نزوح جماعي جديد في إقليم تيغراي الإثيوبي والجوع يجتاح المواطنين

11 مارس 2021
شغل حوالي 16 ألف نازح ثلاث مخيمات مزدحمة (إدواردو سوتيراس/فرانس برس)
+ الخط -

 بدأ آلاف الأشخاص الذين كانوا مختبئين في المناطق الريفية في إقليم تيغراي الإثيوبي بالوصول إلى بلدة شاير التي تستطيع بالكاد دعمهم، ويُقال إن المزيد منهم في الطريق، بعدما فرّوا من تهديدات العنف.

على مدى أشهر، بقي نتيجة صراع تيغراي مصير مئات الآلاف من الأشخاص مجهولاً في مناطق ريفية شاسعة بعيدة كل البعد عن متناول المساعدات الخارجية. ومع عزل المنطقة إلى حدّ كبير عن العالم، منذ نوفمبر/ تشرين الثاني، تنامت المخاوف من العنف والمجاعة.

الآن، بدأ هؤلاء الأشخاص بالوصول، كثير منهم سيراً على الأقدام، إلى بلدة شاير، كما يقول عمّال الإغاثة الموجودون هناك والذين زاروا المكان.

وحصلت "أسوشييتد برس" على إذن باستخدام صور نادرة، معظمها من لجنة الإنقاذ الدولية، للظروف الصعبة التي يواجهها هؤلاء النازحون.

وكان من الصعب الحصول على صور من الإقليم، في ظلّ انقطاع التيار الكهربائي في معظم فترات الصراع، وتأكيد سكّان تيغراي لأسوشييتد برس أنّ التقاط الصور يعرّض حياتهم للخطر.

وصل حوالي خمسة آلاف شخص بين الأربعاء والأحد الماضيين، ويجري إرسال فرق إنسانية للعثور على أولئك الذين قيل إنهم في الطريق، حسبما قال مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود أوليفر بيهن، لـ"أسوشييتد برس".

وقال بيهن، بعدما قام بزيارة: "إنهم  يعانون من ظروف سيئة للغاية، هم مرهقون جداً، ويعانون من الجفاف وهزالى". وأضاف: "لقد أصبح الوضع يائسا بسرعة كبيرة".

يحكي الوافدون عن الحرمان الذي ينخر في ريف تيغراي. يقول عمّال الإغاثة إنّ البعض يصف النجاة بأكل أوراق الشجر، أو البذور التي وضعوها جانباً للزراعة، في علامة على الجوع الأسوأ في المستقبل.

ليس واضحاً بالضبط ما هي التهديدات الجديدة بالعنف التي تسبّبت في فرار هؤلاء الآلاف من الأشخاص من غرب تيغراي، حيث قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس الأربعاء، إنه تمّ رصد "أعمال تطهير عرقي".

جرى اتهام بعض المواطنين من ولاية أمهرة الإثيوبية المجاورة باحتلال المجتمعات.

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

في حديثهم مع العاملين في المجال الإنساني، تحدّث المواطنون من عرقية تيغراي عن الاختباء في التلال لأسابيع بعد اندلاع القتال بين القوات الإثيوبية والقوات المتحالفة معها وبين قادة إقليم تيغراي الذين هيمنوا في فترة من الفترات على حكومة البلاد، لكن تمّ تهميشهم في عهد رئيس الوزراء آبي أحمد.

بلدة شاير هي قاعدة عمليات للجهود الإنسانية التي يقول العمال إنها ليست كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة.

وشغل حوالي 16 ألف نازح بالفعل ثلاث مخيمات مزدحمة، أقيمت في المدارس، بما في ذلك المباني غير المكتملة مع الإنزال المحفوف بالمخاطر وآبار المصاعد الفارغة.

ينام بين 40 و50 شخصاً في الغرفة الواحدة، ولا يملكون سوى الحصير والملابس. ولا توجد مساحة في هذه المخيمات لآلاف الوافدين الجدد، حيث ينام المئات الآن في العراء.

لا تقوى المجتمعات، ضعيفة الوضع، في جميع أنحاء تيغراي، حتى على دعم سكانها. واندلع الصراع قبل موسم الحصاد مباشرة، وبعد أشهر من تفشّي الجراد. وأغلقت البنوك ونُهبت المتاجر. وحتى الآن، بينما تؤكد الحكومة الإثيوبية أنها أوصلت إلى أكثر من 4 ملايين شخص المساعدات الغذائية، إلاّ أنّ هذا لا يكفي.

قالت مديحة رضا، من لجنة الإنقاذ الدولية، لأسوشييتد برس، بعد زيارة بلدة شاير، أخيراً: "الناس يتضوّرون جوعاً. هناك مشكلة خطيرة تتعلق بالوصول إلى الغذاء. أخبرتني واحدة ممّن قابلتهم بأنها عاشت على أوراق الشجر فقط لمدة شهر، بينما كانت تختبئ في غابة. هناك بعض عمليات توزيع المواد الغذائية في مراكز النازحين داخلياً، لكنها كميات غير كافية تقريبا".

تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنّ أربعة ملايين شخص، أو ثلثي سكان تيغراي، بحاجة ماسة إلى مساعدات غذائية. وحتى مع تحسّن الوصول إلى الإقليم ببطء، تتزايد المخاوف.

قال مانويل فونتان، مدير برامج الطوارئ في اليونيسف: "ما نعلمه مقلق للغاية، لكن ما لا نعلمه قد يكون أسوأ". يعتبر الوافدون حديثاً من المناطق الريفية بمثابة تذكير دائم بمدى كآبة الحياة بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يختبئون من الصراع.

قال دومينيك ستيلهارت، مدير العمليات في اللجنة الدولية للصليب الأحمر، للصحافيين، أواخر الشهر الماضي: "شاهدت فرقنا أشخاصاً يصلون إلى المدن الرئيسية، وهي مواقع للنازحين داخلياً في حالة سيئة للغاية".

لا يزال يتعذّر الوصول إلى بعض مجتمعات إقليم تيغراي. في الأسابيع الأخيرة فقط، بدأ عمال منظمة أطباء بلا حدود في الوصول إلى الأماكن التي كان يتعذّر الوصول إليها.

قال بيهن إنّ المراكز الصحية تعرّضت للنهب، وبقي عدد قليل من العاملين الصحيين، ما يعني أنّ الناس لم يتلقوا سوى القليل من المساعدة أو لم يتلقوا أي مساعدة في حالات الولادة وغيرها من حالات الطوارئ أو حتى الرعاية الأساسية.

(أسوشييتد برس)

المساهمون