأسرى منذ بداية الجائحة العديد من الصعوبات، المتمثّلة بالتخوفات المستمرة على عائلاتهم، وانتشار الفيروس داخل السجون، واستمرار قوات الاحتلال بانتهاكاتها، حيث قلّلت من الأصناف الموجودة في "الكانتينا"، وخاصّة أدوات التنظيف والمنظّفات ومواد التعقيم. وعانى الأسرى أيضاً من قلّة المواد المُقدَّمة من الإدارة، في الوقت الذي تفّشى فيه الفيروس في السجون.
وبالرغم من الجائحة، زادت سلطات الاحتلال من وتيرة الاعتقالات خلال الجائحة، ضاربةً عُرض الحائط بكلّ ما تدّعيه من اهتمامها بحقوق الإنسان، إذ اعتقلت منذ بداية الجائحة 5035 فلسطينياً، منها 1290 حالة اعتقال منذ بداية العام الحاليّ، أي منذ بداية الانتشار الواسع للفيروس داخل السجون.
وعلى الرغم من أن إدارة سجون الاحتلال لم تتهيأ بظروفٍ مناسبة لمواجهة الفيروس، إلّا أنّها أيضاً اتبعت سياسة الإهمال الطبّي بحقّ الأسرى الذين أصيبوا به، بل ولم تتابع حالتهم الطبيّة بعد انتشار الفيروس، وخاصّة الحالات المرضيّة.
ونتيجة لازدياد أعداد المصابين بالفيروس، وعدم قدرة قسم 8 في سجن "ريمون" على استيعاب الأعداد، نُقل 26 أسيراً بعد أسبوعين من وجودهم في ريمون إلى قسم الحجر في سجن سهرونيم، حيث عانوا من ظروفٍ صعبة.
وبعد مرور أسبوع على وجودهم في قسم الحجر في سهرونيم، بدأت الأعراض بالزوال، فلم تُجرِ إدارة السّجن الفحص لهم قبل إعادتهم إلى سجن النقب، بل نقلتهم فوراً إلى قسمهم.
ويُعاني الأسرى في السجون منذ بداية الجائحة وانتشارها داخل السجون من قلّة التعقيم والتنظيف، إذ تُماطل الإدارة في توفير مواد التعقيم، وتكتفي برشّ الحمامات والمغاسل بالكلور كلّ يومين.
على صعيد آخر، استمرت سلطات الاحتلال في تنفيذ عمليات الاعتقالات والاقتحامات للبلدات والأحياء في القدس، حيث بلغت حالات الاعتقال في مدينة القدس، خلال شهر مارس/ آذار الماضي 169 حالة اعتقال، بينها 47 قاصراً/ة، و10 إناث، بينهن فتاة قاصر.
أما عن الحبس المنزليّ (الإقامة الجبرية في المنزل)، فأشارت مؤسسات الأسرى إلى أنه إجراء تتبعه سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين، ولا سيما المقدسيين، وتستهدف بشكل خاص الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 18 عاماً، حيث تفرج عنهم من السجن بعد تقديم لوائح اتهام ضدهم بشرط "الحبس المنزلي"، لحين انتهاء الإجراءات القانونية، وخلال ذلك تجري الجلسات، وقد تمتد فترة الحبس المنزلي لسنوات، وتنتهي بالحكم بالسّجن الفعلي أو "ساعات العمل المجاني في مؤسسات تابعة لسلطات الاحتلال، أو فرض دورات وغرامات مالية".
وخلال شهر مارس/ آذار الماضي، قمعت سلطات الاحتلال بقرار من "وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال أمير أوحانا"، فعاليتين اجتماعيتين بمناسبة "يوم المرأة" و"يوم الأم"، من تنظيم المركز النسوي - نادي جبل الزيتون، بحجة أن الفعالية تُقام تحت طابع وطني فلسطيني بدعم السلطة الفلسطينية وتمويلها، دون تصريح أو مكتوب متفق عليه، وذلك حسب قانون تطبيق اتفاق الوسط بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة "تحديد النشاطات 1994" - حسب ما جاء في قرار المنع.
واعتقلت في المرتين مديرة المركز إخلاص الصياد، واعتقلت خلال منع فعالية "يوم المرأة" مصممة الأزياء منال أبو سبيتان.
في غضون ذلك، أكدت مؤسسات الأسرى أن قرار الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية حول الولاية الإقليمية للمحكمة على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، الذي يؤذن بفتح تحقيق رسمي في جرائم الحرب التي ارتكبها ويرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، خطوة مهمة نحو محاسبة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه، وأن هذا القرار فرصة مهمة لوضع قضية الأسرى في سجون الاحتلال في صدارة القضايا التي يتناولها التحقيق، لما تعرضوا له من جرائم ممنهجة، وعلى رأسها قضية التعذيب.