ولم تسعف الظروف أحمد عمار، من بلدة الدير الشرقي، الذي اتجه قبل فجر اليوم الجمعة إلى بلدة الدير الشرقي، لجلب ملابس أولاده وبعض الأغطية التي كانت في بيته ولم يتمكن من حملها عند نزوحه.
وقال لـ"العربي الجديد"، إنه وجد الهدنة "فرصة لإحضار لوازم نحتاجها من ملابس وغيرها كانت في بيتنا بالبلدة، وفعلا كنت هناك حوالي الخامسة فجرا عندما بدأت قذائف النظام تستهدف البلدة، ورأيت طائرات الاستطلاع تحلق فوقها، ربما كانت الفكرة مجنونة، وهي الذهاب إلى هناك لكن ما دفعني لهذا هو الحاجة الملحة، نحتاج إلى أغطية وثياب الأطفال، لم يكن لدي خيار سوى هذا الخيار".
وفي نظر أحمد عمار والكثير من أهالي الريف الجنوبي، في محافظة إدلب، والجنوبي الشرقي، فإن الهدنة خدعة لا أكثر، والدليل على ذلك أن قوات النظام بدأت بقصف المناطق بالمدفعية الثقيلة بالتزامن مع غارات شنتها الطائرات الحربية الروسية على المنطقة، لتحرم المدنيين من التقاط أنفاسهم وتقطع آمالهم بالعودة وإن كانت لأيام قليلة.
مدير فريق "منسقو استجابة سورية"، محمد حلاج، نفى لـ"العربي الجديد" أن تكون هناك هدنة موضحا: "لا شيء اسمه هدنة للأسف في الوقت الحالي، وحتى الساعة هناك خروقات مستمرة من قبل قوات النظام، وفي الساعة السادسة صباحا، الطائرات الحربية أغارت على أربع مناطق جنوبي إدلب، والطيران الحربي لا يزال في الأجواء ولا شيء يشجع الأهالي على التوجه لبلداتهم وجلب أغراضهم".
وأشار حلاج إلى أن أهالي بعض البلدات حاولوا التوجه لبلداتهم لكنهم علقوا بعد تجدد القصف، وعانوا حتى تمكنوا من الخروج من المنطقة، وباعتبار أن الطيران الحربي ما زال يحلق في الأجواء فليس هناك أي هدنة.
بدوره قال الناشط الإعلامي عمر السعود، من مدينة معرة النعمان، إن العودة لم تعد ممكنة بالنسبة لأهالي مدينة معرة النعمان بهدف الحصول على حاجات وأغراض من منازلهم، إذ استهدفت طائرات روسيا سيارة تقل بعض العائدين عند الساعة السادسة صباحا فجر اليوم الجمعة".
وأضاف في حديثه لـ"العربي الجديد"": "لم يعد هناك شيء يمكن للأهالي المخاطرة بالحصول عليه في المدينة بعد الذي جرى صباح اليوم، وأعتقد أنه لن يعود أحد طالما أن الطائرات ما زالت تقصف، ومدفعية النظام ما زالت تستهدف منازل المدنيين والعائدين لبلداتهم".
وحسب إحصائيات صادرة عن منظمات إنسانية محلية، فقد بلغت أعداد النازحين من مناطق ريف إدلب نحو 375 ألفا، معظمهم لجأ إلى مناطق الشريط الحدودي مع تركيا، في الريف الشمالي الغربي لمحافظة إدلب، ويفتقر هؤلاء النازحون إلى الخدمات الأساسية، ويعانون بسبب البرد والأمطار التي تجتاح خيامهم وتعزل مخيماتهم عن المناطق القريبة بعد تحول طرقاتها لأوحال طينية يصعب عبورها.