جداريات اليمن... حركة ثقافية في خدمة القضايا العادلة

14 يونيو 2018
لفلسطين والقدس مكانة في ضمير الشعب اليمني (العربي الجديد)
+ الخط -
لا وزارة ثقافة في اليمن. لقد صار الشباب يخترعون ثقافتهم وحياتهم بأيديهم وأفكارهم. هذا ما تقوله أفعال الشباب اليوم في "اليمن السعيد" وهم يجتهدون، بتمويل ذاتي، لإحداث حركة ثقافية وفنية في بلادهم فيستغلون الفضاء العام لمدينة صنعاء  ومدن أُخرى ويرسمون على جدرانها.

كانت البداية من فكرة بسيطة حملت عنوان "لوّن جدران شارعك"، عبر الفنّان الشاب مراد سبيع عام 2011، وهدفت إلى تحسين وتجميل الشكل العام لمدينة صنعاء من خلال تلوين جدرانها فتنطلق العملية في منطقة واحدة خلال كل أسبوع مع مشاركة بدأت قليلة من حيث الجمهور وسرعان ما تكاثر العدد لتصبح ظاهرة في الحراك الثقافي والفني في صنعاء.

بعد ذلك، تعدّدت أسماء الحملات لتمسّ أفكاراً جريئة لمست قصصاً سُكت عنها لزمن طويل وتحديداً قضية المخفيين قسرياً منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي وهي حملة أخذت اسم "الجدران تتذكر وجوههم".

وعلى الرغم من خطورة الفكرة ومقاومة السلطة لها، إلا أنها حققت تجاوباً مدنياً غير مسبوق حتى أن بعض أهالي المخفيين أنفسهم أتوا وشاركوا في رسم وجوه أحبّائهم على جدران المدينة. بل وقال عدد منهم إنهم شعروا بحالة ارتياح كبيرة وهم يرون صور أحبائهم قد عادت لاحتلال جدران المدينة وكأنهم فعلاً قد عادوا إلى الحياة.

هكذا انتشرت فكرة الجداريات وتنوعت مواضيعها إلى أن وصلت اليوم إلى عنوان "تروس الفن"، لكن هذه المّرة عبر الشاب زهير درهم الذي يقول في حديث مع "العربي الجديد" إن "تروس الفن" أتت لقول موقف واضح تجاه حدثين تزامنا في توقيت واحد وهما نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة واعتراف إدارة دونالد ترامب بالقدس كعاصمة لإسرائيل، "والغبار الذي ثار حول قيام القوّات الإماراتية بإحكام سيطرتها على جزيرة سقطرى اليمنية. وهما حدثان لم يجدا تفاعلاً من الناس وكأن ما حدث أمر عادي، على الرغم من كون قضية القدس هي "قضية أزلية" في ضمير الشعب اليمني رغم كل أثقال الحياة التي تعوّق حركته وتفاعله مع مجريات الأحداث وتطوراتها.

كما أتت فكرة التضامن مع سقطرى لتكون بمثابة تأكيد لحق اليمن في امتلاك كل أراضيه وعدم التفريط بها تحت أي مبرر أو ظرف، وعلى أنه لا يمكن استغلال الحالة التي يمرّ بها اليمن لاحتلال أراضيه عوضاً عن الكوارث البيئية والأعاصير التي تعرّضت الجزيرة لها خلال الأيّام القليلة الماضية.


من هنا، يقول زهير درهم إن ما شجعه، بالدرجة الأولى، على إطلاق هذه الحملة ذات الأهداف السياسية الواضحة، نجاح حملات جدارية سابقة لقيت تجاوباً من جهة الناس والجمهور من مختلف الأعمار وبقيت تلك الجداريات صامدة ويقابلها الناس في ذهابهم وعودتهم على نحو يومي. وبالنسبة إليه، فإن "مسألة تعوّد الناس على هذه الصورة مسألة غاية في الأهمية وتساعد على تثبيت بعض القضايا في أذهان العامة وجعلها غير قابلة للنسيان مهما مر الوقت عليها".

ويضيف زهير أن تفاعل الناس مع الحملة كان قليلاً في البداية، نظراً لافتتاح الفعالية في بداية شهر رمضان وصعوبة التنقل في الظهيرة إضافة لصعوبة الحياة المعيشية لغالبية الناس، مشيراً إلى أن التفاعل تزايد مع الوقت وكان مرضياً بشكل كبير". ويلفت زهير إلى حقيقة أنه لم يكن بمفرده في عملية تشكيل الجدران، إذ كانت بمشاركة من الشباب: فارس العبسي، مازن سلام، عمرو القاضي، محمد عمر الحكيمي، ذي يزن العلوي، محمد القباطي، أمل العريقي وعبير النزيلي.

دلالات
المساهمون