تتجه حكومة سعد الدين العثماني إلى تمديد العمل بحالة الطوارئ الصحية المفروضة في المغرب لمكافحة تفشي فيروس كورونا الجديد، إلى ما بعد 20 إبريل/ نيسان الحالي، بعدما أظهرت النقاشات، خلال اجتماع المجلس الحكومي المنعقد مساء الجمعة، وجود إجماع على قرار التمديد، خاصة في ظل ارتفاع حالات الإصابة المسجلة خلال الأيام الماضية.
وبحسب مصادر حكومية، تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن المعطيات التي قدمها كل من وزير الصحة خالد آيت الطالب، ووزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، تسير في اتجاه الدفع نحو تأجيل رفع حالة الطوارئ الصحية المفروضة منذ 20 مارس/ آذار الفائت لأسابيع أخرى، مشيرة إلى أن المغرب لم يبلغ بعد مرحلة الذروة المنتظرة، نهاية الشهر الجاري وبداية الشهر القادم، وبالتالي لا يمكن المغامرة بإنهاء الحجر الصحي مخافة المساهمة في تفشي الفيروس وتفاقم الأَوضاع، خاصة في ظل ظهور بؤر محلية مرتبطة بأنشطة تجارية وصناعية في بعض المدن المغربية.
ووفق المصادر ذاتها، فإن قرار تمديد حالة الطوارئ الصحية في المغرب ينتظر أن يتخذ نهاية الأسبوع الجاري، من خلال مرسوم جديد يصدره كل من وزير الداخلية ووزير الصحة، متوقعة أن يمتد التمديد الجديد إلى أربعة أسابيع أخرى، على اعتبار أن الوضع الوبائي بالمملكة لم يصل بعد إلى وضع السيطرة.
ويأتي ذلك، في وقت اعتبر فيه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، في افتتاح الاجتماع الأسبوعي للحكومة المغربية، مساء الجمعة، أنه "رغم الأشواط الهامة التي قطعتها بلادنا في مواجهة تفشي هذا الوباء، إلا أن المشوار لا يزال طويلاً".
وقال العثماني إنه "تسجل إصابات بأعداد متزايدة يومياً، كما يرقد عدد من المواطنين في غرف العناية المركزة، وهو ما يستدعي تظافر جهود الجميع، واتخاذ المزيد من الاحتياطات والتحلي بالصبر، لتجنيب البلاد أي تفاقم للوضعية وتجاوز هذه الظرفية الصعبة بأقل الأضرار".
26 ألفاً خرقوا قانون الطوارئ
من جهة أخرى، كشفت رئاسة النيابة العامة، الجمعة، عن متابعة 25857 مغربياً خرقوا مرسوم قانون الطوارئ الصحية، من بينهم 1566 شخصاً أحيلوا على المحكمة في حالة اعتقال.
وقالت رئاسة النيابة العامة، في بيان لها، إن 2593 شخصاً من مجموع الأشخاص الذين أعلن عن متابعتهم، أوقفوا بسبب عدم ارتداء الكمامة الواقية، مشيرة إلى أن المتابعين على خلفية خرق حالة الطوارئ الصحية، توزعوا على 25203 أشخاص من الراشدين، و654 من القصر، فيما توزع المتابعون على 25068 شخصاً من الذكور، و789 من الإناث.
وأوضحت رئاسة النيابة العامة أن محاكم المملكة أصدرت في حق مجموعة من الأشخاص المتابعين بسبب خرق حالة الطوارئ الصحية أحكاما قضائية قضت بعقوبات حبسية سالبة للحرية وغرامات مالية.
من جهة أخرى، كشفت رئاسة النيابة العامة أنه تم في إطار التصدي للأخبار الزائفة، فتح 93 تحقيقا قضائيا، تم على أثرها تحريك المتابعة القضائية في حق 70 شخصاً، من بينهم 19 شخصا توبعوا في حالة اعتقال، في حين لا تزال باقي التحقيقات متواصلة.
وأكدت رئاسة النيابة العامة أنها، انطلاقاً من الدور المنوط بها قانوناً من أجل حماية النظام العام وأمن وسلامة المواطنين، لن تتوانى عن التصدي بكل حزم وصرامة لكل من يعبث بحياة المواطنين وسلامتهم ويعرض أمنهم الصحي للخطر.
