ولادات قيصرية متزايدة في ليبيا

22 أكتوبر 2019
يحتاج المولودون قيصرياً لظروف طبية خاصة(مونيك جاك/ Getty
+ الخط -

ارتفع معدل إجراء الولادات القيصرية داخل مؤسسات القطاع الصحي الخاص في ليبيا، بنسبة 90 في المائة، مقارنة بما كانت عليه عام 2017، بحسب دراسة حديثة

أظهرت دراسة أعدّها مركز التوثيق والمعلومات بوزارة الصحة التابعة لحكومة الوفاق في طرابلس، بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة الصحة العالمية، أنّ عدد حالات الولادة القيصرية بلغ 6478 حالة مقارنة بنتائج المسح السابق لعام 2007، مشيرة إلى أنّ عدد الحالات المسجلة داخل المصحات (عيادات ومستوصفات ومراكز طبية) الخاصة بلغ 3404 ولادة قيصرية من مجمل العدد. تتابع الدراسة: "مجمل عدد الولادات المسجلة في 219 مصحة إيواء بلغ 13.384 حالة ولادة من بينها 6478 عملية ولادة قيصرية، بما يشير إلى أنّ الولادات القيصرية تشكل نسبة 48 في المائة من إجمالي كلّ الولادات".




أضافت الدراسة أنّ "الولادات القيصرية لعام 2007 كانت 10.867 حالة، شكلت الولادات القيصرية ما نسبته 31 في المائة ذلك الوقت" وختمت الدراسة بتحذيرها من أنّ معدل الوفيات داخل المصحات الخاصة بسبب الولادات القيصرية يساوي 3.2 لكلّ ألف مولود لعام 2007، لكنّها لم تكشف معدل الوفيات خلال نتائج دراستها الأخيرة.

يعلق رمزي بوستة، وهو طبيب ليبي، بالقول إنّ الدراسة هي قرع لناقوس الخطر، وتشير بشكل غير مباشر إلى خطورة تعرض المواليد الجدد للوفاة جراء هذا النوع من الولادات، كما أنّ عدم بيانها لنسبة الوفيات في المولودين قيصرياً يجعل الدراسة منقوصة. يضيف: "لعلّ الأمر يتعلق بعدم إثارة قضية في الرأي العام لكنّها بكل تأكيد خطيرة وتحمل في طياتها رسائل كثيرة" موضحاً أنّ الدراسة ركزت على المؤسسات الصحية الخاصة وأشارت الى معدل وفيات في المسح السابق لعام 2007 من دون أن تشير لوفيات المسح الحالي. ويقول إنّ "الوزارة لم تعد قادرة على لجم تعديات أصحاب المصحات الخاصة التي تعرض المواطنين للخطر وتعلن من طرف خفي لخطر الاتجاه للولادة القيصرية في المصحات التي لا يمتلك أغلبها تأهيلاً كافياً، على رأسه خلوها تماماً من الحضانات الخاصة بالمواليد الجدد التي توفر ظروفاً خاصة للمولود بطريقة غير طبيعية".



من جانبه يشير عبد القادر العموري، المسؤول في إدارة التفتيش والمتابعة في وزارة الصحة، إلى أنّ الجهات الحكومية في ظل الانقسام الإداري الذي تعانيه البلاد لا تمتلك قاعدة بيانات تحدد حتى عدد المصحات الخاصة في ليبيا، كما أنّ عدداً منها لم يجدد تراخيصه، ولا يخضع أصلاً للرقابة والمتابعة، متابعاً أنّ سلطة وزارة الصحة بالحكومة لا تصل إلى مناطق تسيطر عليها مجموعات مسلحة تخوض حرباً على تخوم طرابلس حالياً. وعن المصحات الخاصة بالعاصمة طرابلس، يقول العموري: "هناك رقابة نسبياً عليها، لكنّ هناك تحايلاً من جانب آخر فظروف الحرب وانهيار القطاع الصحي العام تجبر السلطات على عدم التعامل بحزم مع القطاع الخاص لأنّه يغطي عجزاً كبيراً". يتابع: "الأمر لا يتعلق بتوفر الأجهزة بل يتعلق بطريقة تقييم كوادر هذه المصحات الخاصة كما أنّ الكوارث التي تحدث داخلها يتم الهروب منها عبر ثغرات القانون فتصنف ضمن الأخطاء الطبية".

هذا ما يقره بوستة إذ يؤكد أنّ اللجوء إلى المصحات لإجراء ولادة قيصرية أمر يعرض الأم ومولودها لخطر الموت المحقق في ظل عدم وجود كوادر مؤهلة، مشيراً إلى أنّ أحد أسباب اللجوء الى المصحات عجز القطاع العام. وكان قسم القطاع الخاص بإدارة الخدمات الصحية بطرابلس، قد أعلن العام الماضي، عن إقفال عدد من المصحات لمخالفتها الضوابط والمعايير المعمول بها قانوناً، من بينها 10 مصحات ذات شراكة ليبية أجنبية.

وأشار القسم إلى أنّ أسباب الإغلاق تمثلت في ضبط مخالفات تتمثل في أدوية ومشغلات معامل ومستلزمات طبية منتهية الصلاحية، بالإضافة إلى عدم استيفاء المصحات شروط التسجيل وعدم حصول العناصر الطبية، والطبية المساعدة على إذن بمزاولة المهنة. وبالرغم من أنّ الإعلان كان ضمن ما سمّاه القطاع "الحملة الأولى" لم تعلن حتى الآن الحملات التالية، لكنّ بوستة يشير إلى أنّ ثقافة لجوء الأمهات إلى الولادة القيصرية باتت شائعة، وتسهل المصحات الخاصة إجراءها بحسب رغبة الأم، بالرغم من أنّها مرحلة ثانية يمكن اللجوء إليها لأسباب صحية.




وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت من اللجوء إلى الولادة القيصرية من دون أسباب صحية، بالرغم من اعتبارها ضرورية في مناطق فقيرة إذ تمثل عاملاً لإنقاذ الأرواح، لكن بوستة يؤكد أنّ أسباب اللجوء إليها في ليبيا قليلة. يتابع: "بحسب معرفتي بخريطة الأمراض في ليبيا والمناخ العام للوضع الصحي وهو أمر متاح لكلّ طبيب متابع فإنّ النسبة التي نحتاج فيها للعمليات القيصرية لا تتعدى 10 في المائة من مجمل الولادات في البلاد".
دلالات
المساهمون