"نيويورك تايمز": هكذا ينظر الأميركيون للمسلمين منهم حاملي السلاح

09 يونيو 2018
حقول رماية تمنع دخول المسلمين (تويتر)
+ الخط -
يحق للمواطنين الأميركيين وفق القانون شراء السلاح وحمله للدفاع عن النفس أو الحماية. لكن هل يصادف المسلم الأميركي "تمييزا" ونظرة "اشتباه" لو حمل سلاحاً أو تواجد في حقول الرماية للتدريب وإطلاق النار؟ وماذا لو كانت المتدربة امرأة مسلمة؟ كيف ستكون ردود الأفعال؟ أسئلة حاول تحقيق لـ"نيويورك تايمز" نشر اليوم السبت، الإجابة عنها، وحمل عنوان "احرص على ألا تتكلّم مع أيّ عربي: المسلمون الأميركيون وأسلحتهم".

تنقل الصحيفة قصة شيماء محمد، وهي أميركية مسلمة، كانت طفلة حين هاجر والداها من تركيا إلى الولايات المتحدة. تلخص قصتها بمواقف صادفتها تشير إلى نظرة الآخر للمسلمين في أميركا.

تقول شيماء المحجبة والبالغة من العمر 25 عاماً، وتعمل في أحد متاجر البقالة في مدينة كولومبس عاصمة ولاية أوهايو، إنها قررت شراء مسدس بعد لقاء مخيف واجهته مع أحد الغرباء في موقف السيارات التابع للمتجر ذات يوم. شعرت أنها من دون حماية، وأنها غير قادرة على الدفاع عن نفسها. وتتحدث عن نظرات الاستغراب والشك نحوها في حقل الرماية الذي تقصده للتدرب على استخدام المسدس الذي اشترته، وتقول: "نظرات الموجودين تشعرني كأنني كائن فضائي، عيونهم تسألني لماذا تقتنين مسدساً؟ ونحن نعلم ماذا تفعلون أنتم (المسلمين) بالسلاح".

وتشير صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إلى أن متاجر الأسلحة تنظر بعين الريبة للمسلمين ممن يريدون شراء أسلحة، على اعتبار أن أسباب امتلاك السلاح لدى كل الناس ومنها الحماية والهواية والصيد ورياضة الرماية، يضاف إليها عامل الخوف من الاضطهاد لدى المسلمين خصوصاً مع ارتفاع معدلات جرائم الكراهية منذ أحداث سبتمبر 2001.

ويشير معهد "بيو" للأبحاث إلى أن دراسة أجراها عن المسلمين الأميركيين بيّنت أن نصف المستجوبين تقريباً تعرضوا للتمييز، وأن 32 في المائة منهم عوملوا معاملة المشتبه بهم، و19 في المائة أطلقت عليهم تسميات وصفات مسيئة، في حين أن 6 في المائة تعرضوا للاعتداء أو التهديد المباشر.

وجود المسلمات قليل جداً في حقول الرماية(تويتر) 


الأميركيون المسلمون يؤكدون أن قرار اقتناء سلاح ليس بسيطاً، ورغم أن القانون يتيح لهم هذا الحق إلا أنه يحصل بشق النفس، بحسب الصحيفة.

أحد هؤلاء نزار حمزة (41 عاما) أميركي من أصول لبنانية، وهو نائب الشريف في مقاطعة بروارد في ولاية فلوريدا، وناشط في مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية. ويقول حمزة "المسلمون تتملكهم عقلية المضطهَد والضحية، أو عقلية المهاجر، عندما يقصدون متجر السلاح لشراء مسدس. يخافون أن تدرج أسماؤهم في قوائم إذا أقدموا على شراء السلاح، أو حتى إذا قصدوا مركزاً للتدرب على الرماية وإطلاق النار". ويتابع "يقلل المسلمون من أهمية القانون الذي يحمي حقهم باقتناء السلاح".

أما حسن شبلي المدير التنفيذي لـ CAIR Florida، وابن مهاجرين سوريين، يقول: "أملك مسدساً على مضض". ويخبر الصحيفة أنه بعد تعرضه للتهديد بالقتل بسبب دفاعه عن المسلمين وعن المساجد التي تعرضت للتهديد أيضاً، تلقى نصائح من العاملين معه في مجال تطبيق القانون بضرورة إيجاد الوسائل التي تحميه وتحمي عائلته.

العنف ضد الأقليات يشجع على امتلاك السلاح(تويتر) 



ويوضح شبلي (32 عاما) ويعيش في تامبا غربي فلوريدا، "أنا شخص يمتلك هذه الأدوات (السلاح) على مضض لأغراض الدفاع عن النفس، مع إدراك العبء الكبير الذي يرافقها. إنها ليست مجرد رياضة أو ترفيه أو ثقافة". ويؤكد "نحن لا نملك السلاح لأننا مسلمون، بل بسبب العنف الذي ارتكب في هذا البلد ضد الأقليات". ويضيف "المشاكل التي نواجهها لا تحل بالمزيد من العنف، أو المزيد من الأسلحة، إنما بالمشاركة، والتعليم، والتنظيم المجتمعي، والمشاركة السياسية".

أما شاكيرا باركر وهي أميركية من أصول أفريقية، اعتنقت الإسلام وهي في السادسة عشرة، فتنوي شراء سلاح لتأمين السلامة لها ولأسرتها لأنها محجبة. ويفيد معهد بيو أن 16 في المائة من النساء غير البيض في أميركا يمتلكن سلاحاً.

