حكاية امرأة عراقية بين ظلم "داعش" وإهمال الحكومة

04 يناير 2018
تجمع بقايا الطعام لتقتات أسرتها (فيسبوك)
+ الخط -


مع كل صباح جديد، وبعد ذهاب العمال والموظفين إلى أعمالهم، تخرج المسنّة العراقية أم بهاء بعباءتها الرثّة التي تغطي وجهها، تجرّ أقدامها نحو منزلين في المنطقة التي تسكن فيها ببغداد، وما هي إلا دقائق قليلة حتى تعود إلى منزلها وهي تحمل كيسا تحت عباءتها.

يتكرّر المشهد يوميا للمرأة التي تدخل منزلين وسرعان ما تغادرهما دون أن تتسول في الشوارع، أو تقف في الطرقات تستجدي الناس، بل تغلق بابها مباشرة بعد عودتها من مشوارها الصباحي ولا تفتحه إلا في اليوم التالي، وهو الأمر الذي جعل نظرات الاستغراب والفضول تلاحقها لمعرفة قصتها.

قصة وافقت أن ترويها لـ"العربي الجديد"، بعد إلحاح كبير، مشترطة عدم تصويرها، وبعد أن استوقفناها في طريق عودتها، طلبت منّا الانتظار في الشارع لتذهب بالكيس إلى بيتها ثم تعود. غابت أم بهاء لتعود وهي تحمل طفلا لا يتجاوز عمره 3 سنوات، وقالت "إنّ هذا الطفل حفيدي، قتل تنظيم داعش أباه وجده، عندما داهموا منزلنا في الموصل منذ ثلاث سنوات".

 



وأضافت "منذ تلك الفترة لم يبق لنا أحد، أنا وحفيدي وأمه لا معيل لنا، بقينا في الموصل لعدة أشهر بعد الحادثة، ثم نزحنا من مخيم إلى آخر، وانتهى بنا المطاف في بغداد، ولم نحصل على أي مساعدات من الحكومة طيلة فترة نزوحنا". وتقول "وصلنا إلى بغداد، وطرقنا باب أحد أقاربنا، الذي ساعدنا بتوفير هذا السكن البسيط الذي يأوينا".

وتروي "في كل يوم أخرج إلى المنزلين وهما لأقاربنا، وأحصل على بقايا الطعام منهما، كما أنهما يساعداني بمبلغ مالي لتيسير أمور حياتنا".

انهمرت دموع المسنة وهي تروي لنا قصتها، وقالت "لم نعتد على هذه الحياة، ولا نستطيع التسول واستجداء الأهالي، فحياتنا كانت كريمة مصونة".

وأضافت "الطعام الذي نحصل عليه يكفينا لليوم التالي، لكن لا نرى حلّا لهذه المشكلة التي نعانيها، فمنزلنا مهدّم في الموصل، ولم نحصل على أي تعويض حكومي".

وأشارت إلى أنّ "الحكومة هي سبب هذه المعاناة، فقد بخست كل حقوقنا، وحتى ممتلكاتنا الخاصة هدمت في الحرب، ولا تعويض"، تضيف "طرقت أبواب الدوائر المسؤولة، ولم أحصل منها سوى على الوعود الكاذبة، التي لا تتحقق، فرضيت بهذه الحياة بعد يأس مما في أيدي الحكومة، وها أنا ذا وهذا الطفل وأمه نعيش عيشة كفاف، ونقتات على بقايا طعام الناس، ونحلم بالعودة إلى منزلنا، عسى أن يتحقق هذا الحلم".

من جهته، أوضح رئيس جمعية السلام لحقوق الإنسان، الدكتور محمد علي، أنّ "تأخير الحكومة لملف تصحيح أوضاع ضحايا داعش يفاقم من معاناتهم بشكل كبير".

ولفت في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الحكومة لم تتمكن حتى الآن من حصر أعدادهم وعناوين تواجدهم، وهناك من تحول إلى حالة من التشرد بعد تدمير منزله وضياع المعيل بالنسبة للنساء"، مؤكدا أن الحكومة تنفق على أمور ثانوية وترفيهية، في الوقت الذي كان يجب أن تركز على هذه الشرائح.

 

 

 

 

المساهمون