يظن جزءٌ كبير من سكان العالم بأنّ ما نعيشه اليوم جراء انتشار فيروس كورونا، وتغيير نمط الحياة، وما تبعهما من تحديات، هو أصعب ما عاشه الإنسان خلال القرون الماضية. إلا أنّ هذا المعتقد السائد لا يوافق عليه المؤرخ في جامعة "هارفارد" مايكل ماكورميك، والذي يعتبر أنّ العام 536 كان الأسوأ على الإطلاق، بسبب العوامل الطبيعية والانكماش الاقتصادي وانتشار الطاعون.
وبحسب ماكورميك، فإنّ العام 536 كان بداية العصر الأكثر برودة منذ آلاف السنوات، ليبدأ معه الدمار الاقتصادي. ويرى الأستاذ الجامعي بأنّ ما نعيشه اليوم، لا يمكن مقارنته بعام 536، وفقاً لموقع "بيغ ثينك".
لماذا كان 536 بهذا السوء؟
رغم ما عاشه العالم خلال فترة الحرب العالمية الأولى والثانية، وخلال انتشار الإنفلونزا الإسبانية، التي قتلت ملايين الأشخاص، والطاعون الذي ضرب أوروبا عام 1349، فجميعها أحداث لا يمكن مقارتنها بما حصل عام 536 وما تبعه.
بدأت تلك المرحلة السوداء، وفقاً لماكورميك، أستاذ تاريخ العصور الوسطى، بانفجار بركاني في أيسلندا، بحسب دراسة أجراها ماكورميك، وعالم الجليد بول مايوسكي من معهد تغير المناخ في جامعة "ماين" الأميركية.
ومن المحتمل أنّ الرماد المنبعث من البركان أدى إلى ضباب كثيف طيلة فترة 18 شهراً ليحلّ الظلام خلال فترة النهار في جميع أنحاء أوروبا، والشرق الأوسط وأجزاء مختلفة من قارة آسيا، بحسب ما أفاد المؤرخ بروكوبيوس، وكأنّ الشمس حينها كانت في حالة خسوف دائمة.
أما السياسي الروماني كاسيودوروس، فقال: "إنّ الشمس كان لها لون أزرق، ولم يكن للقمر أيّ وهج أو لمعان، وكأنّ الفصول تداخل بعضها مع بعض".
وجلبت الأيام المظلمة أيضاً فترة من البرودة، إذ انخفضت درجات الحرارة في فصل الصيف بمقدار 1.5 درجة مئوية إلى 2.5 درجة مئوية. وتعتبر تلك الفترة الأكثر برودة خلال الـ 2300 سنة الماضية، ما أدى إلى تلف المحاصيل الزراعية وانتشار الجوع في معظم أنحاء العالم.
ولم يكن يكفي العالم حينها سوى انتشار طاعون جستنيان من ميناء بيلوسيوم الروماني في مصر، ما تسبب بوفاة نصف سكان الإمبراطورية الرومانية الشرقية، مما سرّع في انهيارالإمبراطورية ، بحسب ماكورميك.
الأحداث المأساوية لم تقف عند هذا الحد، إذ تبع ذلك انفجاران كبيران في عامي 540 و547. تلك الأحداث مجتمعة أدت إلى انكماش اقتصادي طيلة القرن حينها، استمر حتى عام 640، بسبب استخدام الفضة ما أعطى دفعاً للاقتصادات المتهالكة.
وبعد هذا السرد، هل يمكن اعتبار تلك السنوات أنّها الأسوأ؟ بالطبع، يختلف الأمر بين الدول والشعوب، إذ يمكن مثلاً، للأميركيين الأصليين، الإشارة بسهولة إلى عام 1520، عندما قتل الجدري ملايين السكان الأصليين، وبحلول عام 1600 تم القضاء على 90 في المائة من سكان الأميركتين (حوالي 55 مليون شخص) بسبب الأمراض.