استمع إلى الملخص
- **المساعدات الأوروبية**: التقرير أشار إلى أن المساعدات الأوروبية المرسلة إلى لبنان تُستخدم في تمويل ممارسات تنتهك حقوق الإنسان.
- **ردود الفعل الرسمية**: نفت السلطات القبرصية واللبنانية تنفيذ عمليات إعادة قسرية، وأكدت التزامها بالقانون الدولي، بينما أكدت المفوضية الأوروبية أنها تأخذ المزاعم بجدية.
وثّقت منظمة هيومن رايتس ووتش، اليوم الأربعاء، قيام القوات المسلحة اللبنانية والسلطات القبرصية بمنع اللاجئين من الوصول إلى أوروبا، وترحيلهم ليواجهوا الخطر في سورية، موضحة أن مساعدات أوروبية أرسلت إلى لبنان في محاولة للحدّ من الهجرة عبر البحر، يجري استخدامها في تمويل ممارسات تنتهك حقوق الإنسان.
جاء في التقرير الحقوقي بعنوان "لا أستطيع العودة إلى بلدي أو البقاء هنا أو الرحيل: صدّ وإرجاع اللاجئين السوريين من قبرص ولبنان"، سبب سعي اللاجئين السوريين في لبنان اليائس إلى المغادرة ومحاولة الوصول إلى أوروبا، وكيفية اعتراض الجيش اللبناني لهم وإرجاعه لهم وطردهم فوراً إلى سورية.
بالتزامن مع ذلك، قام خفر السواحل القبرصي والقوى الأمنية الأخرى بإعادة السوريين الذين وصلت قواربهم إلى قبرص للبنان، دون اعتبار لوضعهم أو خطر طردهم إلى سورية.
واستند التقرير إلى مقابلات مع 16 سورياً حاولوا مغادرة لبنان عبر قوارب المهربين، وخلص إلى أن 15 منهم "عانوا انتهاكات لحقوق الإنسان على أيدي السلطات اللبنانية أو القبرصية".
ينتهك لبنان الحظر الأساسي على إعادتهم إلى حيث يواجهون الاضطهاد، بينما يساعد الاتحاد الأوروبي في دفع التكلفة
ومن الشهادات التي نقلتها المنظمة، قول امرأة سورية (44 عاماً) إنه بعد أن اعترض خفر السواحل القبرصي قاربهم، "بدأ عناصر الأمن بإمساكنا ودفعنا" إلى سفينة العودة، و"استخدموا صاعقاً كهربائياً وهراوة" على زوجها. أضافت: "سالت الدماء من أنفه وفمه في كل مكان.. بمجرد عودتهم إلى لبنان "اقتادنا الجيش من المرفأ... إلى منطقة محظورة بين الحدود السورية واللبنانية... وطلبوا منا الركض إلى الجانب الآخر". وقالت إن الجيش السوري احتجزها وعائلتها لمدة تسعة أيام. وقالت الباحثة في مجال حقوق اللاجئين والمهاجرين في المنظمة، نادية هاردمان، "عبر منع اللاجئين السوريين من المغادرة لطلب الحماية في بلد آخر، ثم إعادتهم قسراً إلى سورية، ينتهك لبنان الحظر الأساسي على إعادتهم إلى حيث يواجهون الاضطهاد، بينما يساعد الاتحاد الأوروبي في دفع التكلفة". وأضافت "تنتهك قبرص هذا الحظر أيضاً من خلال دفع اللاجئين إلى لبنان حيث قد يتعرضون للإعادة إلى الخطر في سورية".
هيومن رايتس ووتش: انتهاكات متكررة
انتقدت منظمات حقوقية على نحو متكرر أساليب السلطات في كل من لبنان وقبرص فيما يتعلق بالتعامل مع المهاجرين وطالبي اللجوء المحتملين. وينفي مسؤولون من البلدين انتهاك أي قوانين، لكنهم قالوا إن تدفق المهاجرين يثقل عاتقهم.
