يقصد عشرات العراقيين يومياً من داخل مدينة الموصل وخارجها نبع المياه الكبريتية الواقع على ضفاف نهر دجلة، بحثاً عن فوائد هذه المياه في علاج الأمراض الجلدية.
أحمد بشار، أحد الشبان الذين يقصدون هذه المياه الكبريتية باستمرار، يقوم بتغطية جسمه بطین النبع الذي يحتوي على الكبريت بحثاً عن فوائده المزعومة في علاج الأمراض الجلدیة. ویرى أحمد ومعه الكثیرون من زوّار ھذا النبع، أنّ الطین الغني بالمعادن یمكن أن یعالج الأمراض الجلدیة التي تسبّب حكّة الجلد وكذلك الالتھابات الفطریة.
تحدث بشار لموقع "العربي الجديد" عن فائدة عين كبريت، وقال: "عين كبريت بمدينة الموصل قديمة جداً، وتوارثنا زيارة المنطقة عن أجدادنا. تتميز الموصل بوجود عين كبريت، التي يوجد فيها الـ(گيل)، وهو نوع من أنواع الطين، وهو مفيد جداً لعلاج الأمراض الجلدية، مثل الحساسية وحبّ الشباب والحكّة. أنا كنت أعاني من حب الشباب بظهري وعالجت نفسي بالمياه الموجودة بهذه المنطقة. وبالإضافة لاستخدام هذه المنطقة لعلاج الأمراض الجلدية، فإنها أيضاً أشبه بمنطقة سياحية بسبب جمال طبيعتها".
"آلية العلاج تكون بأخذ قطعة من الگيل، أو كما يُعرف بالطين، ودعكه بالماء ومن ثم تدليكه على الجسم والوقوف قليلاً في منطقة مشمسة أو خارج الماء إلى أن يجفّ ومن ثم نغتسل بالماء ونكرّر هذه العملية لمدة يومين أو ثلاثة".
تتكوّن میاه النبع الكبریتیة ھذه من تدفق المیاه الجوفیة في باطن الأرض مروراً بالطبقات الجیریة التي تحتوي على بعض المعادن المترسّبة في المیاه وضمنھا الكبریت، ویعتقد زوار ھذا النبع أنّ الكبریت الموجود في ھذه المیاه یساعد في علاج الأمراض الجلدیة.
صكر محمد، أحد الشبان الذين يقصدون هذا النبع، يقول: "نحن نقصد عين كبريت منذ كنا صغاراً. آباؤنا وأجدادنا علّمونا علاج الأمراض الجلدية، كالحكة وداء الجرب، بهذه الطريقة. نضع الطين على جسمنا ونقف لمدة 10-15 دقيقة في الشمس إلى أن يجفّ الطين. نغسله بعدها بمياه النبع ونكرّر العملية مرتين أو ثلاثة. هذه العين لها فوائد في علاج الأمراض الجلدية، ويقصدها الزوّار من مختلف المدن والمحافظات".
يقول الشاب أحمد وليد عن هذه المياه: "كنت أعاني من حبّ الشباب في وجهي، فقصدت هذه العين اليوم، للمرة الثانية، وقد لاحظت تحسناً في بشرتي. ونحن في الموصل مشهورون بكوننا نعالج أنفسنا بعين كبريت من الأمراض الجلدية".
ویرى الطبیب المختصّ في الأمراض الجلدیة شامل الجبوري أنّ المیاه المعدنیة تساعد في علاج بعض الأمراض الجلدیة.
وقال الجبوري لـ"العربي الجديد": "عين كبريت تحتوي على مياه معدنية وعناصر معدنية، مثل مادة الكبريت ومواد أخرى. مياه هذه العين باردة، وليست حارة مثل العيون المعدنية الموجودة في ناحية حمام العليل الواقعة جنوب شرق الموصل. وعين كبريت تساهم بتخفيف العديد من الأمراض الجلدية، كالحكة الجلدية، داء الجرب وداء الصدفية، لكنها لا تشفي من المرض. هنالك اعتقاد خاطئ عند الناس بأنّ عين كبريت يمكن أن تشفي جميع الأمراض، ثم يتفاقم المرض لديهم بسبب عدم زيارتهم الطبيب وأخذ مشورته بصورة صحيحة واعتمادهم الكلي على هذه العين، في اعتقاد خاطئ منهم أنها تشفي جميع الأمراض الجلدية".
يعتقد زوّار مياه النبع الكبريتية هذه أنهم سیحصلون على علاج للأمراض الجلدیة التي یعانون منھا من خلال تغطیة أجسامهم بھذا الطین والوقوف تحت أشعة الشمس حتى تجف أجسامهم ومن ثم یستحمون في میاه النبع، فیما یرى آخرون أنّ ھذا النبع لا يشفي إلّا أمراضاً بسیطة ولا جدوى كبیرة من استخدام مياهه لعلاج الأمراض المزمنة.
نبع المیاه الكبریتیة ھذا، الذي يقع على ضفاف نهر دجلة بمدینة الموصل العراقية، یتجاوز عمرھ الألف عام وهو أصبح أشبه بصیدلیة طبیعیة لبعض زائریھ، لكنه لا يزال مهملاً وغير مستغلّ بشكل صحيح.