كأنها فوهة بركان ممتلئة بأكوام شاهقة من الحطام، هكذا يمكن وصف الصورة في مدينة كهرمان مرعش جنوبيّ تركيا، مركز الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، أخيراً.
وتعجّ المدينة بالناس، لكن الصمت يسود الأرجاء، حيث يأمل أحد الناجين سماع صوت من أعماق أحد أكوام الخرسانة والذكريات التي باتت مشوهة بفعل الدمار.
وفي 6 فبراير/ شباط الجاري، ضرب زلزال مزدوج جنوبيّ تركيا وشماليّ سورية بلغت قوة الأول 7.7 درجات، والثاني 7.6 درجات، وآلاف الهزات الارتدادية العنيفة، ما خلّف خسائر كبيرة بالأرواح والممتلكات في البلدين.
أجنبيات على رأس فرق الإنقاذ في #قهرمان_مرعش، يعملن ضمن جهود البحث واستخراج الضحايا من تحت الأنقاض
— ANADOLU AGENCY (AR) (@aa_arabic) February 18, 2023
https://t.co/ZS9kGLXxWW pic.twitter.com/XC7HSKpV6b
الكلبة "تيا"
اخترق الصمت فجأة نباح متحمس عندما ظهر كلب، وبعده امرأة ترتدي معدات إنقاذ خضراء مموهة.
"تيا" ليست كلبة عادية، ولكنها كلبة مدربة خصيصاً على شمّ أي علامة للحياة في مناطق الكوارث.
تقود الكلبة "تيا" مدربتها آنا، بعيداً عن الموقع، بينما يبدأ رجال الإنقاذ بالتوجه إلى المنطقة التي حددتها "تيا" للتو بضغطة على مخلبها.
وقالت آنا، وهي ضمن مجموعة من 7 أعضاء من قرغيزستان: "نحن هنا لمساعدة شعب تركيا"، ثم جلست لتأخذ قسطاً من الراحة على رصيف على بعد أمتار قليلة من الموقع، لتنضم فيما بعد زميلتها إلينا التي تقود أيضاً عدداً من الكلاب المدربة.
وأضافت: "لقد تأثر عدد كبير جداً من الأشخاص، وسنفعل كل ما في وسعنا".
وشددت على أنها وزميلاتها جئن إلى تركيا "لأن الناس بحاجة إلى المساعدة، ومساعدة الشعب التركي أمر مهم بالنسبة إلينا".
جثث الضحايا
على الجانب الآخر من موقع الكارثة، كانت الحفارات تعمل على إزاحة الأنقاض، تزيلها شيئاً فشيئاً، بعد الإبلاغ عن احتمال وجود ضحية تحت الأنقاض.
ينتظر بصبر هذا الاحتمال فريق من أوروبا، لديه مهمة مروعة بشكل خاص تتمثل بالتعامل مع جثث ضحايا الكوارث.
وقالت الألمانية كاي سيمان، قائدة الفريق إن مهمة مجموعتها هي "رعاية الموتى".
وأوضحت أنها عملت سابقاً في تركيا في أعقاب زلزال إزميت (شمال غرب) عام 1999، لكن الوضع بعد زلزال كهرمان مرعش "أكثر فظاعة".
وأضافت أنه بمجرد وصولهم إلى إحدى الجثث، يبدأ الفريق في أخذ عينات لأغراض تتعلق بتحديد الهوية واستخدام مواد حافظة لدرء التحلل الفوري.
وتابعت: "أستطيع أن أحكم على حالة الجسد من الرائحة فقط"، مشيرة إلى أن عملها يعتمد أساساً على الأنف.
فريق "رعاية الموتى"
واعتبرت سيمان أن فحص كل جثة وأخذ عينات الحمض النووي وعينات الأسنان "لا يستغرق سوى 10 دقائق".
وقالت إن مهمة الفريق بعد هذا الوقت من الزلزال، أصبحت تتعلق بألّا "نضيع مزيد من الوقت وننقل الجثث للدفن".
ويضم فريق "رعاية الموتى" أعضاءً من فرنسا وألمانيا وهولندا، ويتوقع أن تنضم إليهم مجموعة ثانية في وقت قريب.
وشُكِّلَت فرق "رعاية الموتى" في تايوان أيضاً بعد زلزال عام 2005، بعد عام من انضمامهم إلى العمليات الضخمة التي تلت كارثة تسونامي في المحيط الهندي عام 2004.
(الأناضول)