نزح محمد جابر، مع عائلته من ريف إدلب الجنوبي إلى بلدة القنيطرة في ريف إدلب الغربي، مع العشرات من العائلات الأخرى. ولم يكن لديه هناك مكان يأوي إليه، فحلّ ضيفاً مع عائلته في منزل شخص يعرفه، ساعده بعدها على الحصول على بعض الشوادر وقطع البلاستيك ليصنع منها خيمة، بحسب ما يحكي جابر لـ"العربي الجديد". ويضيف أنّ "الخيمة لا تقينا لا البرد أو المطر، إنّما هي فقط تسترنا وهناك عائلات لم تستطع الحصول على خيمة حتى".
وأضاف أنّ "الحياة صعبة جداً، إذ لا نتلقى أي مساعدات إنسانية، وبالكاد نستطيع تأمين وجبة واحدة في اليوم. تعتمد الناس غالباً على ما لديها من مال، وهي ليست سوى مبالغ صغيرة لدى الغالبية الساحقة منهم ولن تكفي أكثر من بضعة أسابيع. ومنهم من يعتمد على ما قد يصلهم من مساعدات مالية من ذويهم المغتربين، وهذه أيضاً مبالغ صغيرة وغير منتظمة الوصول".
ولدى أبو عبدالله الإدلبي، النازح من ريف إدلب إلى قرية القنيطرة، والذي يسكن في خيمة بدائية صنعها بنفسه بالقرب من خيمة محمد جابر، مشاكل أخرى كما يحكي لـ"العربي الجديد". يقول: "لدينا مشكلة كبيرة في تأمين المياه، حيث ليس هناك خزانات مياه في المخيمات، وما يتوفر، غالبا ما يكون مكشوفاً للهواء الذي يحمل معه الأتربة والحشرات وغيرها".
ليس الوضع الصحي أفضل بكثير، بحسب الإدلبي، إذ يقول إن "إذا احتجنا لطبيب أو مشفى علينا الانتقال إلى منطقة أخرى، قاطعين مسافات طويلة، في وقت يعد فيه تأمين وسيلة نقل أمر صعب جداً، وإن وجدت تكون التكلفة المالية مرتفعة".
بدوره، يقول مسؤول الإغاثة في المجلس المحليّ بقرية القنيطرة، إسماعيل ناصيف، لـ"العربي الجديد": "بلغ عدد العائلات النازحة إلى القرية نحو 300 عائلة، معظمهم يسكن الخيم ومنهم من يسكن المدارس والأبنية غير المجهزة للسكن".
ولفت إلى أن المساعدات الإنسانية قليلة جداً، فإلى الآن ورغم مرور وقت على وصولهم، لم تصلهم أي مساعدات غذائية، موضحاً أن النازحين يفتقدون جميع الخدمات الاساسية.
وتابع: "الرعاية الصحية مترديّة ليس للنازحين فقط بل لأهل القرية أيضاً، حيث لا يوجد في القرية مركز طبي أو مواد طبيّة. من يحتاج إلى مراجعة مشفى أو مركز صحي، عليه الذهاب إلى كفرتخاريم أو إدلب".
أما المدارس فتغصّ اليوم بالنازحين، كما قال ناصيف، مضيفاً أن "هناك محاولات لتأمين أماكن إقامة أخرى للناحين المقيمين في المدارس، إن كان منازل أو خيم، إذ وجودهم فيها يصعّب إعادة افتتاح المدارس في ظل الواقع الحالي".
وتعتبر الزراعة وتربية المواشي المصدر الأساسي لرزق أهالي القنيطرة البالغ عددهم نحو 500 عائلة، وبسبب الأوضاع الحالية وانعدام الاستقرار كما ارتفاع أسعار الوقود، انتشرت البطالة بشكل كبير بين الأهالي والنازحين على حدّ سواء.
ويحتاج النازحون في القنيطرة اليوم إلى خيم، ومساعدات إنسانية، خاصة السلل الغذائية، إضافة إلى الحاجة لوجود نقطة طبيّة أو عيادة متنقلة، تحتوي على الأدوية الأساسية.
ويشير فريق "منسقو استجابة سورية" إلى أن مناطق من أرياف إدلب وحلب تشهد حركة نزوح جماعي، جرّاء العمليات العسكرية والقصف الكثيف التي تتعرض له المناطق السكنية من قبل القوات النظامية والروسية، ما تسبب بتهجير أكثر من مليون مدني، غالبيتهم من النساء والأطفال.