في لبنان والعالم العربي والعالم تبذل المنظمات الحقوقية كثيراً من الجهد اليومي للتمكن من إرساء النموذج الحقوقي في التعاطي مع قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو النموذج الذي ينادي بالدمج وتقره اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الصادرة عن الأمم المتحدة والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2008 مع توقيع معظم دول العالم عليها، بالإضافة إلى التوقيع على بروتوكولها الاختياري.
في هذا الإطار، نظمت جمعية "الأمل للرعاية والتنمية الاجتماعية" في العاصمة اللبنانية بيروت، أمس الأربعاء، ورشة عمل استهدفت شريحة أساسية من المؤثرين في قضايا الإعاقة، لا سيما لغة التخاطب اليومي وعرض الحقوق والدفع في اتجاه إرساء نموذج الدمج، وهي شريحة الإعلاميين بمختلف أشكال عملهم. وكانت الجمعية قد أصدرت قبل أشهر "دليل الإعاقة... الدليل التوجيهي للتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة" الذي وزعته أمس على المشاركين. الورشة التي كان عنوانها "لغة الإعلام في تناول حقوق وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة (وفقاً لمعايير الأمم المتحدة)"، أدارتها الدكتورة الأردنية سهى طبال، وهي المتخصصة والمستشارة في قضايا الإعاقة لدى عدد من الجهات الأممية والإقليمية والمحلية.
وبينما برز عدد من المشاركين في مواكبتهم المسبقة للاتفاقية الدولية في مصطلحاتها ومقاربتها الحقوقية، كشفت الجلسة الختامية عن قدرة المشاركين على تلك المواكبة، ما يفتح الطريق أمام نشرها بشكل أوسع من خلال موادهم بالذات وعلاقاتهم المهنية في مؤسساتهم وكذلك الاجتماعية والعائلية وغيرها. تلك الجلسة كانت بمثابة تطبيق عملي جرت خلاله محاكاة واقع استضافة وسائل الإعلام أشخاصاً ذوي إعاقة في جزء أول نمطي سلبي يعكس ثقافة المجتمع المنتشرة، وفي المقابل في جزء حقوقي إيجابي يعكس ما يفترض أن يكون وأن تظلله اتفاقية الأمم المتحدة.
بالانتقال إلى الصور النمطية والمصطلحات المسيئة للأشخاص ذوي الإعاقة، أو التي لا تفيهم حقهم، فهي عديدة بيّنتها العروض في ورشة العمل وتفاعل المشاركين معها. من هذه المصطلحات والعبارات السلبية: "معوقون، معاقون، ذوو احتياجات خاصة، عجزة، أصحاب عاهات، متحدو إعاقة، أصحاب تحديات، فرسان إرادة، أصحاب همم" وغيرها.
اقــرأ أيضاً
أولاً، لا بدّ من ذكر العبارة الصحيحة وهي "الأشخاص ذوو الإعاقة"، وهي عبارة، للمناسبة، كان بعض المشاركين في الورشة يظنون أنّها هي الخاطئة والمسيئة بينما اعتبروا عبارة "ذوي الاحتياجات الخاصة" هي الصحيحة. في هذا الإطار، لا بدّ من الإشارة إلى مبدأ حقوقي أساسي وهو الذي تعتمده منظمات الإعاقة ويتحدد في أنّ "لا شيء عنا من دوننا" والاتفاقية الأممية ترسي ذلك الحق كون الكثير من معدّيها هم من الأشخاص ذوي الإعاقة بالذات ومنظماتهم، وبالتالي فإنّ عبارة "الأشخاص ذوي الإعاقة" هي التي اختاروها هم بالذات لوصف أنفسهم. أما أن تقدم بكلمة "أشخاص" أو "شخص" فهو ما يدلّ على أنّ الشخص ذا الإعاقة هو قبل كلّ شيء شخص، أي إنسان، ما يعني أنّ إنسانيته تسبق أيّ وصف آخر، وهو ما يكرس المساواة وتكافؤ الفرص في سبيل الدمج. وبالانتقال إلى المقلب الآخر، فإنّ عبارة "ذوي الاحتياجات الخاصة" مضللة، بحسب مديرة الورشة، كونها "تعبر عن كلّ شخص لديه احتياج خاص أيّاً كان نوعه، وهو ما ينطبق على الناس جميعاً".
كذلك، مرت الورشة على تصحيح للمفاهيم، وعرضت مفاهيم خاطئة مع تصحيحها، من قبيل: "لا تقل: الإعاقة قضية إنسانية بالدرجة الأولى... بل قل: الإعاقة قضية حقوق إنسان". وفي إطار تصحيح المفاهيم، كانت لـ"العربي الجديد" مداخلة على مفهوم "الإعاقة ابتلاء واختبار"، وهو مفهوم خاطئ لكنّه يلقى انتشاراً كبيراً لا سيما في الأوساط الشعبية، إذ يربط الإعاقة بعقاب إلهي، ولا يتوانى عن الدعاء بإعاقة ما على الآخرين. ومما جاء في المداخلة أنّ قضية الإعاقة تحكمها مقاربات ثلاث: الأولى والثانية عازلتان، وهما المقاربتان الخيرية والطبية، أما الثالثة فهي دامجة، وهي المقاربة الحقوقية. وعلى هذا الأساس، فإنّ مقولة من نوع إنّ "الإعاقة ابتلاء واختبار" تضرب المقاربة الحقوقية، إذ تحمّل الشخص ذا الإعاقة وحده مسؤولية إعاقته والتعامل معها، فتتحول القضية إلى قضية شخصية تواجه مجتمعاً كاملاً ببيئته وثقافته غير مؤهل لدمجه. وعلى المقلب الآخر، تعزز هذه المقولة العزل بالترافق مع ضربها النموذج الحقوقي الدامج، فإذا جرى التضامن معه كان ذلك وفق النموذج الخيري الذي يمعن في استغلاله واستغلال إعاقته.
