وفيات داخل سجن الكرخ في العراق.. وتردي أوضاع النزلاء الصحية

29 ابريل 2024
انتهاكات عدة تشهدها السجون العراقية، سجن بوغريب، أكتوبر 2005 (غون مور/Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تدهور الأوضاع الصحية في سجن الكرخ ببغداد، مع تسجيل وفيات وتردي صحي للنزلاء بسبب سوء التغذية، الإهمال الطبي، وانتشار الأمراض المعدية.
- المنظمات الحقوقية ولجان البرلمان تناشد الأمم المتحدة والحكومة العراقية للتدخل دون استجابة فعالة، مع التأكيد على ضرورة قانون العفو العام لتخفيف الاكتظاظ.
- النظام القضائي والسياسي في العراق يواجه انتقادات بسبب "التهم الكيدية" والاعتقالات، مع وعود من وزارة العدل لتوسعة السجون ومطالبات بتحسين الأوضاع الصحية والإنسانية للمعتقلين.

كشفت مصادر حقوقية عراقية في العاصمة بغداد، تسجيل ما لا يقل عن ثلاث حالات وفاة خلال اليومين الماضيين وتردي الأوضاع الصحية لنحو 10 آخرين، إثر ظروف غير صحية وسوء تغذية داخل سجن الكرخ المركزي ببغداد، أبرزها انقطاع الماء الصالح للشرب عنهم، واكتظاظ غرف السجن بالنزلاء، وانتشار الأمراض المعدية وتوقف الرعاية الصحية عنهم.

سجن الكرخ.. سوء تغذية وإهمال طبي

وأبلغ مصدر حقوقي عراقي "العربي الجديد"، عن تسجيل ثلاث حالات وفاة خلال الـ 48 ساعة الماضية داخل سجن الكرخ المركزي الواقع غربي بغداد، نتيجة سوء التغذية والإهمال الطبي وجميعهم من غير كبار السن، اثنان منهم بالعقد الثالث، والآخر بالعقد الثاني من العمر، إلى جانب تسجيل تردي حالة 10 آخرين، وإصابة عشرات من النزلاء بالتهابات معوية ومشاكل تنفسية، وأمراض جلدية مختلفة، من دون اتخاذ أي اجراء سريع وفوري من قبل إدارة السجن لعلاج المصابين.

عمر الفرحان مدير "المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب"، وهي منظمة حقوقية عراقية تعمل في بغداد وعدد من محافظات البلاد، أكد تلقي مركزه العديد من رسائل المناشدات من نزلاء سجون الكرخ للرجال والكرخ للنساء والتاجي والحوت في الناصرية، والتي تؤكد تعرضهم للانتهاكات المستمرة والابتزاز وعمليات الانتقام المتواصلة، مشيرا إلى أن "الانتهاكات لا تزال مستمرة في السجون العراقية كسجن الكرخ والتاجي والناصرية "الحوت"، ويؤكد ذلك المناشدات التي تصل من نزلاء هذه السجون".

لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي أكدت تسجيل جملة من الخروقات والانتهاكات داخل سجن الكرخ وباقي السجون الحكومية

وأوضح الفرحان في تصريح لـ"العربي الجديد" أن تلك المناشدات نُقلت لبعثة الأمم المتحدة في بغداد والحكومة العراقية، دون أن تجد آذانا صاغية، أو أن تلاقي إجراءات لوقف الانتهاكات في السجون، مبينا أن المجتمع الدولي بات عاجزا عن القيام بدوره في إنهاء ملف الانتهاكات داخل السجون، مضيفا أنه "في ظل الظروف المأساوية التي تعاني منها مراكز الاعتقال بات التصويت على قانون العفو العام مطلبا وطنيا وقانونيا وإنسانيا لمراعاة ملف حقوق الإنسان، محذرا بأن "الكثير من المعتقلين الذين من المفترض أن يشملهم قانون العفو تركوا لمواجهة الممارسات غير الإنسانية كالإهمال والتعذيب والتجويع، ما تسبب بتسجيل العديد من حالات الوفاة في صفوفهم.

لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي أكدت تسجيل جملة من الخروقات والانتهاكات داخل سجن الكرخ وباقي السجون الحكومية، وأشارت على لسان رئيسها أرشد الصالحي إلى أن السجون العراقية تفتقر للمعايير العالمية لحقوق الإنسان، وقال الصالحي في تصريح لـ"العربي الجديد": إن "الانتهاكات لا تزال تسجل في السجون العراقية، والتي أغلبها لا يتطابق مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة فيما يخص عمليات ابتزاز المعتقلين والاكتظاظ داخل السجون".

وشدد الصالحي على ضرورة التوافق السياسي على تمرير قانون العفو العام للحد من الاكتظاظ في السجون، وإنهاء ملف المعتقلين الأبرياء الذين من المفترض أن يشملهم القانون، مبينا أن القانون حاليا يخضع للنقاش بين القيادات السياسية الشيعية والسنية، وكشف عن أن القوى الشيعية لا تزال رافضة تمرير قانون العفو العام، على اعتبار أن المتهمين بقضايا الإرهاب صدرت عليهم الأحكام بتهم تنفيذ الجرائم الإرهابية.

قضايا وناس
التحديثات الحية

وأضاف رئيس لجنة حقوق الإنسان البرلمانية أن "السجون الحكومية ومراكز الاحتجاز تضم حاليا أكثر من 80 ألف نزيل وموقوف، وهؤلاء يكلفون الدولة العراقية أعباء مالية كبيرة، فالمعتقل الواحد يكلف الدولة نحو 11 دولارا في اليوم الواحد كأجور للطعام والشراب وغيرها"، وشدد على أن لجنته تؤكد ضرورة التخفيف من أعداد المعتقلين، والحد من مشكلة اكتظاظ السجون عبر إطلاق قانون العفو، أو عبر تخفيف الأحكام، ولا سيما عن المحكومين الذين أمضوا أكثر من نصف مدة المحكومية.

الناشط السياسي عبد القادر النايل اعتبر أن غالبية الانتهاكات داخل السجون العراقية تمارس "بدافع طائفي"، وقال النايل في حديث مع "العربي الجديد": إن "أغلب النزلاء في سجن الكرخ متهمون بقضايا كيدية تتعلق بالإرهاب، وهم من ضحايا المخبر السري".

ودعا النايل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى "زيارة السجون بشكل مفاجئ للتعرف إلى حجم الكارثة الإنسانية هناك"، كما طالب بـ"استبدال المسؤولين عن الانتهاكات وعمليات الابتزاز اليومي للمعتقلين وعائلاتهم داخل تلك السجون".

وفي الرابع من الشهر الحالي، وعدت وزارة العدل العراقية، بإنهاء مشكلة اكتظاظ السجون، ضمن خطة وضعتها لتوسعة السجون في البلاد تتضمن استحداث مدن إصلاحية متكاملة، مؤكدة أن الخطة تحتاج إلى عامين لإتمامها.

وأقرت بأن نسبة الاكتظاظ في سجونها وصلت الى 300 بالمائة، مؤكدة أنه من الصعوبة السيطرة على كل هذه الأعداد، في إشارة إلى عدد المعتقلين.

وخلال السنوات الماضية زُج بآلاف العراقيين داخل السجون، بسبب "التهم الكيدية"، أو ما يعرف بـ"المخبر السري"، إذ اندرجت أغلب تلك القضايا التي أثيرت ضدهم تحت العداوات الشخصية والتصفيات السياسية، وسط أجواء غير صحية داخل السجون، وانتزاع "اعترافات تحت التعذيب".

وملف السجناء بالعراق من الملفات المعقدة، وتعاني السجون من إدخال الممنوعات، وانتهاكات وخروقات واكتظاظ، ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في البلد، لكن أرقاماً متضاربة تؤكد أنها تقترب من المائة ألف سجين تتوزع على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية، مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.

المساهمون