شائعات الغذاء ترعب العراقيّين

19 يوليو 2018
في انتظار الزبائن (سكوت بيترسون/Getty)
+ الخط -
تكاد نسبة كبيرة من العراقيين تصدّق الإشاعات المتعلقة بوجود أغذية فاسدة في الأسواق، والسبب تورّط مسؤولين في قضايا مماثلة في وقت سابق

بسرعة، تنتشر الإشاعات بين العراقيين حول مواد غذائيّة غير صالحة للأكل، تسبّبت في إصابة بعض المواطنين بالأمراض وربما موتهم. وما يجعل هذه الأخبار ذات مصداقية، إعلان جهات حكومية باستمرار الكشف عن مواد غذائية منتهية الصلاحية موجودة في الأسواق أو مستوردة من الخارج، يحاول التجار إدخالها إلى البلاد.

وكثيراً ما يتعرّض مواطنون للتسمّم. ويعزو الأطباء الأمر إلى كون هذه المواد غير صالحة للاستهلاك. لذلك، أصبح من السهل تصديق أي إشاعة تطلق في هذا الخصوص.




آخر الإشاعات التي انتشرت منذ نحو شهر، وما زالت تُرعب العراقيين وجعلت كثيرين يمتنعون عن تناول اللحوم، هي وجود فيروس في اللحوم يؤدي إلى الإصابة بالحمى النزفية. إشاعة أضرّت بطبقة واسعة من المواطنين، خصوصاً تجار ومربي المواشي والعاملين في هذا المجال. يقول أسعد الهاشم، الذي يعمل في تجارة اللحوم المحلية، إنه كاد أن يتكبد خسارة كبيرة، لكنه تدارك الأمر في الوقت المناسب. يوضح خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أنه حجز ألفي رأس من الأبقار والأغنام، من عدد من مربي الماشية في جنوب البلاد على أمل شرائها، لكن حركة السوق أجبرته على إيقاف شراء هذه الكمية. يضيف أنّه خسر مبلغاً يقدّر بنحو خمسة آلاف دولار، في مقابل حجز هذه الكمية من الماشية.

يتابع: "شهد سوق اللحوم ركوداً منذ نحو شهر بسبب إشاعة إصابة الماشية بفيروس الحمى النزفية. تلك الإشاعة أرعبت المواطنين، ما جعل نسبة كبيرة منهم يعزفون عن شراء اللحوم". هذا الأمر دفع وزارة الزراعة العراقية إلى التدخل. وأوضحت أنه "لا علاقة بين تناول اللحوم والحمى النزفية، كما أن اللحوم لا تعدّ ناقلة لفيروس الحمى النزفية. ولا علاقة لأي إصابات بتناول اللحوم". وبيّنت أن "حالات الإصابة المعلن عنها تعتبر فردية والفيروس تحت السيطرة".

كما أشارت الوزارة في بيانها إلى أن "وجود إشاعات كثيرة تدخل في سياق الحرب التجارية وتأثيرها على حياة المواطنين اليومية". ووصفت هذه الإشاعات بأنّها "جزء من الحروب التي تطلقها جهات مستفيدة من صراعات السوق والبعيدة عن المنافسة الشريفة"، داعية المواطنين إلى عدم الاكتراث لها.

تحضير اللحم (أحمد الربيعي/ فرانس برس)













لكن العراق سجل عدداً من الإصابات بالحمى النزفية، أدت في بعضها إلى حالات وفاة، بحسب وزارة الصحة. في هذا السياق، يوضح الطبيب البيطري جاسم الزبيدي، لـ "العربي الجديد"، أن "هذا الفيروس، وعلى الرغم من خطورته، لا ينتقل إلى الإنسان عن طريق تناول اللحوم، بل عن طريق الحشرات". يضيف: "هناك طرق أخرى، منها استخدام مواد طبية عليها دماء لشخص مصاب بالفيروس. عليه، يجب أن تتوخى المستشفيات الحذر وتعقيم الأدوات. كما يمكن أن يحدث الأمر في محال الحلاقة، وغالباً ما تحدث الإصابات في المناطق الفقيرة".

تخوّف العراقيين من هذا الفيروس، وعدم قناعة كثيرين منهم أن تناول اللحوم لن ينقل العدوى على الرغم من خروج جهات متخصصة بتصريحات تؤكد عدم انتقال الفيروس عن طريق تناول اللحوم، له خلفياته وأسبابه. يقول علي عبدالله، وهو تاجر مواد غذائية، إنه اعتاد وغيره من التجار الخسائر بسبب الإشاعات، موضحاً خلال حديثه لـ "العربي الجديد" أن الفساد في السوق وبين التجار، يجعل المواطنين يصدقون الإشاعات المتعلقة بأغذية فاسدة. يضيف: "دائماً ما تعلن جهات رقابية حكومية إتلاف كميات من مواد غذائية فاسدة، بعد ضبطها على المنافذ الحدودية أو الموانئ. وأكثر ما يثير رعب المواطنين هو كشف هذه الجهات عن ضبطها لمواد غذائية فاسدة في المحال التجارية، علماً أن الناس يتناولونها من دون دراية بأنها فاسدة".

آخر إعلان حكومي في هذا الصدد أكدته دائرة صحة ديالى في السادس من يوليو/ تموز الجاري. وذكرت في بيان أنها تمكنت خلال شهر يونيو/ حزيران الماضي من مصادرة وإتلاف أكثر من طنين من المواد الغذائية، وأكثر من 4000 لتر من المشروبات غير الصالحة للاستهلاك، فضلاً عن إغلاق معامل و17 محلاً لمخالفتها الشروط الصحية. كما فرضت غرامات مالية بحق المخالفين.

إلى ذلك، يقول ناصر المزعل، الذي يدير محلاً كبيراً للمواد الغذائية وسط بغداد، إنّ تسوّق المواطنين يعتمد بدرجة كبيرة على مدى ثقتهم بالبائع، أو المحل الذي عادة ما يشترون منه. ويوضح لـ "العربي الجديد" أنّه "حين تثار شائعة حول وجود مادة غذائية فاسدة، يسألنا زبائننا حول هذا الموضوع، وإذا كنا قد اتخذنا احتياطاتنا أم لا". ويذكر قضية الشاي الفاسد، كون المتهم فيها وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني، الأمر الذي يرعب الناس أكثر.




وكانت السلطة القضائية، أصدرت في 2015، حكماً غيابياً بالسجن 7 سنوات على وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني، الموجود خارج البلاد، بقضية "الشاي الفاسد"، فيما أشارت إلى أن المحكمة أيدت قرار الحجز الصادر بحق أمواله المنقولة وغير المنقولة.
المساهمون