ويجرّم مرسوم قانون الطوارئ الصحية، الذي تم اعتماده أخيراً، مخالفة كلّ قرار من قرارات السلطات العمومية أو أوامرها، المتخذة في نطاق تدابير حالة الطوارئ الصحية، وعرقلة تنفيذ قرارات السلطات العمومية المتخذة بمقتضى حالة الطوارئ الصحية، بواسطة العنف أو التهديد أو التدليس أو الإكراه.
كما يجرّم تحريض الغير على مخالفة قرارات السلطات العمومية المتخذة بشأن حالة الطوارئ الصحية، سواء كان التحريض بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات التي يتم التفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية، أو بواسطة المكتوبات أو المطبوعات أو الصور أو الأشرطة المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية، أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية والبصرية أو الإلكترونية، وأي وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية.
وبموجب مرسوم القانون، يعاقَب كلّ شخص يخالف الأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية بهذا الشأن بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر، وبغرامة تراوح بين 300 و1300 درهم (30 و130 دولارا)، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك من دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد، فيما يعاقَب بالعقوبة نفسها كلّ من عرقل تنفيذ قرارات السلطات العمومية المتخذة تطبيقاً لهذا المرسوم بقانون، عن طريق العنف أو التهديد أو التدليس أو بالإكراه، وكلّ من قام بتحريض الغير على مخالفة القرارات المذكورة، بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات التي يتم التفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية، أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم أو بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية والبصرية أو الإلكترونية، وأي وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض.
في الأثناء، ما زال ظهور بؤر انتشار فيروس كورونا داخل بعض المراكز التجارية والمصانع يلقي بظلاله على الحالة الوبائية بالمغرب، بعدما كشف محمد اليوبي، مدير مديرية الأوبئة ومكافحة الأمراض بوزارة الصحة، مساء الجمعة، أن من ضمن الـ281 حالة إصابة، التي تم إحصاؤها، الجمعة، 172 إصابة مباشرة سجلت في بؤر بوحدات صناعية وتجارية وأنشطة أخرى بمدن مراكش، وفاس، والناظور وطنجة.
وأوضح اليوبي، خلال الإيجاز الصحافي اليومي لتقديم حصيلة الحالة الوبائية، أن بؤرة مدينة مراكش سجلت 142 حالة، خلال الـ24 ساعة الأخيرة، وبؤرة فاس 19 حالة جديدة، فيما سجلت بؤرة عائلية بالناظور 4 حالات، وبؤرة أخرى بالمدينة نفسها 3 حالات، كما تم رصد بؤرة صناعية بطنجة سجلت فيها 4 حالات، في حين لم تسجل باقي البؤر أي حالة جديدة بما في ذلك بؤرة الدار البيضاء.
وقال المسؤول المغربي إن الارتفاع الملحوظ في عدد الإصابات بفيروس كورونا خلال الأيام القليلة الماضية، يرجع بشكل رئيس إلى هذه البؤر، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع كان وراء تغيير نسبي في توزيع الحالات بين الجهات، حيث باتت جهة مراكش آسفي قريبة من جهة الدار البيضاء سطات، بنسبة إصابات بلغت 24.6 في المائة من مجموع الحالات، مقابل 27.4 في المائة في جهة الدار البيضاء سطات.
من جهة أخرى، سجل اليوبي أن النسب المئوية للحالة السريرية للمصابين عند التكفل بهم، بدأت تعرف بعض التغيير، حيث تتناقص نسبة الأشخاص الذين يتم التكفل بهم في وضع صحي حرج أو متقدم، إذ وصلت خلال هذا الأسبوع إلى 9%، أمام ارتفاع في نسبة الأشخاص الذين يتم التكفل بهم دون أن تكون لديهم أي أعراض، حيث وصلت نسبتهم إلى 17% من مجموع الحالات المتكفل بها.
ويوم الجمعة، ارتفع عدد الإصابات المباشرة بكورونا في المغرب إلى 2564 حالة، بعد تسجيل 281 إصابة، فيما تماثلت 32 حالة جديدة للشفاء، ليرتفع عدد المتعافين من المرض حتى الآن إلى 281 شخصاً.
بالمقابل، تم تسجيل 5 حالات وفاة جديدة، ليصل العدد الإجمالي للوفيات إلى 135، في حين بلغ عدد المخالطين إلى حدود الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة بالتوقيت المحلي، 13451 مخالطاً، من بينهم 1239 شخصاً ثبتت إصابتهم بالفيروس، وقد تم تسجيل 111 حالة مؤكدة في صفوف المخالطين خلال الـ24 ساعة الماضية فقط.