نزوح تحت القصف.. الاحتلال يواصل جرائمه في غزة

11 نوفمبر 2023
يستهدف الاحتلال الإسرائيلي كل من يتحرك خارج مجمع الشفاء (ياسر قديح/ فرانس برس)
+ الخط -

رغم تمسّك سكان غزة بالبقاء ورفضهم النزوح خارج القطاع، حتى لا تتكرر نكبة عام 1948، التي هجّر فيها الاحتلال الإسرائيلي أجدادهم من أراضيهم واستولى عليها، إلا أن أعداد العائلات النازحة من شمال القطاع إلى جنوبه تتزايد مع تصاعد حدة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة والذي يدخل أسبوعه الخامس.

ويعمّ الخراب قطاع غزة المحاصر، وعند حلول الظلام الدامس أول المساء، تسطع بقعة ضوء مصدرها مستشفى الشفاء، أكبر مجمع طبي في قطاع غزة الذي تبلغ مساحته 365 كيلومترا مربعة ويتكدس فيه 2.4 مليون نسمة، والمحاصر بين الاحتلال الإسرائيلي ومصر والبحر الأبيض المتوسط.

يقول مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن مستشفى الشفاء يتعرض "لجريمة مكتملة الأركان"، مشيراً إلى أن الآلاف داخل المستشفى مهددون بالموت، مضيفا أن "لا أحد يستطيع دفن الجثث الموجودة في ساحات المستشفى، بسبب استهداف كل من يتحرك خارج المباني بواسطة طائرات مسيرة".

ويصف الصحافي وائل الدحدوح، المراسل البارز في قناة "الجزيرة" القطرية، لـ"فرانس برس" الوضع في غزة قائلا "الوضع صعب جدا في غزة، القصف يطاول كل المناطق".

خرج الدحدوح من شمال غزة التي غادرها مئات الآلاف من سكانها، عقب الاعتداءات المتواصلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي.

كانت شوارع المدينة، البالغ عدد سكانها 600 ألف نسمة، تضج بالحركة، قبل بدء الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول، ولطالما كان الكورنيش المكان المفضل للعائلات الراغبة في التنزه وتمضية أوقات ممتعة وللعدائين الراغبين في الحفاظ على لياقتهم. وازدهرت المطاعم والمقاهي، كما نظمت مدارس الأمم المتحدة فترتين دراسيتين أو ثلاثا يومياً لاستيعاب جميع الطلاب، ما كان يتسبب في اختناقات مرورية بسبب تدافع السيارات والعربات التي تجرّها الخيول عند انتهاء كل فصل.

ويسلك الآلاف من جديد الطريق نحو الجنوب سيرًا، بعد خمسة أسابيع من القصف الإسرائيلي غير المسبوق على القطاع، رغم تعرّضه لأربع حروب بين عامي 2008 و2021 ، تضرر ودُمر ما يقرب من نصف المنازل، وفقًا للأمم المتحدة، وقتل الآلاف، بعضهم في ضربات استهدفت مدارس تابعة للأمم المتحدة أو مستشفيات، حيث كانوا يعتقدون أنهم في مأمن.

ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن مقتل أكثر من 11 ألف شخص، غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة أكثر من 27 ألفا آخرين.

جواد هارودة، وهو فنان فلسطيني، اضطر أخيراً إلى مغادرة مخيم الشاطئ الواقع على الساحل الشمالي، بعد أن اقترب القصف منه مساء الخميس، قائلا "إنها مأساة... الليلة الماضية، لم أكن أظن أني سأتمكن وأولادي من الخروج سالمين، نظرا لكثافة القصف وما رأيناه من إطلاق نار".

منير الراعي نزح أيضا من مخيم الشاطئ الذي لجأ إليه والداه بعد "النكبة" التي تلت إعلان دولة إسرائيل في 1948، وتسببت في تهجير ونزوح أكثر من 760 ألف فلسطيني، بحسب الأمم المتحدة، يقول إن جيش الاحتلال شن غارات "عشوائية" على مخيم الشاطئ.

واضاف بينما كان يحمل طفله على كتفيه أن "المنازل تقع على رؤوس ساكنيها، أطفال ونساء لم يبق منهم أحد (باتوا) أشلاء".

وبعيداً عن أزيز الرصاص والغارات الجوية المتواصلة، دفع النقص في المواد الغذائية الكثيرين إلى المغادرة. يقول محمد الطالباني، وهو نازح من مدينة غزة يحمل طفلته بين ذراعيه وحقيبة على ظهره، مواصلاً طريقه مع مجموعات من العائلات المنهكة: "لا يوجد طعام أو شراب، نذهب إلى المتاجر لشراء حفاضات أو حليب أو غير ذلك للطفلة فلا نجد، وحتى الأطعمة المعلبة غير متوفرة على الإطلاق".

من جانبه، أعلن مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، الخميس، توقّف عمل المخابز في شمال قطاع غزة. وتم إغلاق أكبرها في مدينة غزة، الثلاثاء، عندما أدى القصف الإسرائيلي إلى تحطم الألواح الشمسية التي تزوده بالكهرباء.

 (فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون