تونسيات بعد "محو الأمية": أسعدتنا القدرة على كتابة أسماء أبنائنا

08 سبتمبر 2018
كثيرات منعتهن الظروف من التعلم في تونس(فتحي بليد/فرانس برس)
+ الخط -
"لم أدخل المدرسة، واكتفت عائلتي القاطنة بمنطقة ريفية في الروحية من معتمدية سليانة، بتعليم أشقائي الذكور، أما نحن البنات فاكتفوا بإرسالنا إلى الشيخ لحفظ القرآن. لم أكن أعرف القراءة أو الكتابة، ولا أستطيع قراءة أسماء أبنائي، إلى أن سمعت ببرنامج محو الأمية بمدرسة حينا وسط العاصمة تونس، فسارعت مع 17 امرأة من الحي إلى المشاركة".

كان هذا ملخص حياة التونسية سيدة الزيتوني (54 سنة)، والتي روت لـ"العربي الجديد"، أنها كانت تذهب مع أقرانها إلى المدرسة في الخامسة مساء بعد أن يغادرها التلاميذ، وأحيانا يصادف دخولهن خروج التلاميذ، فيتملكهن شعور بالحرج، لكنها تعتبر أن كل هذا هين مقارنة بالتعلم، ولا تستطيع وصف سعادتها عندما تمكنت من كتابة أسماء أبنائها.

قضت الزيتوني 3 أشهر فقط في الدراسة قبل أن تقرر التوقف بسبب مشاغل الحياة، وتروي ضاحكة أن إحدى رفيقاتها انقطعت عن الدراسة بسبب (صالح). "كانت المعلمة التي تدرسنا تكرر علينا في الدروس اسم صالح، فصرخت عليها السيدة: دائما صالح؟ ولم تحضر الدروس مجددا".

كانت سيدة الزيتوني محظوظة بتعلم كتابة الحروف والكلمات سريعا، لكن الستينية منيرة كانت أوضاعها أكثر تعقيدا. إذ قضت نحو سنة في برنامج تعليم الكبار بمنطقتها في نعسان بالعاصمة تونس، وبالكاد تعلمت كتابة بعض الحروف.

وتؤكد منيرة لـ"العربي الجديد"، أنها "سعيدة بتعلم كتابة أسماء أبنائي، ولكني واجهت صعوبات في فهم الدروس، خاصة وأني أعاني مشكلات في النظر، وأبرز موقف أحرجني كان عندما طلبت مني ابنتي مساعدتها في واجباتها المدرسية، وبالطبع عجزت عن ذلك".

وتقول عضو مكتب المرأة التونسية المكلفة بالثقافة وتعليم الكبار، فاطمة درويش، لـ"العربي الجديد": "تجربتنا في برنامج تعليم الكبار انطلقت عام 1956، عقب تأسيس المكتب الذي ركز على تعليم الفئات التي لم يسعفها الحظ بدخول المدرسة. لكن رغم الجهود التي بذلت وساهمت في الحد من الأمية، إلا أن آخر الإحصائيات التي قام بها المعهد الوطني للإحصاء بينت أن نسب الأمية عادت للارتفاع عام 2014".

وأضافت: "قدر متوسط نسبة الأمية بـ20 في المائة، وفاقت 40 في المائة في بعض المناطق، وبحسب الجنس اتضح أن 25 في المائة من النساء أميات، وأن 45 في المائة من الأميات ينتمين إلى الريف".

وتوضح درويش أن "برنامج تعليم الكبار مدته عامان، وتخصص السنة الأولى لتعلم القراءة والكتابة، أما السنة الثانية فلتعلم المهارات الحياتية، ودعم الجانب الرقمي، ولكن عدد المقبلين على التعليم من الكبار تقلص إلى 979 مستفيدا فقط".

وتؤكد أنّ عدد مراكز محو الأمية تراجع أيضا، فمن 457 مركزا في 2007، وصل الرقم إلى 40 مركزا حاليا. وهناك برنامج بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية لزيادة عدد المراكز مجددا، "ويطلق مكتبنا اليوم السبت، حملة لاستقطاب الراغبين في محو الأمية في المحافظات التونسية".

وعقدت وزارة الشؤون الاجتماعية أمس الجمعة، جلسة عمل لتدارس آليات العمل المشتركة بين كل الأطراف المتداخلة في برنامج محو الأمية وتعليم الكبار، مؤكدة على انفتاح الوزارة على كل التصورات والمقترحات والملاحظات من كل الوزارات والمؤسسات ومكونات المجتمع المدني.

دلالات
المساهمون