يستضيف لبنان، الذي يواجه أزمة مالية شديدة منذ عام 2019، زهاء 775 ألف لاجئ سوري مسجلين ومئات الآلاف غير المسجلين، وهو أعلى عدد من اللاجئين بالتناسب لكل مواطن في العالم. وكان المسؤولون السياسيون اللبنانيون يدفعون دولاً غربية إلى إعادة توطين اللاجئين أو المساعدة في إعادتهم إلى سورية، طوعاً أو كرهاً. في الوقت نفسه، لدى لبنان اتفاقية مع قبرص للتصدي لتهريب المهاجرين. وحصلت بيروت على تمويل كبير من الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية لمراقبة الحدود اللبنانية.
وجاء في التقرير أنه في بعض الحالات جرى دفع اللاجئين السوريين الذين ألقى الجيش اللبناني القبض عليهم وهم يحاولون المغادرة إلى قبرص عن طريق البحر، إلى الحدود اللبنانية - السورية، ثم ألقي بهم على الجانب السوري. وتشير مزاعم إلى أن الجيش السوري احتجز بعضهم بعد ذلك، بينما ابتز المهربون آخرين للعودة إلى لبنان.
في الوقت نفسه، قرّرت حكومة قبرص تعليق النظر في طلبات اللجوء السورية في إبريل/نيسان. واتهمت "هيومن رايتس ووتش" السلطات القبرصية بإعادة لاجئين على متن قوارب قادمة من لبنان، بالقوة. ومنعت السلطات طالبي اللجوء قسراً في بعض الحالات من مغادرة هذه القوارب.
وفي حالات أخرى تمكن البعض من الوصول للشاطئ، لكنهم لم يحصلوا على فرصة لطلب اللجوء، واعتقلوا ثم أعيدوا إلى بيروت، وجرى ترحيل البعض إلى سورية، بحسب التقرير الحقوقي.
وقالت المنظمة الحقوقية إن السلطات اللبنانية والقبرصية استخدمتا القوة المفرطة خلال إلقاء القبض على اللاجئين وأثناء احتجازهم. وجاء في التقرير "قدّم الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه إلى مختلف السلطات الأمنية اللبنانية تمويلاً يصل إلى 16.7 مليون يورو بين 2020 و2023 لتنفيذ مشاريع إدارة الحدود التي تهدف بشكل أساسي إلى تعزيز قدرة لبنان على الحد من الهجرة غير النظامية. في مايو/ أيار 2024، خُصصت حزمة أكبر بقيمة مليار يورو للبنان حتى 2027، بما في ذلك أموال لتزويد "القوات المسلحة اللبنانية والقوى الأمنية الأخرى بالمعدات والتدريب لإدارة الحدود ومكافحة التهريب".
ونفت وزارة الهجرة والحماية الدولية القبرصية، في بيان، تنفيذها ما يسمى بـ"عمليات إعادة قسرية". وأشارت إلى أن قبرص "دولة صغيرة تقع على خط المواجهة، واستقبلت عدداً هائلاً من المهاجرين خلال السنوات القليلة الماضية". وقالت: "الدولة غير قادرة على استقبال مهاجرين إضافيين، هذا أمر مرهق للغاية. لذلك نهدف إلى إيجاد توازن بين التزاماتنا القانونية والحقائق على الأرض".
من جهتها، قالت المديرية العامة للأمن العام في لبنان لمنظمة هيومن رايتس ووتش: إنها سجلت 1388 لاجئاً، بينهم 821 سورياً، في الفترة من 1 يناير/كانون الثاني 2022 إلى 1 أغسطس/آب 2024، وصلوا على متن 15 قارباً، واعتقلوا خلال محاولتهم مغادرة لبنان. وأكدت المديرية أنها كانت على علم بجميع عمليات الترحيل التي خضعت لمعايير القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وفي ردها على التقرير، قالت القائمة بأعمال مدير المفوض الأوروبي للهجرة والشؤون الداخلية بيت غيمندر: "المفوضية الأوروبية تأخذ مزاعم ارتكاب مخالفات على محمل الجد، لكن من مسؤولية السلطات الوطنية التحقيق في أي مزاعم خاصة بانتهاك الحقوق الأساسية، وملاحقة المخالفين".
(العربي الجديد، فرانس برس)