والدة عميد أسرى غزة ضياء الأغا تنتظره على إفطار رمضان منذ ثلاثة عقود
علاء الحلو
لم تتذوق والدة الأسير الفلسطيني ضياء الأغا، من مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، أياً من الوجبات الرمضانية التي يحبها ابنها المعتقل في سجون الاحتلال الإسرائيلي مذ ثلاثين عاماً، فيما لا يزال قلبها ينبض شوقاً وترقباً للحظة معانقته حراً.
ويقضي ضياء الأغا (46 سنة)، عميد أسرى قطاع غزة، رمضانه الـ30 في سجن نفحة الصحراوي، وهو معتقل منذ 10 أكتوبر/ تشرين الأول 1992، ومحكوم بالسجن مدى الحياة، وهو أحد الأسرى القدامى منذ ما قبل اتفاقية أوسلو 1993، وكان يفترض إطلاق سراحه في أواخر مارس/ آذار 2014، في إطار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، إلّا أن حكومة الاحتلال لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه.
تتقاسم ملامح الشوق مع تجاعيد سنوات الانتظار تفاصيل وجه السبعينية أم ضياء، والتي قضت العقود الثلاثة الأخيرة في التنقل بين الأنشطة والفعاليات المُناصِرة للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وما زالت رغم كبر سنها تشارك في الاعتصام الأسبوعي داخل مقر الصليب الأحمر غربي مدينة غزة، وحاضرة في الجامعات أو المعاهد التي تنظم مؤتمرات لتعزيز صمود الأسرى.
وتتلهف أم الأسير لسماع أي خبر يعيد الفرحة إلى قلبها، ويرسم البسمة على شفتيها بعد سنوات من الانتظار الأليم، وتقول لـ"العربي الجديد" إنّ ملامح شهر رمضان لم تطرق بابها منذ غياب ولدها الذي حرمته قوات الاحتلال من حضن والدته، ومن أكلاته المفضلة.
وتضيف أم ضياء: "تم اعتقال ابني في سن السادسة عشرة، وحُكِم بالسجن مدى الحياة، ومنذ ذلك الحين لم أعد أشعر بأجواء شهر رمضان، أو بتفاصيله التي اعتدنا عليها معاً، ولم يعد للطعام نكهة، وتحديداً الأكلات التي يفضلها، مثل المقلوبة، وأرز الفطير، والسماقية، والحلويات، والقطايف".
ويزيد ارتجاف صوت الأم المكلومة على ابنها حين تسرد عاداته في شهر الصوم. تقول: "في الأسبوع الأول من رمضان الحالي، كنت أضع الأكل ولا أتناول منه أي شيء، وكنت أقضي الوقت في البكاء ألماً وحزناً، فحتى الآن لم أعتد على فراقه، وتُحاصرني الذكريات، منذ كنت أتفقده في نومه صغيراً".
وتتابع والدة الأسير الأغا، وهي أم لخمسة أشقاء وشقيقتين، من بينهم الأسير المحرر محمد الأغا الذي قضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي 12 عاماً: "كان ابني سلساً في التعامل. أول يستيقظ قبل أشقائه لتناول السحور، وكان يساعدني"، ولم تتمالك دموعها حين قالت: "كان يفرح بملابس العيد، ويساعدني في صناعة الكعك الذي لم أصنعه منذ اعتقاله".
ولا تزال الأم تزيّن جدران منزلها بصور ابنها الأسير، وتأمل أن تسمع منه عبارة "كل عام وأنتِ بخير يا أمي"، وأن تتناول معه طعام الإفطار الرمضاني بعد نيل حريته، وأن تعود الفرحة والبهجة إلى منزلها بعد أن غادرتاه قبل ثلاثة عقود مع ابنها الأسير.
ويقضي مئات الأسرى الفلسطينيين أحكاماً بالمؤبدات، خلف قضبان الاحتلال الإسرائيلي، من بينهم 27 أسيراً من قطاع غزة، فيما يبعدهم الاحتلال عن إمكانية تخفيف الحكم، أو الإفراج عنهم إلا عبر صفقات تبادل الأسرى.