أعلن وجهاء عدد من عشائر بلدات الريف الغربي لمحافظة درعا، أمس السبت، تكليف "لجنة شرعية" بإدارة مناطقهم قضائياً، كبديل من مؤسسات النظام السوري الأمنية والقضائية، وذلك في ظل الفوضى التي تعصف بالمحافظة، وتخلي النظام عن مسؤولياته في ضبط الأمن، وفقاً لعدد من الناشطين والمتابعين للشأن المحلي.
وقال وجهاء وعشائر وأعيان بلدات في بلدات تل شهاب، زيزون، العجمي، الطبريات، خراب الشحم، خربة قيس، نبع الفوار، نهج، عموريا، في بيان لهم، إنهم "فوّضوا إلى اللجنة الشرعية في المنطقة الغربية تولي شؤون المنطقة قضائياً"، معتبرين أن عمل هذه اللجنة أصبح "ضرورة ملحّة بسبب غياب أي جهة أو لجنة من شأنها حلّ الخلافات في المحافظة وردّ الحقوق لأصحابها".
وأوضح البيان أنّ اللجنة الشرعية تتألف من عدة شخصيات من "مشايخ حوران وكبار الحل والعقد فيها يقودهم الشيخ محمد عبد الرزاق المصري أبو عبادة، والشيخ يوسف البكار، والشيخ بلال الحريري، إضافة إلى ثلة واسعة من أهل العلم والمعرفة لم تُذكر أسماؤهم لأسباب أمنية".
وأضاف أنه يتبع للجنة مجلس شورى خاص لم يكشف عن أسمائه، "تُطرح عليه كل الأحكام المأخوذة من قبل اللجنة ليتم التشاور حولها ومدى أحقيتها وإنصافها"، مشيراً إلى أن عملها سيشمل "قضايا الدم والقضايا المالية والأخلاقية واسترداد الحقوق".
وأكد البيان أن اللجنة الشرعية "لا تتبع نهائياً لأي جهة رسمية أو عسكرية، ولا تتعرض لأي ضغوط من أي جهة كانت، وتعمل منفردة بعيداً عن الوصاية".
وحول القوة التنفيذية التي ستأخذ على عاتقها تنفيذ الأحكام، قال محمود الحريري، وهو أحد المقربين من اللجنة، لـ"العربي الجديد"، إنها ستعمل بالتنسيق مع جميع المجموعات العسكرية المحلية، ولن تنظر بأي شكوى دون وجود كفلاء لضمان تنفيذ الأحكام، سواء كانت كفالة عشائرية أو من شخصيات اعتبارية، أو من جهة عسكرية لضمان التطبيق النزيه للأحكام.
وعن تقبّل الشارع لمثل هذه اللجان، أضاف الحريري: "هناك حالة سخط شعبي إزاء الوضع الذي وصل إليه الأهالي من ضياع الحقوق والظلم وغياب أي جهة حكومية تساعدهم"، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن "الغالبية العظمى من الناس ترفض الذهاب في القضايا الخلافية وقضايا الدم للمؤسسات الحكومية بسبب فسادها وابتزازها لهم، وما يساعد هذه اللجنة على القبول الشعبي لها، حاجة الناس إليها".
غير أن مصدراً رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، شكّك في حديث مع "العربي الجديد" في نجاح عمل هذه اللجنة، معتبراً أنها جاءت على أنقاض اتفاق تسوية بين النظام السوري وقادة سابقين في المعارضة ووجهاء من حوران.
ورأى المصدر أن الجنوب السوري "يتراجع إلى ما قبل الدولة ومجتمع العشيرة"، معبّراً عن تخوفه مما إذا كانت ستتمكن من تحصيل الحقوق من الفصائل المحلية المتهمة بالكثير من التجاوزات أو من شخصيات محسوبة على الجهات الأمنية.
وأضاف أنه لا يمكن إلغاء دور المحاكم الحكومية، مُحبذاً لو كان أُخذ رأي الشارع قبل إطلاق اللجنة من طريق اختيار الأهالي لممثليهم عبر الانتخابات كما كان يجري في المجالس المحلية قبل سيطرة النظام على المنطقة، التي لاقت قبولاً كبيراً من قبل الأهالي حينها، داعياً إلى "تطوير تجربتنا الذاتية في الجنوب بعيداً عن النظام ولجان الأمر الواقع".
وتساءل المصدر: "هل تستطيع أي جهة حقوقية أو رقابية أن تدخل إلى سجون الفصائل المحلية؟ وهل سيكون هناك رقابة شعبية على عمل اللجنة؟ وكيف سيجري التعامل مع حالات النقد لها؟ وهل سيسمح للإعلام المحلي على أقل تقدير الاطلاع على تفاصيل عملها؟ وهل ستكون هناك شفافية ومراعاة لحقوق الإنسان؟ وإن كانت الشكاوى ضد الحواجز الأمنية وانتهاكات الفروع والإتاوات التي تفرض من قبلهم على الأهالي، فما هو موقفها؟".
وتأتي هذه الخطوة في ظل حالة الفلتان الأمني الذي تشهده المحافظة، والانتشار غير المسبوق لحالات الخطف والقتل وعصابات المخدرات، منذ سيطرة قوات النظام بدعم روسي على المحافظة منتصف عام 2018.
يذكر أنه سبق للجنة الشرعية في المنطقة الغربية أن عالجت العديد من القضايا التي أودت بحياة أشخاص نتيجة خلافات شخصية وعشائرية، مثل قضية آل الكفري في بلدة معربة بعد مقتل الإعلامي محمود الكفري من قبل مجموعة مسلّحة في البلدة نهاية العام الماضي.
وتشكلت اللجنة الشرعية في حوران مطلع عام 2023، في ظل غياب المؤسسات القضائية للنظام السوري أو تراجع دورها بشكل كبير.