الكورنيش ينتصر

07 سبتمبر 2015
سعى إلى الدفاع عن حق التمتع بالكورنيش (حسين بيضون)
+ الخط -

فعل خيراً شباب حملة "بدنا نحاسب" الذين حملوا عبوات الدهان ونزلوا إلى الكورنيش البحري لبيروت، كي يرشّوا عدّادات وقوف السيارات الجديدة، التي بدأت الجهات المعنية بتركيبها.
ليس هذا تشجيعٌ على الشغب أو تخريب الممتلكات العامة كما قد يظنّ بعضهم. لم يقصد الشباب الذين بادروا إلى هذه الخطوة التخريب لداعي المتعة أو التسلية، ولم تكن لديهم هذه النية في الأصل. الهدف من حركتهم كان الدفاع عن حق التمتع بالكورنيش، مساحة الفقراء والناس العاديين الأخيرة في هذه المدينة التي تزداد قسوةً يوماً بعد يوم.

لم يشبع النظام، الذي يطارد شباب الحملة "المفسدين" فيه في هذه الأيام بالتعاون مع حملات أخرى وشريحة من المواطنين، من قضم المساحات التي تصل يده إليها. رموز النظام وأدواتهم وضعوا اليد على مساحات كبيرة من الشاطئ اللبناني، وبنوا عليها منتجعات خاصة بهم أو بأزلامهم. حتى ميناء قديمة للصيادين في منطقة الروشة، الدالية، ضاقت في عينهم فصوّبوا عليها وقرّروا ابتلاعها. كما أغروا فئة من الصيادين - بعضهم يستحق وبعضهم الآخر لا يستحق - بمبالغ مالية لم يحلموا يوماً بها من بيع السمك لقاء تخلّيهم عن حقهم بالإفادة من الميناء. والمساحة العامة على الكورنيش، سواء كانت كبيرة بحجم شاطئ أو صغيرة بحجم مكان لركن السيارة، تظلّ حقاً للمواطنين.

من أين يأتي النظام بهذه الجرأة والوقاحة؟
لا شك أنه كلما سكت المواطن عن حقّ له زاد "المفسدون" في النظام بإمعانهم. ولا يمكن لذلك أن يحدث لو أنه خرج من يرفض أو يعترض على إجراءات أو غبن أو حتى قوانين فيها انتقاص من حق المواطنين.
لم ينزل هؤلاء الذين اختاروا "تخريب" عدّادات الوقوف بدافع الأذى أو التسلية. نزلوا بدافع حماية حق. وحماية الحق هو القاعدة الرئيسية لأي قانون. ومع أنهم كانوا يعرفون أن هذا الأمر قد يعرّضهم للملاحقة والتوقيف، إلا أنهم اختاروا فعله في وضح النهار، وأمام عيون الجميع، تأكيداً على هذا الحق.

ماذا فعل هؤلاء الشباب؟
ما فعلوه حقيقة هو الانتصار للكورنيش وناسه العاديين، وهو نفسه السبب المباشر الأول للحراك. كي لا يضيع ما تبقى من حقوق، خرجت هذه المجموعات منذ النشاط الأول المطالب بإيجاد حلّ لمشكلة النفايات التي تراكمت في بيروت وجبل لبنان. ثم صارت النفايات قضيّة وطنية بعدما ثار مواطنون في الأطراف رفضاً لجعل بلداتهم وقراهم مكبّات للمدن دون خطط بيئية وصحية واضحة.

الناشطون في الحراك يعرفون طريقهم، حتى الآن، ولو اختلفوا بين الحين والآخر، وكل يوم سيفاجئون النظام وأزلامه بنشاط جديد.
الحراك بخير ومستمر. شجّعوه.

اقرأ أيضاً: إنذار إلى الحكومة
المساهمون