ريف حمص يشكو غلاء الأدوية

03 ديسمبر 2017
تأمين الأدوية يؤرّق الأهالي (محمود طه/ فرانس برس)
+ الخط -
يزيد ضعف الرعاية الصحيّة من معاناة الناس في مناطق الحصار في ريف حمص الشمالي. مئات الآلاف يتحمّلون أعباء مادية كبيرة للحصول على الدواء، خصوصاً أولئك الذين يعانون من أمراض السرطان. ورغم الدعم الذي يتلقونه، إلا أنه لا يغطي كافة الاحتياجات، تزامناً مع نقص التخصّصات الطبية. وفي بعض الأحيان، ينتظر المريض أسابيع للحصول على موعد مع الطبيب الموجود في منطقتهم.

يقول ابن ريف حمص يعرب الدالي لـ "العربي الجديد": "قبل فترة، أصبت بألم جديد في خاصرتي وقدمي اليسرى، وقيل لي بضرورة رؤية طبيب أعصاب، علماً أن هذا التخصص غير موجود في منطقتي. أحد الأصدقاء في الخارج ساعدني على التواصل مع طبيب أعصاب عبر الإنترنت وصف لي دواء". يلفت إلى أن سعر الدواء مرتفع، "خصوصاً أنه يصل إلينا عن طريق التهريب، ويدفع الوسطاء مبالغ مالية كبيرة لتأمينه".

ويوضح الدالي أنّه "في حال لم يستطع الطبيب المتخصّص تشخيص المرض على الإنترنت، يلجأ المريض إلى طبيب عام أو جراح، يعدّ له تقريراً عن حالته الصحية ويرسلها إلى الطبيب المتخصص الذي يشخّص الحالة بدوره ويصف الدواء المناسب". ويذكر أنّ أكثر التخصصات المطلوبة في الوقت الحالي هي العقم والولادة، لافتاً إلى أنه "نتيجة الخوف ونقص الغذاء وغياب الرعاية الطبية، زادت نسبة العقم، ولا يوجد غير ثلاثة أطباء نسائيّين في الريف المحاصر. لذلك، يجب أخذ موعد قبل نحو شهر".

من جهته، يقول مدير مستشفى الرستن، كمال بحبوح، لـ "العربي الجديد": "الأدوية التي توزّع مجاناً غير متوفّرة بالكميات المطلوبة لسد احتياجات جميع السكان، خصوصاً أدوية الأمراض المزمنة. كذلك، لا نستطيع تأمين أدوية الأطفال لجميع المحتاجين، في ظل عدم تناسب الدعم المقدم مع عدد السكان. بالتالي، يلجأ الناس إلى شراء الأدوية من الصيدليات الخاصة، علماً أن أسعارها مرتفعة جداً نسبة إلى متوسط دخل المواطن. على سبيل المثال، فإن سعر دواء مثل المسكّن يصل إلى 300 أو 400 ليرة سورية". يضيف: "الدواء في الوقت الحالي متوفر في المنطقة. إلا أن ذلك مرتبط بالظروف الأمنية وصعوبة إدخاله أحياناً".



وتؤمّن منظّمة "أطباء بلا حدود" القسم الأكبر من الأدوية، لكنّها لا تغطي كامل الاحتياجات، كما يقول بعضهم. وتتراوح نسبة النقص ما بين 25 و30 في المائة. يقول الطبيب بحبوح: "لا يوجد، حتى الآن، دعم لمرضى السرطان رغم محاولاتنا العديدة، ولا نعرف لماذا لا يُتبنى هكذا مشروع رغم كلفة أدوية السرطان الباهظة، التي يضطر المريض إلى تحمّل أعبائها". ويوضح أنّ مرضى السرطان من النساء والأطفال يعالجون على حسابهم الشخصي خارج الريف المحاصر. أمّا الرجال، فيشترون الأدوية من الخارج ويتلقون العلاج في مستشفيات المنطقة. ويؤكّد وجود نقص في الأطباء المتخصّصين. وتعدّ نسبة الأطباء الموجودين قليلة بالمقارنة مع عدد السكان. "على سبيل المثال، أنا جراح لـ 100 ألف نسمة، وأجري يومياً 6 عمليات، وهناك ضغط كبير".

من جهته، يقول مندوب منظّمة "أطباء بلا حدود" في الحولة، أسامة جوخدار، لـ "العربي الجديد"، إنّ "منظّمة أطباء بلا حدود تدعم الأدوية في المنطقة بشكل كامل، ولا يوجد أي نقص"، نافياً أن يكون "الدعم قد تراجع خلال الفترة الماضية". يضيف أنّ "المنظمة تؤمّن الأدوية لكلّ الحولة وبقيّة مستشفيات الريف الشمالي مجاناً، ولا يمكن التوقف عن تأمين أدوية الأمراض المزمنة سواء في الوقت الحاضر أو في المستقبل. نحن مسؤولون عن تقديم الدواء لأي شخص يعاني من مرض مزمن"، موضحاً أنّ "هناك نقصاً في أدوية السرطان، إذ إن المنظمة لا تؤمن أدوية السرطان". يضيف أنّ المنظّمة تؤمن أدوية الأمراض المزمنة، وما قد يحتاجه الأطباء خلال العمليات الجراحية، أو في العيادات، والمواد الأساسية للإسعاف. ويوضح أن المنظمة تقدم أدوية شهرياً بقيمة 140 ألف دولار، حتى أن بعض الأدوية غير المتوفرة في المستشفيات تُشترى من الصيدليات من حساب اللجان الطبية بحسب الإمكانيات.

وعلى مدى السنوات الماضية، يفتقد الأهالي أدنى مقومات العلاج من أدوية ومستهلكات طبية وكوادر مؤهلة، رغم وجود أكثر من 32 مرفقاً صحياً تابعاً لـ 20 مكتباً طبياً تقدم الخدمات الطبية، إضافة إلى الدفاع المدني ومنظومات الإسعاف التي تقوم بعمليات الإجلاء والإسعاف أثناء الكوارث، لكن بإمكانات محدودة.

المساهمون