نظام "موفوبرين": 4 مخترعات تونسيات يتألقن دولياً

10 يونيو 2024
الشابات التونسيات اللواتي ابتكرنَ نظام "موفوبرين" للكراسي المتحرّكة، يونيو 2024 (فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أربع مهندسات تونسيات ابتكرن كرسيًا متحركًا ذكيًا يُدار بالموجات الدماغية والصوت وحركات الوجه، مما يعكس قدرات الشباب التونسي ويؤهلهن لنهائيات مسابقة أوروبية.
- تأسيس شركة "جي وينر" للتجهيزات الطبية يبرز الطموح والمعرفة في خدمة ذوي القدرات المحدودة، مع التركيز على تحسين جودة حياتهم عبر التكنولوجيا.
- المبادرة تسلط الضوء على أهمية الإبداع والتكنولوجيا في مواجهة التحديات اليومية للأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزز دور النساء في العلوم والتكنولوجيا، مع التأكيد على القيمة العالمية للمشروع.

صمّمت أربع مهندسات تونسيات كرسيّاً متحرّكاً يمكن التحكم فيه بواسطة الموجات الدماغية والصوت وحركات الوجه من خلال نظام "موفوبرين" (Moovobrain)، وقد مكّنهنّ هذا الاختراع من أن يصلنَ إلى نهائيات مسابقة أوروبية مرموقة، فأظهرنَ بذلك القدرات الشابة في بلادهنّ على الرغم من تفاقم الأوضاع في تونس بسبب الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

وكانت المخترعات التونسيات الأربع، سُليمة بن تميم وخولة بن أحمد وسيرين العياري وغفران العياري، قد التقَينَ على مقاعد الدراسة، في المعهد العالي للعلوم الطبية في تونس. وبعدما جمعهنّ طموح الشباب، طوّرنَ النموذج الأوّلي لنظام "موفوبرين" في عام 2017 قبل أن يؤسّسنَ شركتهنّ الناشئة "جي وينر" (GeWinner) للتجهيزات الطبية بعد ذلك بعامَين.

وحلّت المخترعات التونسيات من بين الفائزين الثلاثة الأوائل الذين اختارهم المكتب الأوروبي لبراءات الاختراع من بين أكثر من 550 مرشّحاً لجائزة المخترعين الشباب. وفي التاسع من يوليو/تموز المقبل، سوف يعلن المكتب الذي يُعَدّ هيئة حكومية عن الفائز بجائزة المخترعين الشباب، علماً أنّ الفريقَين الآخرَين المرشّحَين للجائزة هولندي وأوكراني. وقد لفت المكتب الأوروبي لبراءات الاختراع إلى أنّ هذه "المرّة الأولى التي يصل فيها فريق تونسي وعربي إلى المرحلة النهائية" من هذه المسابقة الدولية التي أُطلقت في عام 2021.

وأتت فكرة اختراع الشابات التونسيات الأربع من مطوّرة الأعمال المشارِكة في تأسيس الشركة سُليمة بن تميم (28 عاماً) التي اضطرّ عمّها بعد تعرّضه لحادثة خطرة إلى "استخدام كرسي متحرك وقد أصيب الجزء العلوي من جسده بالشلل". وتقول بن تميم لوكالة فرانس برس إنّ عمّها "صار يعتمد بصورة كاملة على الآخرين"، مضيفةً: "تحدّثت مع زميلاتي عن الاحتياجات وقرّرنا توظيف تقنيات الصحة الرقمية التي نتقنها لصنع مُنتَج قادر على إفادة كثيرين".

وفي خلال عرض توضيحي بخصوص نظام "موفوبرين" في تونس، أفادت خولة بن أحمد (28 عاماً) التي شاركت في التأسيس وتتولّى الإدارة في الوقت الراهن بأنّ "أيّ حركة، حتى طلب الاستدارة نحو جهاز التلفزيون، من الممكن أن تصير مشكلة مرهقة جداً للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على التنقّل"، في حال كانوا "غير قادرين على التحدّث وخسروا استقلاليّتهم". وتابعت بن أحمد أنّ "القيمة المضافة" لهذا الاختراع مقارنة بالمتوفّر تكمن في تقديمه "أربعة حلول في واحد"، شارحةً أنّها "التحكّم عن بُعد عبر لوحة كمبيوتر، ومن خلال التحكّم عبر الصوت من دون تحريك اليدَين. وإذا لم يكن الصوت متاحاً، من الممكن الاستعانة بحركات الوجه أو (التحكّم) ببساطة عن طريق التفكير" من خلال موجات الدماغ.

