متطرفون يهود يطالبون بإغلاق مخابز مقدسية

10 ابريل 2015
مخابز القدس تتصدى للمستوطنين (العربي الجديد)
+ الخط -
تحاول جماعات يهودية متطرفة فرض أنماط حياتها على المقدسيين، إذ حاولت إغلاق مخابز مقدسية، بذريعة بيعها الخبز والكعك المقدسي الشهير في فترة الأعياد اليهودية، وتحديدًا عيد الفصح لادعائهم بمخالفة الشريعة اليهودية.

وتعرضت مخابز عدة في بلدة القدس القديمة على مدى سنوات الاحتلال الماضية، لهجمات من قبل متطرفين يهود تراوحت ما بين الاعتداء بالضرب على أصحابها، أو إلحاق الضرر بمحتوياتها.

ويعتبر مخبز أبو سنينة الكائن في حارة الشرف أو ما يطلق عليه الآن الحي اليهودي داخل أسوار البلدة القديمة، واحدًا من أقدم المخابز المقدسية، والذي يعمل منذ عقود الاحتلال الماضية وحتى الآن، كعقارٍ متبقٍ في حارة الشرف، إضافة إلى مسجد عمر بن الخطاب المهجور من المصلين والممنوع رفع الآذان فيه، كونه يتوسط الحي اليهودي المكتظ باليهود الأميركيين المتطرفين.

ولا تكاد تمر مناسبة دينية إلا ويتعرض مخبز أبو سنينة لاعتداءات المتطرفين، وتتعالى أصوات النسوة والفتية والحاخامات اليهود بالامتناع عن الشراء من العرب أو بيعهم، ويتنادون في ما بينهم "هذا محل عربي لا تشتروا منه".

الاعتداءات على أصحاب المخبز من عائلة أبو سنينة، باتت أمرًا يوميًا، وما على العائلة سوى الصمود في وجه التطرف اليهودي في عقار قديم جدًا بني في العهد المملوكي، وظل صامدًا رغم تعرض حارة الشرف بعد احتلالها في العام 1967، للهدم والتدمير والترحيل.

وعلى مدى ما يزيد عن ثمانين عامًا حسنت العائلة من هيكل مخبزها الداخلي، وهيأته ليطابق أرقى مواصفات دائرة الصحة الإسرائيلية وبلدية الاحتلال، فلم يعد هناك حجة إسرائيلية لإغلاقه لدواعٍ تتعلق بعدم ملاءمة شروط الصحة العامة.

وحارة الشرف التي أصبحت تحمل اسم "الحي اليهودي"، تبدلت ملامحها العربية، في حين يتعرض باطن أرض الحي للتهويد، بما يتوافق مع رواية الاحتلال المزعومة بأن حجارتها وأعمدتها بقايا الهيكل المزعوم.


ويقول أصحاب المخبز لـ"العربي الجديد"، إن "منتجات المخبز تذهب في الغالب إلى مطاعم ومنازل مقدسيين مجاورين، بينما يقاطعها المستوطنون، وتشتد تلك المقاطعة في أعيادهم الدينية خصوصاً في عيد الفصح، حيث يحاولون منعنا من تشغيل مخبزنا وبيع منتجاته، بادعاء مخالفة ذلك للشريعة اليهودية".

بل ويذهب المتطرفون اليهود إلى أكثر من ذلك، حين يعتدون على عاملي المخبز دون أن تحرك شرطة الاحتلال ساكناً، فيما تحولت جدران المخبز المقدسي الخارجية إلى لوحة كراهية تكسوها الشعارات العنصرية اليهودية كرهًا لكل ما هو عربي.

تحديات البقاء في مخبز أبو سنينة كبيرة، كما يقول أصحابه، إذ بدأوا عملهم فيه منذ عهود آبائهم وأجدادهم على الحطب، ثم باستخدام السولار، وأخيرًا تحاول بلدية الاحتلال إلزامهم باستخدام الغاز، بعد أن أرغمتهم على ترميمه وصيانته من الداخل.

في حين يجد أصحاب المخبز صعوبات متزايدة في إدخال الدقيق ونقل الخبز والكعك منه إلى الأسواق القريبة وخارج أسوار المدينة، حيث تفرض عليهم الغرامات والمخالفات، ويتعرضون للاعتقال بدواعٍ مختلفة.

هذا العام ومع بدء الأعياد اليهودية، صعّد المتطرفون من مضايقاتهم لأصحاب المخبز، ومنعوهم من وضع بسطات الخبز أمامه، وأقاموا بسطات بمعجناتهم وحلوياتهم قبالته، وحرضوا السياح الأجانب على العرب، ففي دعايتهم "العرب لصوص فاحذروهم".

فجأة تذكر أرييه كينغ، عضو الائتلاف اليميني المتطرف في بلدية الاحتلال بالقدس ورئيس ما يسمى بـ"صندوق أراضي إسرائيل"، مخابز البلدة القديمة، ومنها مخبز أبو سنينة في حارة الشرف ليطلق حملة جديدة لاستهدافها، عبر مطالبته البلدية والشرطة بمنع هذه المخابز من العمل في الأعياد اليهودية، لا سيما في المناطق التي تتميز بكثافة استيطانية يهودية.

وكان كينغ يعتبر عراب الاستيطان في القدس المحتلة، والمسؤول عن محاولات السيطرة والاستيلاء على عقارات المقدسيين، حيث بذل جهودًا كبيرة للسيطرة على مخبز أبو سنينة وحاول شراءه بملايين الدولارات لموقعه الاستراتيجي وسط حارة الشرف، لكن محاولاته فشلت، كما باقي محاولات الجمعيات الاستيطانية.

وتعي عائلة أبو سنينة وجميع أصحاب المخابز المقدسية في البلدة القديمة وخارج أسوارها، ضراوة الحملة اليهودية، ظاهرها الخبز والكعك المقدسي، وباطنها استئصال ما تبقى من حضور فلسطيني في القدس العتيقة وأكنافها.