في وقت يمثل الإضراب عن الطعام في السجن السلاح الأخير في يد من يطالب بحريته، يخوض ثلاثة نشطاء سياسيين في مصر، في مواجهة حبسهم احتياطياً منذ فترات طويلة وتدويرهم في أكثر من قضية من دون إحالتهم إلى المحاكم، معارك الأمعاء الخاوية في زنزاناتهم للمطالبة بحريتهم.
عبد الرحمن طارق "موكا"
في 3 ديسمبر/ كانون الأول 2021، بدأ الناشط السياسي عبد الرحمن طارق الملقب بـ"موكا" إضراباً عن الطعام في مكان احتجازه بقسم عابدين، بعدما ألحق بالقضية رقم 1056 لعام 2020 التي اتهم فيها بالانضمام إلى جماعة إرهابية، وارتكاب جريمة تمويل الإرهاب، وذلك بعد تدويره للمرة الثالثة في قضية جديدة، ما أصابه بحال من اليأس والإحباط، بحسب أسرته، خصوصاً أنه لم يرتكب أية جريمة، ولا علاقة له بأي تهمة من تلك الموجهة إليه. وقرر بالتالي أن يتمسك بحقه ويشرع في إضراب عن الطعام كأداة للمطالبة بحقه وحريته، ورفع الظلم عنه.
وفي نهاية يناير/ كانون الثاني 2022، كتب "موكا" في رسالة نشرتها أسرته: "أنا المعيل الوحيد لأسرتي التي عانت الأمرين، قررت في مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي الإضراب عن الطعام، بعدما تقطعت بي كل السبل وفقدت الأمل في عدالة الأرض، وكذلك لتوفير أحمال الزيارات وكلفتها الباهظة على أسرتي وأصدقائي، بعدما طالت مدة سجني وتعددت القضايا والتهم".
تعود أحداث حبس موكا إلى تاريخ 21 سبتمبر/ أيلول 2020، حين حصل على إخلاء سبيل بتدابير احترازية، لكن القرار لم ينفذ وظل مختفياً أكثر من 60 يوماً، حتى ظهوره على ذمة قضية جديدة بنفس التهم التي سبق أن اتهم بها في القضايا التي حبس على ذمتها.
وكانت معاناة "موكا" مع التدوير قد بدأت بعد اعتقاله للمرة الأولى في 9 سبتمبر/ أيلول 2019، حين كان يخضع لمراقبة الشرطة تنفيذاً لحكم صدر ضده في قضية "أحداث مجلس الشورى"، بعدما اختفى من محيط قسم قصر النيل.
وقد استمر اختفاؤه حتى ظهوره على ذمة القضية رقم 1331 لعام 2019، لتبدأ رحلته مع التدوير من قضية إلى أخرى، وبالطريقة ذاتها عبر نيله إخلاء سبيل ثم الاختفاء فترة قبل الظهور مجدداً على ذمة قضية جديدة.
وفي 10 مارس/ آذار 2019، حصل على إخلاء سبيل بتدابير احترازية في القضية رقم 1331، لكن القرار لم ينفذ، وظل محبوساً أكثر من شهر، ثم أعيد تدويره للمرة الثانية على ذمة القضية رقم 558 لعام 2020.
وقبل أن يكمل عامه الأول في الحبس الاحتياطي، حصل على إخلاء سبيل لكن فرحته بالقرار لم تكتمل وظل مختفياً رغم تقديم أسرته بلاغات دون جدوى إلى النائب العام والجهات المختصة عن اختفائه. وانتهى الأمر بظهوره على ذمة القضية الأخيرة رقم 1056 لعام 2020.
أحمد ماهر "ريجو"
في 10 فبراير/ شباط الجاري، أعلن الناشط السياسي أحمد ماهر الشهير بـ"ريجو" إضراباً عن الطعام، احتجاجاً على ظروف حبسه احتياطياً على ذمة قضية أمن الدولة العليا رقم 855 لعام 2020، واستهدافه أمنياً رغم إخلاء سبيله في قضية سياسية سابقة. ولم يتراجع ماهر عن إضرابه، رغم محاولات والدته المستميتة لإقناعه بالعدول عن القرار.
وأعقب ذلك إرسال أسرته برقيات إلى النائب العام ومدير قطاع الإصلاح والتأهيل في وزارة الداخلية، ومدير قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية، ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، من أجل حثهم على التحرك، وهو ما لم يحصل.
وكانت قوات الأمن اعتقلت ماهر في 4 مايو/ أيار 2020 في منطقة السيدة زينب وسط القاهرة، بناءً على إذن بالاحتجاز لمدة 7 أيام أصدرته نيابة أمن الدولة العليا التي مثل أمامها وخضع لتحقيق في 11 مايو/ أيار 2020. ثم نظرت محكمة جنايات القاهرة في جلسة عقدتها بمعهد أمناء الشرطة في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، في قضية الحبس الاحتياطي لماهر، وقررت إخلاء سبيله، لكن وزارة الداخلية لم تستجب لقرار محكمة الجنايات، وفوجئت أسرته بأنه غير موجود في قسم الشرطة. وبعد أيام، ظهر ماهر في نيابة أمن الدولة العليا، وجرى التحقيق معه في قضية أمن الدولة العليا رقم 855 لعام 2020، ولم يخلَ سبيله حتى الآن، ولا يزال يلازم سجن مزرعة طرة.
وليد شوقي
أما وليد شوقي فبدأ إضرابه عن الطعام في 11 فبراير/ شباط الجاري، اعتراضاً على استمرار حبسه احتياطياً أكثر من ثلاث سنوات على ذمة قضيتين مختلفتين، إذ أودع الحبس للمرة الأولى في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، وظل لمدة 22 شهراً رهن التوقيف الاحتياطي على ذمة التحقيقات التي تجريها نيابة أمن الدولة العليا في القضية رقم 621 لعام 2018، قبل أن يخلى سبيله على ذمة تحقيقات القضية. ورغم القرار، لم يطلق سراحه في شكل فعلي، بل اتهم مجدداً في قضية نيابة أمن الدولة رقم 880 لعام 2020، والتي لا يزال محبوساً على ذمتها. في القضية الثانية وُجّهت له التهمة ذاتها التي وردت في القضية الأولى، وهي "الانضمام إلى جماعة إرهابية". كما أضيفت إليها تهمة المشاركة في تظاهرات، علماً أنه كان في الحبس وقت التظاهرات التي اتهم بالمشاركة فيها.