وتقول شاكيرا الأربعينية والتي تعمل لصالح مقاول عسكري في تامبا، إنها لا تخرج من بيتها بعد المغيب، مشيرة إلى لافتات عنصرية ودينية وضعت قرب منزلها بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. وتشير إلى أنها تريد شراء مسدس صغير الحجم يمكن إخفاؤه في حقيبة اليد، مؤكدة إعجابها بمسدسات وردية أنيقة ومزينة بالكروم.

شراء السلاح مسألة سهلة في الولايات الأميركية(تويتر) 


أحمد أبوكار( 22 عاماً) يحب جمع الأسلحة النارية، التي تعرف عليها عبر ألعاب الفيديو. يمتلك بضع مسدسات وبنادق، مع العلم أن رخصته منتهية الصلاحية. ويربط أحمد بين امتلاكه للسلاح وفخره بأنه مواطن أميركي. ويشير خريج جامعة أوهايو إلى أن "المبادئ التأسيسية لهذا البلد تتعلق بتقرير المصير والاستقلال وحق الدفاع عن النفس، وامتلاك الأسلحة النارية يمنحك الشعور بالحرية، وأعتقد أن هذا شيء رائع حقًا".

أما جانيس وجايمس لي، وهما زوجان من عائلة ريجبيز، اعتنقا الإسلام عام 2001، فيعيشان في أوكلا في ولاية أوكلاند، ويحبان جمع البنادق والأسلحة. جانيس تبلغ من العمر 45 عاماً، هي طباخة متقاعدة، وتعلمت استخدام السلاح من والدها الجمهوري المحافظ، وتعتبر أن امتلاك السلاح هو حق من حقوق الأميركي. أما زوجها جيمس لي (56 عاما) فخدم في الحرس الوطني، ويعمل الآن بدوام جزئي في جهاز أمن في مدرسة إسلامية خاصة. وتقول جانيس "حصلنا على هذا الحق مدة 300 عام ولم يجرؤ أحد على إلغائه، لك الحق بالتسلح سواءً كنت مسلماً أو مسيحياً أو وثنيًا، أياً كان".

أما رجائي فتيحة، فهو أحد جنود الاحتياط بالجيش الأميركي ويعيش في تولسا، في ولاية أوكلا. يقول للصحيفة إن أغلب حقول الرماية في الولاية كان يسودها أجواء الانفتاح على الآخر. لكن في يوليو/ تموز 2015، نشر صاحب الحقل الذي يتدرب فيه لافتة عند المدخل الأمامي أعلن فيها أن من غير المسموح استفادة المسلمين من خدمات مؤسسة "خالية من المسلمين". ويقول "اعتقدت أن زياراتي إلى هناك ستكون وسيلة جيدة لبناء جسر مع هؤلاء الناس الذين يضمرون بعض العداء تجاه المسلمين، لكنهم بمجرد أن علموا أنني مسلم، أرادوا مني أن أغادر".

يملك فتيحة ست مسدسات وهو محقق في أوكلاهوما. تعلم إطلاق النار من والده، وهو أب لأربعة أطفال ويعلم ابنه البكر على استخدام السلاح. ويأمل أن تهتم "الرابطة الوطنية للبنادق الأميركية"، وهي منظمة تدافع عن حقوق حمل السلاح وكان عضواً فيها، بأن تهتم بتعليم استخدام الأسلحة وليس بيعها فقط.

امتلاك السلاح حق للأميركيين لا أحد يجرؤ على انتزاعه(تويتر) 

أما الشاب العشريني آدم أبو طه، خريج جامعة جورج ماسون في ولاية فرجينيا الشمالية، فهو من المؤيدين المتحمسين لوضع قيود أكثر صرامة على ملكية السلاح. ويقول: "دعوا الجميع يحتفظون بأسلحتهم، ولكن اجعلوا عملية الشراء أصعب، لأن من السخرية تمامًا أنني تمكنت من شراء بندقية في 15 دقيقة".

آدم ابن لأبوين مسلمين فلسطينيين هاجرا من القدس قبل 40 عاما، ويمتلك قطعة سلاح واحدة. ويشير إلى أن حمل السلاح الظاهر "ليست القاعدة الاجتماعية للمسلم". أما في مراكز الرماية، "فلا يتوقع الناس هناك أن يروا مسلماً يحمل السلاح أو يخفيه دون أن يكون مشبوهًا". ويوضح "حين نمارس إطلاق النار نكون مجموعة أصدقاء فلسطينيين، ونحرص على عدم التحدث باللغة العربية".

ويقول عبد الجليل(67 عاماً) وهو من سكان جزيرة لونغ آيلاند: "حصلت على مسدسي الخاص بهدف حماية منزلي"، مؤكداً "لم أواجه مطلقًا أي تمييز أو تكتيكات عنصرية في مراكز الرماية". وعبد الجليل مدرس متقاعد يقول إنه يجد أحيانًا نساء مسلمات بين المتدربين. ويعتبر أن "النساء أهداف سهلة لأنهن يرتدين الحجاب، وهو دلالة واضحة لأي معتدٍ أنهن مسلمات".

المحجبات هدف سهل للمعتدين (تويتر) 

ويضيف: "على الرغم من أنني أملك سلاحاً، لكنني كنت أدعو الله ألا استخدمه ضد إنسان آخر. لا أريد مطلقًا إزهاق روح أي شخص، لأنه معروف جيدًا في الإسلام أنك إذا قتلت شخصًا كأنك قتلت البشرية جمعاء".

المساهمون