صار لك بحر

05 سبتمبر 2015
ها أنت نائم ولا تشعر بشيء (موقع مهناز يزداني)
+ الخط -

هذه فرصتي لأكتب عنك. اليوم موعد نشر مقالي ولن أجد أفضل منك. صورتك وحدها كافية لجذب جمهور كبير. لا يهم كثيراً ما قد يكتب. جميع الكلمات ضعيفة أمام صورتك التي ربما تكون الوحيد الذي لم يرها. وصلت إلى الشاطئ، ذلك الذي أخبرك والداك أنه سيكون بإمكانك أن تشيد عليه القصر الذي تحب، وربما تحلم أن تعيش فيه. غرفتك كبيرة. هكذا أردتها. ولطالما قلت، بحروفك، أنك ستملؤها بالألعاب. ولن تنسى سيارات السباق الأحب إلى قلبك.

لا قصور هنا. ملكتَ بحراً بعدما توقف فيك النبض. فلو كنت حياً، لما كان لك. ها أنت نائم ولا تشعر بشيء الآن. هذا النوم ثقيل عليك. هناك موجة تقترب فاستعد للقفز فوقها. لكنك لا تفعل. آه. نومك ثقيل. هل أغطيك بالرمال أم أبدو وكأنني أستعد لكتابة قصيدة؟ كان علينا أن نغطيك في ما مضى، قبل أن تغفو. الآن لم تعد بحاجة إلينا. لن يهمك أين تدفن جثتك. فلتبقَ فوق على أرضنا النتنة عسى العالم لا ينسى مأساتك. وما أسرعنا في ذلك.

ليت موتك كان "افتراضياً" مثل العالم الذي نقل صورتك. جميل أنت. لا داعي لأرى وجهك أو أعرف اسمك. كان يمكنك أن تكون مجرد طفل قبل أن تصير أشياء كثيرة، آخرها جثة، ثم صورة نوثّق من خلالها مجزرة، ثم عجزاً.

بكى لأجلك كثيرون. وماذا يهم بكاؤهم؟ يبكون إرضاءً لإنسانيتهم، وربما خوفاً على أطفالهم الأحياء. لن نستطيع مساعدة الجميع. فلنكتفِ بالبكاء إذاً إلى أن تطفو الجثث فوق جميع البحار. حينذاك، سيكون لدينا ما نقوله أيضاً. سقطت السماء على الأرض، وهذه نجومها.

***

أنتِ أيضاً وضعتِ أزهارك على المقعد الخشبي خارج الحانة، وغفوتِ. لكن لا صورة لك. يدخل أناس ويخرج آخرون وأنت نائمة. أحدنا لم يحملك. لم تفكري في احتمال أن تسرق أزهارك التي لم تُبَعْ جميعها بعد. تعلمين أن هناك من سيحاسبك. لكنك غفوتِ مثل نجمةٍ سقطت من السماء. نصفك الأعلى على المقعد وقدماك على الأرض. تبدين حريصة على تذكير نفسك بواقعك. النوم كثير عليك يا طفلة. ابحثي عن عشاق أو أزواج أو إنسانيّين. قولي للشاب أن يشتري وردة لـ "وردته الجميلة". ها هو يبتسم. لا تحزني وإن سخر منك. بائسٌ هو الذي لا يحب الورود.

ها أنتِ تصنفين الصبايا. هذه جميلة أما تلك فلا. أتكذبين على حبيبها إذاً؟ لم يعلمك أهلك أن تكذبي، لكن صار مسموحاً أن تنامي خارج حانة، بنصفك الأعلى فقط. أين ورودك؟ فلتذهبي بها إلى الشاطئ وتضعيها فوق جسد الطفل. هو جميل أيضاً ويستحقها. ويُقال إن العروق الخضراء تريحُ أرواح الأجساد الميتة.

اقرأ أيضاً: لن يسرق الرغيف
المساهمون