غزة: الكلاب ممنوعة في الأماكن العامة

25 يونيو 2020
الكلاب كذلك في حاجة إلى متنفّس (محمد الحجار)
+ الخط -

أثار إعلان وزارة الداخلية في غزة منع الناس من اصطحاب الكلاب إلى شاطئ البحر والأماكن العامة ضجّة، خصوصاً بين هؤلاء الذين اعتادوا التجمّع مع كلابهم في الساحات وعلى الشواطئ، وكذلك لدى مجموعات تُعنى بتلك الحيوانات على موقع "فيسبوك" ويتاجر بعض من أفرادها بأنواع منها. وكانت تربية الحيوانات الأليفة، خصوصاً الكلاب، قد انتشرت في قطاع غزة في خلال السنوات الأربع الأخيرة، وبدأ الهواة يتجمّعون في ساحات معروفة لاستعراضها وتدريب بعض منها، إلى جانب تبادل الخبرات في تربيتها في ما بينهم. لكنّ وزارة الداخلية فاجأت هؤلاء بإعلانها في الخامس عشر من يونيو/ حزيران الجاري منع المواطنين من اصطحاب كلابهم إلى الأماكن العامة وشاطئ البحر، على أن يُلقى القبض على الأشخاص المخالفين لهذا القرار وتصادر الكلاب التي في حوزتهم وتسلم إلى إدارة التدخل وحفظ النظام "الكلابة".

في هذا الإطار، يقول المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية العقيد أيمن البطنيجي لـ"العربي الجديد" إنّ "الشرطة في محافظات قطاع غزة كلها تلقّت تعليمات بتوقيف مخالفي القرار وإجراء المقتضى". يضيف البطنيجي أنّ "الشرطة لن تسمح للمخالفين بتعكير صفو المصطافين على شاطئ البحر وفي الأماكن العامة من خلال اصطحابهم كلابهم، فكثيرون اشتكوا للشرطة من هذا الأمر الذي عدّوه أمراً مزعجاً بالنسبة إليهم. وبناءً على ذلك اتّخذنا القرار".

وهذه ليست الخطوة الأولى الذي تتخذها وزارة الداخلية في هذا المجال، ففي إبريل/ نيسان من عام 2017 قرّرت منع اصطحابها إلى الشارع، وبررت ذلك بالحرص على سلامة المواطنين وعدم مضايقتهم. وكان يتوجّب على المخالف كتابة تعهد لمناوب التحقيق بعدم تكرار الأمر، وفي حال فعل يُصادَر كلبه.



يعبّر الشاب أشرف المدهون عن رفضه القرار بشدة. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "الخروج مع الكلاب الأربعة التي أربيها من منزلي في منطقة الزهراء، وسط قطاع غزة، هو بقصد تدريبها والتنزه بعيداً عن الناس. والمشكلة الأساسية تكمن في عدم وجود ثقافة خاصة بتربية الكلاب في القطاع، وثمّة عائلات ترفض الأمر جملة وتفصيلاً بسبب خرافات قديمة تقول إنّ الكلاب شرسة ونجسة". يضيف المدهون أنّه "عند تربية الكلاب على عدم الأذية وكذلك الإلفة مع الانسان، فإنّ الصورة تأتي جميلة. وهذا ما فعلته، وكثيرون من أصدقائي الماضية صاروا يربّون الكلاب منذ سنوات"، متسائلاً "واليوم بعد هذا القرار، أين أذهب بها؟ هل أبقيها في المنزل حتى تموت مثلاً؟".



أمّا الشاب مؤمن عوض فيربّي الكلاب ويتاجر بها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. يخبر "العربي الجديد" أنّه يعتمد على "تربية أنواع غير شائعة وتهجين بعضها. و"في كلّ يوم جمعة، أتنزّه مع الكلاب على شاطئ بحر غزة لتصويرها وعرضها للبيع. وأصادف أشخاصاً كثيرين يستفسرون عن طرق تربيتها وأنواعها وأسعارها". يضيف عوض: "لا ننكر أنّ ثمّة من يستعرض القوّة في كلابه، لكن ما ذنبنا نحن؟ وتطبيق القرار على شاطئ بحر غزة أمر يمكن تقبّله، لكن ماذا بخصوص الأماكن العامة؟". ويؤكد: "أحتجّ على القرار بالتأكيد إلى حين التراجع عما يخص منع الكلاب في الأماكن العامة".



في المقابل، لا يخفي علي عكيلة انزعاجه من انتشار الكلاب على شاطئ البحر، ويرى أنّه يتوجّب على بلدية غزة الحزم في ما يتعلق بمنع هذه الظاهرة التي تتحوّل إلى "موضة". بالنسبة إليه، فإنّ شاطئ بحر غزة هو للترفيه والتنزّه ليس لاصطحاب الحيوانات. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "كثيرين يرون في علاقتهم مع الكلاب حرية شخصية، وهم أحرار طالما لم يتسبّبوا في أيّ ضرر. لكنّ تلك الحيوانات تروّع الناس لا سيّما الأطفال وقد يخلّف هذا لديهم أضراراً نفسية"، مؤكداً أنّ "حريّتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. فليس من حقّك تشويه جمال الشاطئ باصطحاب كلبك". ويشبّه عكيلة "انتشار الكلاب على الشواطئ بحقل ألغام".



من جهته، يقول مدير جمعية "سلالة لرعاية الحيوانات الضالة والمشرّدة" في غزة، سعيد العر، لـ"العربي الجديد"، إنّ مدينة غزة تشهد انفتاحاً كبيراً في تربية الكلاب"، لكنّه لا يخفي انزعاجه من "الأشخاص الذين يصطحبون كلابهم إلى الأماكن العامة لاستعراض القوّة بالكلاب وحجمها بين الناس. فهذه تصرّفات غير لائقة، خصوصاً أنّ ثمّة من يخاف من الكلاب". ويرى العر أنّ "قرار وزارة الداخلية في حاجة إلى تعديل، إذ إنّ ثمّة مربّي كلاب في حاجة إلى أماكن مخصّصة لكلابهم بعيداً عن الناس الذين يتحسّسون من وجودها، في حين لا تتوفّر أماكن مخصصة للحيوانات في قطاع غزة سوى ملجأ واحد للكلاب والقطط الضالة، وذلك في داخل جمعيتنا الواقعة وسط مدينة غزة"، مشيراً إلى أن "ثمّة من يقصدنا للحصول على نصائح وإرشادات في تربية الكلاب والقطط". ويؤكد أنّه "في الإمكان ترتيب مكان بالتوافق مع الجهات المعنية لإنشاء متنزّه كبير للكلاب في وسط مدينة غزة. فالهدف الأساسي هو أن يتنقّل الكلب في أماكن غير تلك التي اعتادها، حتى يزيد إدراكه واستيعابه للأشياء من حوله. والمشكلة في قطاع غزة هي أن مساحته ضيقة والكثافة السكانية عالية".
المساهمون