أطفال القدس محرومون من دخول "الأقصى" لليوم الثاني

11 اغسطس 2015
الشرطة تعتقل الطفل محمد (مواقع التواصل)
+ الخط -

عند باب الأسباط، أحد الأبواب الرئيسية للمسجد الأقصى المبارك، توسطت الطفلة "نادين" من واد الجوز شمالي البلدة القديمة، رفيقاتها، صباح اليوم الثلاثاء، وهي تذرف الدمع بعد أن ضربها شرطي إسرائيلي ودفع بها بقوة لتقع أرضاً، بعد اعتراضها ومجموعة من الأطفال المقدسيين ومنعهم من دخول الأقصى لليوم الثاني على التوالي، ليلتحقوا بمخيم صيفي تنظمه هيئات مقدسية تحت شعار "الأقصى مسؤوليتي".

لم تجد الطفلة الكلمات حين سألناها عن سر بكائها، واكتفت بالقول: "مادخلوناش هالكلاب عالأقصى. طيب إحنا شو سوينا؟ ليش بدخلوا المستوطنين وإحنا بمنعونا؟".

الطفلة المقدسية سبقتها دموعها وهي تشير إلى يدها الصغيرة التي أصيبت برضوض، ما لبثت أن امتدت إلى ظهرها بعد أن أوقعها الجنود أرضاً بينما كانت تصرخ في وجوههم "الله أكبر".

حدث هذا الاعتداء أيضاً مع رفيقتها "سناء" من البلدة القديمة في القدس، والتي تقطن على مسافة عشرات الأمتار فقط من المسجد الأقصى، والتي مُنعت أمس واليوم من الالتحاق بالمخيم الصيفي وحرمت من المشاركة بفعالياته.

أصيبت "سناء" هي الأخرى برضوض، وكانت لا تزال ترتجف بعد أن داهم الجنود تجمعاً لرفيقاتها كانت فيه، ودفعوهن ليقعن جميعاً فوق بعضهن، ولم يسلم من الاعتداء أيضاً مرافقتها، وهي معلمة مدرسة.

ورغم صغر سنها، فإن سناء تصر على العودة إلى الأقصى يوم غدٍ مجدداً. "بدي أرجع بكرة. وبدنا ندخل غصبن عنهم. هذا الأقصى إلنا وما رح نخليهم ياخدوه منا".

عند باب السلسلة، وهو باب آخر من أبواب المسجد الأقصى، كان الطفل محمد على موعد مع الاعتقال من قبل جنود الوحدة الخاصة في شرطة الاحتلال، بعد أن اعتدوا عليه بالضرب، لرفضه الانصياع لأوامر بوقف التكبير والهتاف، دفعوه بقوة، ودفعهم هو أيضاً رغم انعدام التكافؤ جسدياً بينه وبينهم.

وحين رفع محمد شارة النصر وهو بين أيدي الجنود، زادوا من تعاملهم الوحشي معه حتى كاد يختنق وهم يدفعونه بقوة إلى مركز استجواب قريب.




قال خالد، وهو صديق لمحمد، لـ"العربي الجديد": "إمبارح كمان ضربونا. ومنعونا ندخل. ليش؟ مش عارفين. بس مسموح يدخلوا المستوطنين وأولادهم. أما إحنا ممنوع".

في باب السلسلة، كما في باب الأسباط، كان منسوب الغضب يسجل منذ ساعات الصباح ارتفاعاً كبيراً واستمراراً في الصعود، خاصة بعد اعتقال سيدتين مرابطتين واعتقال محمد والاعتداء عليهم جميعاً.

المرابطات اللواتي تصدين للجنود والمجندات لم يملكن وسيلة للرد على عنف شرطة الاحتلال وقطعان مستوطنيه، سوى التكبير؛ منه يستمددن العزم والقوة ويغظن الجنود والمستوطنين الذين لا يجدون وسيلة للرد على غضب المصلين إلا شتم نبيهم والتلويح لهم بإشارات نابية على مرآى من جنود الاحتلال الذين يعاملونهم بلين ومرونة.

أما التجار وجموع المواطنين المقدسيين، الذين لا حول لهم ولا قوة، فلا يجدون من وسائل الاشتباك مع الاحتلال ومستوطنيه سوى العراك الكلامي، الذي انتهى اليوم الثلاثاء، كما انتهى بالأمس برشهم بغاز الفلفل.

وفيما كان أطفال القدس يُضربون ويُمنعون من دخول أقصاهم، ويقتادون إلى التحقيق والاستجواب، كان أطفال وفتية المستوطنين يستبيحون باحات الأقصى حفاة كما تقتضي طقوسهم، وإمعاناً منهم في الاستفزاز كانوا يوزعون الابتسامات الصفراء ويلتقطون الصور للمرابطات وكبار السن الفلسطينيين.

الأطفال اليهود يظهرون استهزاءهم بالتكبير، ويرددون بلكنة معوجة "الله أكبر"، فيما تحرسهم وحدات خاصة من شرطة الاحتلال لم تتورع في الاعتداء على حراس الأقصى الأسبوع الماضي، بعد أن تصدوا لمستوطن متطرف حاول رفع علم إسرائيلي في باحة مسجد الصخرة المشرفة.

اقرأ أيضاً: مساعي دخول القدس تحطّم عظام شبان فلسطين