تجارب سوريّة مع سرطان الثدي في "أكتوبر الزهري"

19 أكتوبر 2018
العامل النفسي مهم أثناء العلاج (دليل سليمان/فرانس برس)
+ الخط -
في "أكتوبر الزهري"، تنظّم فعاليات طبية واجتماعية حول العالم هدفها تشجيع المرأة على الكشف المبكر عن سرطان الثدي. هذا الشهر خُصّص لها من أجل التوعية، إذ إنّه في الإمكان الشفاء من السرطان. هذا أمر مؤكّد علمياً. وسورية ليست استثناءً، في وقت ما زال الناس يشيرون إلى السرطان بتعبير "هداك المرض"، كأنّما تسميته من المحرّمات. وتُنظّم حملة وطنية في البلاد للكشف المبكر عن سرطان الثدي الذي يستهدف النساء مهما كانت ظروفهنّ.

أم تيم، امرأة سورية مصابة بسرطان الثدي، تخبر "العربي الجديد"، أنّه "عندما كنت أستشير طبيبتي بسبب ألم في صدري، اكتشفت أنّ لدي كتلاً في الثدي. بعد الخزعة، تبيّن أنّني مصابة بالسرطان. وتقرّر استئصال الثدي في عملية جراحية، قبل أن يخبرني عدد من الأطباء في وقت لاحق بأنّ قرار الاستئصال كان خاطئاً. كان يكفي استئصال الكتل والتجريف". تضيف أنّها "كانت صدمة قاسية جداً... مرضي واستئصال الثدي. ورحت أفكّر بأنّني صرت امرأة ناقصة وأنّ هذه أولى المراحل قبل الموت. لكن سرعان ما رحت أتساءل عن مستقبل ابني الوحيد الذي لم يكمل عامه الثالث بعد، وصرت كلّما حاول أحد أفراد عائلتي إخفاء حزنه أمامي أقول له: اطمئن لأنّني لن أموت قبل أن أزوّج تيم". وتلفت إلى أنّها ما زالت تتلقى العلاج وأنّها أفضل حالاً، على الرغم ممّا مرّ عليها، "فأنا كانت دائماً أحاول أن أهزأ من مرضي ومن الموت الذي لن يأتي إلا في ساعته".



من جهتها، تخبر لينا السيد أحمد، وهي متزوّجة وأمّ لثلاثة أولاد، "العربي الجديد"، بأنّه "قبل نحو خمسة أعوام، كنت أجري فحصاً ذاتياً فشعرت بكتلة في الثدي. لم أتأخّر، وفي صباح اليوم التالي، راجعت طبيباً مختصاً وخضعت إلى التحاليل المطلوبة التي بيّنت أنّ الكتلة سرطانية. وبدأ منذ ذلك الحين صراعي مع المرض". تضيف لينا: "خضعت إلى عملية جراحية لاستئصال الكتلة وتجريف بعض العقد. ثمّ كانت مرحلة العلاج الكيميائي. كانت تلك من أصعب المراحل، وبدأ شعري يتساقط. في بعض الأحيان، كنت أنهار، لكن سرعان ما أستعيد قوّتي بمساندة كبيرة من عائلتي. بعد ذلك كان العلاج بالأشعة، وأخيراً العلاج الهرموني المستمر حتى اليوم". وتتحدّث عن "الأفكار السلبية التي كانت تسيطر عليّ، إلى أن توصّلت إلى قناعة وهي أنّ جسدي هو الأقوى وأنّه سوف يهزم المرض. ورحت أصرّ على اعتبارها مرحلة صعبة سوف تنتهي في يوم ما، في حين كنت أخطط لمشاريع مستقبلية. وبالفعل، تخلّصت من المرض وعدت إلى حياتي العملية والعائلية. واليوم أخضع لفحوصاتي الدورية والأمور بخير".

من جهتها، تقول ميسون لـ"العربي الجديد"، إنّه "عندما علمت بإصابتي بسرطان الثدي، لم أستطع النوم ولم أتوقّف عن التفكير. في صباح اليوم التالي، كنت على قناعة بأنّني سوف أعيش هذه التجربة رغماً عنّي، لكنّني سوف أجعلها تحدياً ولن أسمح للمرض بأن يتمكن من جسدي وروحي. على الرغم من ذلك، كانت التجربة قاسية. ومجاملات الناس الذين يتعاملون مع مريض السرطان كمحكوم عليه بالموت، كانت قاسية كذلك". تضيف أنّه "بعد مرور أكثر من عامَين على تعافيّ من المرض، أظنّ أنّ العامل النفسي كان له دور كبير في شفائي.



أسرتي كان لها دور كبير في ذلك. ولا أنسى أبداً عندما قصّ زوجي شعره كله وكذلك فعل أبنائي وابنتي وأختي دعماً لي". وتنصح ميسون النساء بـ"عدم إهمال الفحوصات الدورية للكشف المبكر عن المرض. ولا تخشين تسميته باسمه".

في السياق، يقول مصدر طبي في دمشق لـ"العربي الجديد"، إنّ "سرطان الثدي يسبّب رهاباً بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى، وقد يكون الأمر مبرراً عندما نعلم أنّ امرأة واحدة من بين كل ثماني نساء معرّضة للإصابة". يضيف أنّ "الأمر يحتاج إلى اهتمام من كل الجهات المعنية، لا سيّما أنّ 70 في المائة من الحالات تُكتشف في مراحل متأخرة. وفي حين لا شيء يقي من سرطان الثدي، يبقى الكشف المبكر هو سرّ الشفاء". من جهتها، تشير مصادر مطّلعة أخرى إلى أنّ "لا إحصاءات دقيقة في سورية حول السرطان عموماً، وكذلك سرطان الثدي، بسبب النزوح المتكرر وعدم القدرة على إجراء مثل تلك الإحصاءات في مناطق عدّة".
المساهمون