نزوح كثيف من غرب كييف على وقع القصف الروسي

06 مارس 2022
آلاف غادروا إيربين إلى كييف هرباً من القصف (أمين صانصار/الأناضول)
+ الخط -

دفع القصف الروسي للضواحي الغربية للعاصمة كييف آلاف الأوكرانيين إلى محاولة الرحيل بأي وسيلة ممكنة، هرباً من انفجار قذائف على طول الطرق، وقنابل تسقط من السماء.

قبل يوم واحد، كانت هناك سوق تجارية ومحطة للوقود عند مفترق طرق رئيسي بين بلدتي بوتشا وإيربين العماليتين. لكن أمس السبت، لم يكن قد بقي منهما سوى أنقاض، وسكان فارين.

بدأ الهجوم الأولي للقوات الروسية على كييف بضربات صاروخية وغارات على قاعدة جوية، وتوقف بحلول نهاية الأسبوع الماضي، ومنذ ذلك الحين، يكتفي الجانبان بعمليات قصف بعيد المدى، ما جعل بوتشا وإيربين اللتين تقعان على مشارف كييف في مرمى النيران.

كان العديد من سكان المدينتين عازمين على البقاء، إلى أن بدأت طائرات حربية روسية تحلّق فوق رؤوسهم، وتلقي القنابل، كما قال اثنان من سكان المنطقة اضطُرا إلى الفرار.

وقالت المحاسبة ناتاليا ديدينكو (58 سنة) وهي تلقي نظرة أخيرة على مشهد الدمار الذي خلّفه القصف وراءها: "الطائرات الحربية تقصف المناطق السكنية والمدارس والكنائس والمباني. تقصف كل شيء".

نزوح محفوف بالمخاطر من محيط كييف

وناتاليا واحدة من آلاف السكان الذين فروا من الجبهة باتجاه وسط كييف مع أطفالهم، وكل ما تمكنوا من حمله من أغراض شخصية صغيرة، أخذوه معهم. ويتخلل هذا النزوح اليائس الدوي المتكرر لانفجار القنابل التي تلقيها الطائرات فوق بوتشا وإيربين.

لا يجد بعض السكان أمامهم أي خيار آخر سوى السير على أنقاض جسر فوق نهر إيربين باتجاه العاصمة، كان الدفاع الأوكراني قد نسفه الأسبوع الماضي لعرقلة التقدم الروسي.

وبين النازحين متقاعدون على كراسٍ متحركة، وأمهات مع عربات أطفال، يتلقون خلال عبورهم المحفوف بالمخاطر لممر من ألواح خشبية مساعدة من جنود أوكرانيين مسلحين. وينتظر آلاف الأشخاص المحتشدين في صمت تحت ما بقي من الجسر الخرساني أن يأتي دورهم للعبور.

على الضفة الأخرى الأقرب إلى كييف، تحفر مجموعة من الجنود منصة لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات، بينما يستعد جنود آخرون لإمدادهم بقذائف الهاون ورشاشات الكلاشنيكوف لنقلها إلى الجبهة.

تنهمر القذائف على إربين، ما يدفع السكان إلى الهرب (أمين صانصار/الأناضول)

في هذه الأثناء، يُسمَع صفير صاروخ بعيد المدى فوق رؤوسهم، ثم بعد حوالى نصف دقيقة دوي انفجار كبير يشي بوقوع المزيد من الدمار في مكان ما في الضاحية الشمالية لكييف.

وقالت المسنة غالينا فاسيلتشينكو التي كانت في طريقها إلى الجسر المدمر مع ابنتها البالغة من العمر 30 سنة: "كنا نتوقع ذلك. لكن أمس عندما مرت طائرة، وأسقطت شيئاً علينا، كان علينا أن نركض".

يشكل التغيير الواضح في تكتيك الجيش الروسي، من إطلاق النار إلى القصف الجوي، نذير شؤم للعاصمة الأوكرانية، فقد قصفت الطائرات الحربية الروسية وقتلت عشرات الأشخاص في مدينة تشيرنيهيف (وسط)، وخاركيف ثانية كبرى مدن البلاد.

ويعتقد العديد من المحللين أن التراث التاريخي الاستثنائي لكييف التي تضم عدداً كبيراً من الكنائس التابعة للبطريركية الأرثوذكسية لموسكو، يفترض أن يمنع روسيا من قصف العاصمة وسكانها البالغ عددهم ثلاثة ملايين نسمة. لكن الدمار يقترب أكثر فأكثر.

وكانت بلدة بوتشا الأبعد من إيربين عن كييف ساحة المعارك الأولى، وبعض الأماكن دمرت بالكامل. وتشهد إيربين مستوى مماثلاً من العنف.

فرّ آلاف السكان من إيربين بالسيارات عبر طريق ملتوٍ يؤدي إلى محطة السكك الحديدية الرئيسية في كييف من الجنوب الغربي، واخترق صف من السيارات يمتد لمسافة خمسة كيلومترات على الأقل عشرات نقاط التفتيش المبنية بأكياس رملية ويديرها متطوعون أوكرانيون مسلحون في غرب كييف السبت.

ووضع الكثير من الفارين لافتات كتب عليها "أطفال" على الزجاج الأمامي لسياراتهم، فيما آخرون كانوا لا يزالون عالقين.

وتقدر ماشا شوتا (15 سنة) أنه في أقبية منطقتها بقي نحو مائة شخص على الأرجح مختبئين، وقالت: "ليس لديهم مكان يذهبون إليه"، مع أن "البقاء هناك ينطوي على خطورة كبيرة".

(فرانس برس)

المساهمون