تبرعات نهاية العام

27 ديسمبر 2018
الحقوق المنتهكة كثيرة لكنّ ثقافة المواطَنة غائبة(أنور عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
في نهاية العام الميلادي، تنشط جمعيات ومؤسسات خيرية عدّة في حملات تهدف إلى جمع التبرعات كلّ إلى قضيتها. تستخدم الرسائل النصية، وتطبيقات المراسلة، ووسائل التواصل الاجتماعي لهذا الغرض. بعضها يذهب إلى تنظيم حملات إعلانية محترفة بالملصقات في الشوارع والإعلانات في التلفزيون والإذاعة. وربما يتخذ غيرها طابع المشاركة، سواء في تنظيم النشاطات التطوعية لتوزيع الهدايا على الأطفال، أو طرح "يانصيب" سنوي.

الهدف واحد؛ جمع المال المطلوب من أجل تشغيل الجمعية أو المؤسسة من خلال تمويل برامجها لفترة محددة، أمّا القضايا فكثيرة وكلّ منها يشهد أوضاعاً مأزومة على المستوى اليومي، خصوصاً عندما يرتبط الأمر بالفقر والغلاء والمرض والعوائق والحقوق الغائبة أو المجتزأة.

الجمعيات غالباً ما تتخذ خانة واحدة تُخصّص فيها قدراتها، وتستهدف شريحة محددة من أصحاب الحقوق الذين لا ينالون حقوقهم عادة. من هؤلاء: الأشخاص ذوو الإعاقة، وكبار السنّ، واللاجئون، والمرضى المزمنون، والمساجين، والأرامل، وضحايا العنف... وغيرهم كثيرون. عادة ما تتلقى الجمعيات تمويلاً سنوياً من جهات مختلفة، أبرزها الحكومة في موازنتها السنوية المخصصة للوزارات التي تقع في إطارها الجمعيات بحسب تخصصها، ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية المختلفة. مع ذلك، تستقبل التبرعات الفردية والجماعية والمؤسسية.

الفئات المستهدفة بدورها، تستفيد بطرق مختلفة، فمنها ما يتلقى المال أو المساعدات الغذائية والعينية والطبية المختلفة، ومنها ما يتلقى مساعدات تعليمية كالمنح الدراسية مثلاً، وبعضها الآخر يستفيد عن طريق البرامج المساعدة كالتأهيل المهني، ومجموعات الدعم، والاشتراك في ندوات وتدريبات تشمل النقليات والسفر الخارجي أحياناً.

صحيح أنّ "اليوم الدولي للتضامن الإنساني" الذي يصادف في العشرين من ديسمبر/ كانون الأول من كلّ عام، هو "يوم لرفع مستوى الوعي العام بأهمية التضامن"، وهي النقطة التي تحاول الحملات أن تستفيد منها عادة لتحشيد المتضامنين والمتبرعين، فإنّه كذلك "يوم لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزاماتها في الاتفاقات الدولية". النقطة الثانية هي الأساس. فالحقوق في لبنان ليست تلقائية، بل تحتاج إلى وسيط دائماً، والأسوأ أنّ أصحاب الحقوق لا يمثّلون أنفسهم، بل يحتاجون دائماً إلى ذلك الوسيط.




السبب في ذلك واضح، وهو غياب الاستراتيجيات الوطنية التي تشمل جميع المواطنين، وغياب ثقافة المواطَنة معها. والحديث عن الجمعيات بامتداده ليطاول هيكلية الدولة، يمتد أيضاً ليطاول الأحزاب، والدور الذي تؤدّيه في محاربة ثقافة المواطَنة... وتلك حكاية أكثر تعقيداً وبساطة على حدّ سواء.
المساهمون