لماذا يكرهون 25 يناير؟

22 يناير 2016
الثورة كانت قوية في أيامها الأولى (فرانس برس)
+ الخط -

بعد نحو عام من تنحي حسني مبارك عن حكم مصر بثورة شارك فيها عدد من المصريين، أصبح واضحاً لدى كثير ممن شاركوا في تلك الثورة التي تحل ذكراها بعد أيام، أن جنرالات جيش مبارك تركوها تتفاعل وتتصاعد مطالبها لتحقق لهم هدفاً أساسياً كان مخططاً له بالفعل، وهو منع توريث الحكم لابنه جمال.

لم يكن الجيش غاضباً على مبارك بالقدر الذي يسمح له بالانقلاب عليه، على الرغم من أن مبارك سمح للمؤسسة الأمنية بالتوسع على حساب المؤسسة العسكرية كثيراً، سياسياً واقتصادياً، وربما كان ما فعله مبارك كعسكري مقصوداً لتحجيم قدرات الجيش على التدخل في مقدرات البلاد على حساب مخططات الجنرال العجوز الذي يدرك جيداً طريقة تفكير الجنرالات.

وجد الجيش في ما أطلق عليه لاحقاً "ثورة شعبية"، فرصة لا يمكن تعويضها للانقلاب على مبارك. لا يمكن أبداً لعاقل أن يتصور أن مبارك كان سيتنحى عن الحكم لو أن الجيش لم يُظهر له أنه ضد بقائه، ومفهومة بالطبع محاولات الشرطة للإبقاء على مبارك باعتباره كنزاً لا يعوض، ومفهوم أيضاً موقف الغرب وإسرائيل وكذا بعض دول الخليج منه.

غير المفهوم حتى الآن، تلك الحالة من السذاجة التي كان عليها الثوار في مصر، وربما هي حالة متواصلة حتى الآن. لا يمكن فهم الأسباب التي دعتهم إلى تسليم ثورتهم إلى جيش مبارك. ربما يكرّر البعض أن هذا كان الحل الوحيد المتاح وقتها، لكن بعض الوقائع تنفي ذلك، فالثورة كانت قوية في أيامها الأولى، وكان الجنرالات يحسبون لها حساباً، حتى أن الحوار مع الشباب كان مقدماً على الحوار مع قيادات الأحزاب وعواجيز السياسة الذين باعوا الثورة سريعاً.

في الأساس، لا يمكن تصور قبول الجنرالات لثورة، خصوصاً وأن تلك الثورة قامت على جنرال مثلهم، ولا يمكن تصور أن من سيطروا على البلاد طيلة ستة عقود سيتركونها لمدنيين يرفضون أن يحكمهم جنرال، مهما كانت قوة هؤلاء المدنيين.

ما يحتاج إلى دراسات ونقاشات مطولة هو موقف المصريين العاديين من الثورة، وانحيازهم الأعمى للجنرالات، ورفضهم لكل محاولات تغيير النظام القمعي الفاسد الذي تحكم كل قراراته وتصرفاته مصلحة أفراده ومصالح من يحمونه أو يدعمونه من الخارج، على الرغم من أن هؤلاء البسطاء هم أكثر المتضررين منه، وأكثر المستفيدين من تغييره.

جرت بالفعل نقاشات ومحاولات فهم كثيرة على مدار السنوات الخمس الماضية، لكن أحداً لم يستطع بعد تفسير الحالة بوضوح، ربما نحتاج مزيداً من الوقت، وربما نحتاج مزيداً من التحليل، وربما نحتاج أيضاً أن تمر البلاد بمزيد من الأحداث ليفهم الناس الواقع، قبل أن نعرف لماذا يكره معظم المصريين 25 يناير.

اقرأ أيضاً: هل يعود الربيع؟
المساهمون