الصورة
خولة بن أحمد وسليمة بن تميم ونظام موفوبرين في تونس - 6 يونيو 2024 (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
خولة بن أحمد وسليمة بن تميم من مخترعات نظام "موفوبرين" التونسيات الأربع، 6 يونيو 2024 (فتحي بلعيد/فرانس برس)

كذلك يمكّن نظام "موفوبرين" مساعدي الأشخاص ذوي الإعاقة من تلقّي تنبيهات، بناءً على التموضع ومستوى شحن بطاريات الكرسي المتحرّك أو الأدوات الأخرى مثل سمّاعة إرسال الموجات الدماغية. وبالنسبة إلى بن أحمد، فإنّ وصول الفريق إلى نهائي جائزة المخترعين الشباب سوف يساهم في إبراز ما حقّقه الفريق الرباعي ويوفّر له "المصداقية"، إذ إنّ "من غير السهل دائماً إقناع المستثمرين أو مصنّعي الكراسي المتحرّكة بحلّ مبتكَر حقاً ومفيد للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة".

من جهته، أفاد المكتب الأوروبي لبراءات الاختراع بأنّ الإعلان عن الفائزين بجائزة المخترعين الشباب لعام 2024، التي تكافئ "المخترعين الاستثنائيين الذين تقلّ أعمارهم عن ثلاثين عاماً"، سوف يكون في مالطا في التاسع من يوليو/تموز المقبل، في حين تبلغ قيمة الجائزة الأولى 20 ألف يورو (نحو 21 ألفاً و480 دولارا أميركيا) والثانية عشرة آلاف (نحو عشرة آلاف و740 دولاراً) والثالثة خمسة آلاف (نحو خمسة آلاف و370 دولاراً).

يُذكر أنّ فوز المخترعات التونسيات يمثّل نقطة ضوء في عتمة الأزمتَين الاقتصادية والاجتماعية، ومن أوجهها نسبة بطالة تبلغ نحو 40 في المائة بين الشباب. كذلك تعاني تونس من أزمة سياسية بفعل احتكار الرئيس قيس سعيّد السلطات منذ يوليو من عام 2021.

هذا هو نظام "موفوبرين"

وبهدف جمع أربع تقنيات في نظام واحد، وظّفت كلّ مهندسة تونسية في الفريق معرفتها. فتخصّصت خولة بن أحمد في ربط "واجهة الآلة بالدماغ" وسُليمة بن تميم وسيرين العياري (28 عاماً) بالجزء المتعلق بـ"تطوير النظام والبرمجية"، في حين تولّت صغرى المخترعات غفران العياري (27 عاماً) محور التعريف الصوتي.

بالنسبة إلى بن أحمد، فإنّ الفريق الذي يتألّف من أربع نساء يمثّل "ميزة" لهذا المشروع، مبيّنةً أنّهنّ شاركنَ في "تحديات للنساء، وحصلنا على تمويل لرائدات الأعمال". وأوضحت أنّ أكثر من 44 في المائة من المهندسين في تونس هم من النساء، وأنّ ثمّة "بيئة جيّدة" للعمل على الرغم من الأزمة العميقة التي تعيشها الدولة التي انطلق منها "الربيع العربي" في أواخر عام 2010. أضافت أنّ شركتهنّ "جي وينر" الناشئة كانت مدعومة بمساعدات مالية وجوائز حصلت عليها في مسابقات أو معارض تجارية، وهي الآن "مفتوحة للاستثمار في رأسمالها".

الصورة
نظام موفوبرين المبتكر في تونس - 6 يونيو 2024 (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
نظام "موفوبرين" الذي يُزوَّد به الكرسي المتحرّك ليصير ذكياً، تونس، 6 يونيو 2024 (فتحي بلعيد/ فرانس برس)

ومن المتوقّع أن تسلّم شركة المخترعات الأربع قريباً الكراسي الأربعة الأولى المجهّزة بنظام "موفوبرين" إلى جمعية تُعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة في محافظة سوسة وسط شرقي تونس، من أجل "الحصول على تقييمات المستخدمين" للمُنتَج المبتكَر. كذلك تستهدف "جي وينر" أسواقاً أوروبية، وقد أقامت بالفعل شراكة مع شركة إيطالية لتصنيع الكراسي المتحركة الكهربائية من أجل تسويق على المدى القصير.

وترى المهندسات التونسيات الأربع أنّ من الممكن جعل هذه التكنولوجيا في متناول أكبر عدد ممكن من الناس، بما في ذلك في البلدان النامية، مع أنّ كلّ كرسي ذكي يكلّف نحو سبعة آلاف دينار تونسي (نحو ألفين و250 دولاراً)، من بينها ألفا دينار (نحو 640 دولاراً) لنظام كوفوبرين. وفي سياق متصل، قالت بن أحمد: "أعددنا 30 وحدة (في تونس) ولم نفكّر في أنّ المستخدم هو الذي سوف يدفع ثمنها. لكنّ المنظمات التي تدعم الجمعيات سوف تكون قادرة على شراء الكراسي".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون