تتوالى الأزمات على النازحين القاطنين في المخيمات شماليّ سورية، خصوصاً أولئك الذين يعيشون في خيام ممزقة، مضى على تشييدها سنوات، حيث لم يعد ترقيعها مجدياً، والسكن فيها تحوّل إلى كابوس، لكونها لا تفرق عن العراء إلا القليل.
وما يمنع هؤلاء النازحين من الانتقال منها أو استبدالها، العجز في ظلّ غياب المنظمات الإنسانية عنهم، وتركهم لملاقاة مصيرهم في تحمّل المعاناة شتاءً مع هطول المطر والبرد عليهم، وعلى من لديهم من أطفال.
في مخيم عشوائي بالقرب من قرية زردنا بريف إدلب، يقيم النازح سراي نوري النصر، وهو يعيش أزمة اليوم مع بدء المنخفض الجوي الثاني، اليوم الثلاثاء، حيث لم يمضِ على المنخفض الجوي السابق سوى يومين، ويصف في حديثه لـ"العربي الجديد" ما يعيشه من معاناة في الوقت الحالي.
النصر لديه خيمتان: الأولى بصعوبة تصلح للسكن، والثانية وضعها أفضل، وهي ملجأ للعائلة. يقول لـ"العربي الجديد" إنه نازح من تل الضمان بريف حلب، غادره إلى المخيم في أواخر عام 2019، خلال الحملة العسكرية التي سيطر النظام فيها بدعم روسي على أجزاء واسعة من منطقة شمال غرب سورية.
خيام خارج الخدمة
وأضاف النصر أن "المخيم شُيّد عام 2019، ونحن من تل الضمان، الخيام منذ عام 2019، هناك خيام مقبولة، وخيام وضعها مأساوي. نزحنا إلى هنا، وضع الخيم والأرضيات سيئ. الخيمة الأولى يُرْثَى لها، أما الخيمة الثانية فوضعنا فيها عازل، هذه الخيمة وضعها مأساوي. الخيمة تتحمّل سنة واحدة، واليوم عمرها 5 سنوات، ينتهي منخفض، ونطلب أن يساعدنا أحد، لكن لم يحدث شيء، كل منخفض الأمر نفسه".
المعاناة ذاتها يعيشها النازحون المقيمون في المخيم المعروف لديهم باسم مخيم زردنا، لكون العوازل غير متوافرة لهم في المخيم، والمساعدات الإنسانية غائبة، ومنها المساعدات التي تتعلق بالتدفئة، وحتى المساعدات الغذائية التي تحتاج إليها العوائل التي تعاني أوضاعاً صعبة في الوقت الحالي من فصل الشتاء.
فاطمة حسن العبد، المقيمة في المخيم، تحدثت عن الواقع الذي تعيشه ضمن المخيم مع حلول المنخفض الجوي، وقالت لـ"العربي الجديد: "أسكن في خيمتين، واحدة منها غير قابلة للسكن، والثانية فيها عوازل. بناتي يعملن، وابني في المدرسة وضعه سيّئ للغاية. عند قدوم المنخفض نفيض بالماء، الخيمة لا تفرق عن الجلوس في الخارج. منذ عام 2019 لم نغيرها، وهذا وضعها منذ خمس سنوات".
وتعيش صبحية حاج قدور معاناة من نوع آخر في الوقت الحالي من فصل الشتاء مع المرض الذي تعاني منه وابنتها أيضاً المريضة، تقول لـ"العربي الجديد": "الوضع سيّئ جداً وكبير بالنسبة إلى قدرتنا على التحمل. فابنتي عمرها 31 سنة تنام معنا ونطوف في المياه. لا أحد يحضر الخيم منذ 4 سنوات، وأنا وهي نرقع الخيمة ثم تعود المياه لتدلف علينا. لدي 3 مرضى وابنتي الأرملة تعاني من الاختلاج. وأنا مريضة سكري وضغط. والخيمة تدلف علينا المياه. كلنا ننام فيها، نريد المساعدة وأن يتغير وضعنا للأفضل".
وتشير قدور إلى فقدانها منزلها في القصف، مضيفة: "وضعي سيّئ، لا ننام ونعاني من المرض، نحمد الله على ما نحن فيه، لا أستطيع شراء خيمة. لا نعرف هل نشتري خيمة أم نشتري الدواء، أم الطعام للأطفال أم اللباس؟ الوضع سيّئ جداً".
فريق "منسقو استجابة سورية" قال في بيان صادر عنه، اليوم الثلاثاء، إنّ منخفضاً جوياً جديداً بدأ اليوم شمال غربيّ سورية، ومن المتوقع أن يستمر لعدة أيام، وجاء في البيان أنه "مع تضرر آلاف النازحين ضمن المخيمات والتجمعات العشوائية في المنطقة خلال الهطولات المطرية السابقة، وتعرّض المنطقة لأكثر من عاصفة مطرية منذ بداية العام الحالي، أدت إلى أضرار كبيرة ضمن تلك المخيمات تجاوزت 35 بالمائة من قاطني المخيمات".