أمينة كنعان... ما زالت تحنّ إلى الوطن

30 أكتوبر 2019
"نحن نعيش القهر في لبنان" (العربي الجديد)
+ الخط -

في فلسطين، لم نكن فقراء ولم يكن ينقصنا شيء، لكنّنا أُجبرنا على التخلّي عن الحياة الجميلة ولجأنا إلى لبنان

في ذلك العام، عام النكبة، كانت أمينة كنعان في السادسة من عمرها، وأُجبرت مع عائلتها على التخلّي عن "الحياة الجميلة" في الوطن وعبور الحدود إلى لبنان. تقول لـ"العربي الجديد": "لم نكن فقراء ولم يكن ينقصنا أيّ شيء، فوالدي كان خيّالاً ويملك عدداً من الأحصنة ومزرعة أبقار. في ذلك الزمن، كنّا نسكن في بيت شعر لأنّ والدي لم يكن يرغب في السكن في بيوت من الطراز الحديث".

وأمينة من بلدة صفورية إلى شمال غرب مدينة الناصرة، ما زالت تحنّ إلى الوطن الذي عرفته وهي صغيرة، والذي تمكّنت من زيارته في عام 1993. وتخبر: "حصلت لي أختي على تصريح يسمح لي بزيارتها، فاسترجعت فلسطين التي تركتها طفلة. كذلك زرت القدس وصلّيت فيها"، مضيفة أنّ "الشعور كان غريباً... كلّ شيء جميل... تمنّيت أن أموت هناك وألا أعود إلى لبنان". وتتابع: "اليوم أرغب في العودة إليها برفقة أولادي، فنحن نعيش القهر في لبنان".

وتعود أمينة إلى زمن الطفولة في الوطن، فتقول: "في مزرعة أبقار والدي، كان لدينا عمّال، وكان رزقنا وفيرا ممّا تدرّه علينا الأبقار. بالقرب من المزرعة كنّا نعيش جميعنا، فوالدي كان متزوّجاً من امرأتَين وله منهما أربعة عشر ولداً. وعندما بدأ هجوم الصهاينة على البلدات الفلسطينية، هربنا جميعنا، خوفاً من الاعتداء علينا. في تلك الليلة، نمنا تحت الأشجار. هناك، في ذلك المكان، كانت توجد قنابل. لعب بها الأولاد فانفجرت وأصيب والدي إصابة بالغة، كذلك الأمر بالنسبة إلى خالي وشخص من عائلة أبي سالم".



تضيف أنّه "على الأثر، حضر إلى المكان عناصر من جيش الإنقاذ وحملوا أبي إلى مدينة صور في جنوب لبنان ليتلقّى العلاج اللازم. أمّا نحن، فبقينا في فلسطين. وفي وقت لاحق، أحضروا لنا حميراً فركبناها وصرنا ننتقل من بلدة فلسطينية إلى أخرى وصولاً إلى لبنان. وفي صور، اصطحبونا إلى مكان وجود أبي. وبعدما تعافى، بقينا هناك لمدّة عام، ثم انتقلنا بعدها إلى مخيّم عين الحلوة (في مدينة صيدا، جنوبي لبنان). وعشنا في خيمة كما آخرين من الفلسطينيين الذين لجأوا إلى لبنان.
حينها، كانت أونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) تقدّم الطعام للعائلات، بالإضافة إلى مبالغ مالية".

في الرابعة عشرة من عمرها، تزوّجت أمينة وأنجبت ثمانية أولاد، لم يتعلّم منهم إلا ولد واحد، وهو اليوم خارج البلاد. كذلك، خسرت أمينة ثلاثة من أولادها، وهي ما زالت تبكيهم مثلما تبكي أخيهم الذي "لم يعد بعد عمليّة فدائية قام بها ضدّ العدو الصهيوني عند جسر نهر الأوّلي". بالنسبة إليها، فإنّ "ابني ما زال حيّاً. أنا أمّ وأشعر بذلك. هم لم يحضروا لي جثّته، ولا أيّا من ملابسه أو أوراقه الثبوتية... أنا على يقين بأنّه ما زال على قيد الحياة وأنتظر عودته".
المساهمون