تبقى الإشارة إلى أنّ المقاربة الحقوقية في سعيها إلى إرساء المساواة بين الجميع سواء من الأشخاص ذوي الإعاقة أو غيرهم، تدعو إلى عدم التطرف سلباً أو إيجاباً بل تقديم الحقوق كما هي. تختصر الدكتورة طبال أسلوب التعاطي الحقوقي مع قضية الإعاقة في أنّه ما لا يستدعي قول "يا سلام" (تباهٍ) أو "يا حرام" (استصغار) في الوقت نفسه.
اقــرأ أيضاً
في هذا الإطار، نظمت جمعية "الأمل للرعاية والتنمية الاجتماعية" في العاصمة اللبنانية بيروت، أمس الأربعاء، ورشة عمل استهدفت شريحة أساسية من المؤثرين في قضايا الإعاقة، لا سيما لغة التخاطب اليومي وعرض الحقوق والدفع في اتجاه إرساء نموذج الدمج، وهي شريحة الإعلاميين بمختلف أشكال عملهم. وكانت الجمعية قد أصدرت قبل أشهر "دليل الإعاقة... الدليل التوجيهي للتعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة" الذي وزعته أمس على المشاركين. الورشة التي كان عنوانها "لغة الإعلام في تناول حقوق وقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة (وفقاً لمعايير الأمم المتحدة)"، أدارتها الدكتورة الأردنية سهى طبال، وهي المتخصصة والمستشارة في قضايا الإعاقة لدى عدد من الجهات الأممية والإقليمية والمحلية.
وبينما برز عدد من المشاركين في مواكبتهم المسبقة للاتفاقية الدولية في مصطلحاتها ومقاربتها الحقوقية، كشفت الجلسة الختامية عن قدرة المشاركين على تلك المواكبة، ما يفتح الطريق أمام نشرها بشكل أوسع من خلال موادهم بالذات وعلاقاتهم المهنية في مؤسساتهم وكذلك الاجتماعية والعائلية وغيرها. تلك الجلسة كانت بمثابة تطبيق عملي جرت خلاله محاكاة واقع استضافة وسائل الإعلام أشخاصاً ذوي إعاقة في جزء أول نمطي سلبي يعكس ثقافة المجتمع المنتشرة، وفي المقابل في جزء حقوقي إيجابي يعكس ما يفترض أن يكون وأن تظلله اتفاقية الأمم المتحدة.
بالانتقال إلى الصور النمطية والمصطلحات المسيئة للأشخاص ذوي الإعاقة، أو التي لا تفيهم حقهم، فهي عديدة بيّنتها العروض في ورشة العمل وتفاعل المشاركين معها. من هذه المصطلحات والعبارات السلبية: "معوقون، معاقون، ذوو احتياجات خاصة، عجزة، أصحاب عاهات، متحدو إعاقة، أصحاب تحديات، فرسان إرادة، أصحاب همم" وغيرها.
كذلك، مرت الورشة على تصحيح للمفاهيم، وعرضت مفاهيم خاطئة مع تصحيحها، من قبيل: "لا تقل: الإعاقة قضية إنسانية بالدرجة الأولى... بل قل: الإعاقة قضية حقوق إنسان". وفي إطار تصحيح المفاهيم، كانت لـ"العربي الجديد" مداخلة على مفهوم "الإعاقة ابتلاء واختبار"، وهو مفهوم خاطئ لكنّه يلقى انتشاراً كبيراً لا سيما في الأوساط الشعبية، إذ يربط الإعاقة بعقاب إلهي، ولا يتوانى عن الدعاء بإعاقة ما على الآخرين. ومما جاء في المداخلة أنّ قضية الإعاقة تحكمها مقاربات ثلاث: الأولى والثانية عازلتان، وهما المقاربتان الخيرية والطبية، أما الثالثة فهي دامجة، وهي المقاربة الحقوقية. وعلى هذا الأساس، فإنّ مقولة من نوع إنّ "الإعاقة ابتلاء واختبار" تضرب المقاربة الحقوقية، إذ تحمّل الشخص ذا الإعاقة وحده مسؤولية إعاقته والتعامل معها، فتتحول القضية إلى قضية شخصية تواجه مجتمعاً كاملاً ببيئته وثقافته غير مؤهل لدمجه. وعلى المقلب الآخر، تعزز هذه المقولة العزل بالترافق مع ضربها النموذج الحقوقي الدامج، فإذا جرى التضامن معه كان ذلك وفق النموذج الخيري الذي يمعن في استغلاله واستغلال إعاقته.
تبقى الإشارة إلى أنّ المقاربة الحقوقية في سعيها إلى إرساء المساواة بين الجميع سواء من الأشخاص ذوي الإعاقة أو غيرهم، تدعو إلى عدم التطرف سلباً أو إيجاباً بل تقديم الحقوق كما هي. تختصر الدكتورة طبال أسلوب التعاطي الحقوقي مع قضية الإعاقة في أنّه ما لا يستدعي قول "يا سلام" (تباهٍ) أو "يا حرام" (استصغار) في الوقت نفسه.