تضع الحرب في الحديدة مليون طفل إضافي في اليمن في مواجهة خطر المجاعة، بحسب منظّمة "أنقذوا الأطفال" (سايف ذي تشيلدرن) الإنسانية، خصوصاً مع استمرار قطع طريق رئيسي يربط المدينة - التي يعتبر ميناؤها شريان حياة لملايين السكان- في العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى. وقالت المنظمة البريطانية، غير الحكومية، في تقرير لها، الأربعاء، إنّ الهجوم الجديد على محافظة الحديدة، سيزيد عدد الأطفال المهدّدين بالمجاعة في اليمن إلى 5.2 ملايين طفل.
من جهتها، تقول الأمم المتحدة إنّ ثلاثة من بين كلّ أربعة من سكان اليمن البالغ عددهم 27 مليون نسمة، من مختلف الشرائح العمرية، ومن الجنسين، في حاجة إلى مساعدة غذائية، من بينهم يواجه نحو ثمانية ملايين خطر المجاعة، في وقت تهدد موجة جديدة من الكوليرا البلاد التي تفتقد إلى قطاع صحي فعّال بعدما دمرته الحرب، ما يزيد الأوضاع سوءاً.
في هذا الإطار، قالت هيلي ثورننغ شميدت، المديرة التنفيذية لمنظمة "أنقذوا الأطفال" في التقرير إنّ "ملايين الأطفال لا يعرفون متى ستأتي وجبتهم التالية أو ما إذا كانت ستأتي فعلاً". أضافت "في مستشفى زرته في شمال اليمن، كان الأطفال ضعفاء إلى درجة أنّهم لم يقووا على بالبكاء، وأجسادهم كانت منهكة بسبب الجوع". وحذّرت من أنّ "هذه الحرب تهدّد بقتل جيل بأكمله من الأطفال اليمنيين الذين يواجهون أخطاراً متعددة من القنابل إلى الجوع إلى أمراض يمكن الوقاية منها مثل الكوليرا".
إلى ذلك، ذكرت الأمم المتحدة أنّ أسعار المواد الغذائية في اليمن، ارتفعت بنسبة 68 في المائة منذ عام 2015، العام الذي بدأ فيه التحالف السعودي - الإماراتي عملياته ضد الحوثيين.
وتدخل عبر ميناء الحديدة المطلّ على البحر الأحمر غالبية المواد التجارية والمساعدات الموجهة إلى ملايين السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وفي مناطق أخرى. وبعد توقف حملة التحالف والقوات الحكومية (الرئيس عبد ربه منصور هادي) للسيطرة على الحديدة، التي استمرت من 13 يونيو/ حزيران حتى 1 يوليو/ تموز الماضيين، أعلن مسؤولون في التحالف، الإثنين، عن استئناف العملية الهادفة إلى السيطرة على المدينة ومينائها الاستراتيجي بعد قطع طريق رئيسي يربط الحديدة بصنعاء ومدن أخرى.
على الخط الإنساني، حذّرت شميدت من أنّ "أيّ اضطراب في إمدادات الغذاء والوقود التي تمرّ عبر ميناء ومدينة الحديدة إلى بقية المحافظات يمكن أن يسبّب مجاعة على نطاق غير مسبوق".
وكانت الاشتباكات المتقطعة قد استمرت اليوم، في محيط مدينة الحديدة، بالرغم من تراجع وتيرتها بشكل كبير. وقال مسؤول في القوات الحكومية إنّ الهجوم باتجاه المدينة "تباطأ" مشيراً إلى أنّ الحوثيين "يشنون هجمات في مناطق أخرى في محافظة الحديدة في محاولة لفتح جبهات بديلة". وبحسب المصدر نفسه، فإنّ منسقة الشؤون الإنسانية للأمم في اليمن، ليزا غراندي، بدأت زيارة إلى مدينة الحديدة، ما أدى إلى تراجع المواجهات عند أطراف المدينة بشكل كبير، وإلى عدم شن التحالف غارات جوية جديدة منذ الثلاثاء.
في صنعاء، المتأثرة في دورها بحصار الحديدة والمعارك الدائرة للسيطرة عليها، بدت آثار قطع طريق المحافظة الساحلية مع العاصمة واضحة في طرقات المدينة التي تعاني من أزمة في توفير الوقود وغاز الطهي. ويقضي مئات اليمنيين ساعات أمام محطات الوقود ضمن صفوف طويلة من السيارات والشاحنات والدراجات النارية، بينما يمشي آخرون في الشوارع وهم ينقلون قوارير غاز من مكان الى آخر.
أمام إحدى محطات الوقود في العاصمة جلس، صفوان الخلاني، فوق مقعد دراجته النارية بين عشرات آخرين ينتظرون دورهم للحصول على الوقود، وقد وضع قبعة على رأسه تحميه من حرارة الشمس. وقال العشريني بغضب: "هذا حرام. لقد دمّرتنا الحرب. نبحث كلّ يوم عن الوقود، بل عن أيّ شيء. هل نحن مواطنون أم ماذا؟".
خسر الريال اليمني أكثر من ثلثي قيمته مقابل الدولار منذ عام 2015. وأعلن المصرف المركزي في مدينة عدن الجنوبية، الخاضعة لسيطرة التحالف السعودي - الإماراتي، وحكومة هادي، الثلاثاء، عن رفع سعر الفائدة على الودائع المصرفية إلى مستوى قياسي بلغ 27 في المائة، في محاولة للحفاظ على سعر العملة المتدهور والذي أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، وغيرها من المواد الأساسية الحاسمة لحياة اليمنيين.
وكانت نائب الرئيس التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، إليزابيث راسموسن، قالت من العاصمة السعودية الرياض قبل نحو عام، إنّ الغذاء "أصبح يستخدم سلاح حرب" في إشارة منها إلى الحصار الاقتصادي والمعيشي المضروب في عدة مدن يمنية بين أطراف الصراع، بالإضافة إلى ضرب التحالف السعودي - الإماراتي المطارات والموانئ الخاضعة للحوثيين.
بدورها، تعتبر منظمة "المجلس النرويجي للاجئين" أنّ خطر الانهيار الاقتصادي قد يفوق خطر الحرب المباشرة. وكتبت المنظمة في تقرير في سبتمبر/ أيلول الجاري أنّ "للانهيار الاقتصادي قدرة على القتل أكبر من العنف".