أصدرت الجامعة العامة للتعليم الأساسي (نقابة) في تونس، أمس الأول الجمعة، بياناً شديد اللهجة، اتهمت فيه وزارة التربية بـ"التنكيل بكافة شرائح القطاع التعليمي"، و"محاولة لإقرار الفوضى"، مؤكدة أن "الوزارة لم تقِم وزناً لسياسة الحوار من أجل التوصل إلى تسويات بشأن النزاع مع كوادر التدريس".
وساد التوتر طوال عام 2023 بين مدرّسي تونس ووزارتهم، وشهد العام خوض الأساتذة عدة أشكال من الاحتجاجات دفاعاً عن حقوقهم المادية والمهنية، والتي لم تتحقق بعد، ونظم مدرسو مرحلة التعليم الأساسية العديد من الاحتجاجات من أجل تحسين وضعهم المادي والمهني، كما استعملوا آلية حجب أعداد التلاميذ من أجل إجبار الوزارة على قبول التفاوض.
يقول كاتب عام جامعة التعليم الأساسي، نبيل الهواشي، لـ"العربي الجديد"، إن "تصعيد المواقف سيتواصل في العام الجديد، ويعتزم المدرسون تنظيم يوم احتجاج وطني في الرابع من يناير/كانون الثاني، لإنهاء طريقة التعامل التي تنتهجها الوزارة، والتي تستهدف ضرب الحقوق الأساسية للمدرسين".
وأكد الهواشي أن "الوزارة تواصل حجز رواتب بعض المعلمين منذ شهر يوليو/تموز الماضي، عقاباً لهم على التزامهم بقرار النقابة عدم تنزيل أعداد التلاميذ كشكل من أشكال الاحتجاج القانونية. ونتوجه نحو إقامة عدد من القضايا ضد الوزارة على خلفية الحجز الجائر وغير القانوني للأجور، إضافة إلى قضايا أخرى من أجل عدم احترام الاتفاقيات الموقعة بينها وبين إدارات المدارس بخصوص الحركة الإنسانية والترقيات".
واتهم المسؤول النقابي الوزارة بـ"غلق باب التفاوض، والإمعان في إطالة أمد الأزمة التي يعيشها القطاع منذ سنوات بسبب الظروف المهنية والمادية الصعبة للمدرسين، ولا سيما فئة "المدرسين المعوضين" الذين لم يتقاضوا أجورهم منذ بداية العام الدراسي في سبتمبر/أيلول الماضي، ويرفضون صيغة العقود التي عرضتها عليهم الوزارة، والتي تنص على صرف رواتب 9 أشهر فقط، ما تعتبره جامعة التعليم الأساسي توغلا في نزيف التراجعات وتجاوز النصوص الترتيبية والتعاقدية، ومحاولة لتسميم المناخ الاجتماعي عبر رفض التفاوض جملة وتفصيلاً".
في المقابل، أكد وزير التربية، محمد علي البوغديري، في تصريحات إعلامية، أن النقاط العالقة في قطاع التعليم الأساسي جرى الاستجابة لها رغم عدم توقيع اتفاق نتيجة أسباب مجهولة، مشيراً إلى أن "الوزارة ماضية في الاهتمام بالمطالب المهنية لعموم المعلمين، وهم بالفعل على رأس اهتمام القيادة السياسية. الوزارة لن تصرف راتب شهر يوليو الماضي للمدرسين الذي امتنعوا عن إرجاع الأعداد في الآجال التي حددتها، وسيتم الذهاب مستقبلاً إلى إجراءات أكثر تشدداً، وكانت الوزارة قادرة على قطع علاقة العمل نهائياً، لكنها اختارت المرونة، بينما لن تتسامح مستقبلاً".
وفي يوليو الماضي، قررت وزارة التربية حجز رواتب نحو 3 آلاف مدرس في المرحلة الابتدائية بسبب تمسّكهم بحجب الأعداد، وعدم تسليمها إلى الإدارات التعليمية في الآجال التي حددتها الوزارة، ما فجّر موجة من الغضب في صفوف المدرسين الذين اعترضوا على هذا الشكل العقابي.
وتطالب نقابة مدرّسي التعليم الابتدائي في تونس بتنفيذ اتفاقات موقعة منذ عام 2019، تقضي بتمكين المدرّسين من التدرّج المهني، وبرمجة انتداب المعلمين المعوضين على مراحل، غير أن الصعوبات المالية التي تعاني منها البلاد تحول دون تنفيذ تلك الاتفاقات.
ويخوض وزير التربية محمد علي البوغديري، وهو نقابي سابق، المعركة مع نقابات المدرسين بدعم من الحكومة والرئيس التونسي، كما يدعمه بعض أولياء التلاميذ الذين اعتبروا حجب الأعداد تهديداً لمستقبل آلاف التلاميذ، وتجاوز ضد حقوق العائلات والتلاميذ.
وتتصاعد أزمة المعلمين في تونس منذ يونيو/حزيران الماضي، بعد أن قررت وزارة التربية تسليط عقوبات على المعلمين المخالفين لقرارات تسليم معدلات وكشوف التلاميذ، كما قررت الوزارة حينها إعفاء 350 مدير مدرسة من مناصبهم، ما دفع النقابة إلى اللجوء للمحاكم، ومقاضاة وزارة التربية عبر آلية القضاء العاجل.