استمع إلى الملخص
- تطوير الميناء تسارع بعد افتتاح ميناء حمد في 2017، حيث شهد تأسيس بنية تحتية متطورة وجذب سفن سياحية عملاقة، مما عزز من مكانة قطر سياحيًا.
- التطوير شمل إنشاء مسطحات خضراء وحي يحاكي العمارة القطرية التقليدية، مع الحفاظ على أهميته التاريخية والثقافية، ويستعد لاستضافة معرض "قطر للقوارب 2024" لتعزيز مكانة قطر في السياحة البحرية.
بإطلالته على الخليج العربي، واحتضانه لمسطحات خضراء، ومبان ذات طراز عمراني تحاكي الأحياء القديمة المطلة على البحر، بات "ميناء الدوحة القديم" مزاراً سياحياً يقصده زوار قطر كما المواطنون والمقيمون، بعد أن كان قبل عقود نقطة لانطلاق رحلات الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، ثم أصبح مرفأ تجارياً تؤمّه السفن والبواخر المحملة بحاويات البضائع والسلع المتنوعة.
ونجحت إدارة منطقة الميناء في تحويلها إلى مركز سياحي وترفيهي حيوي يحتضن فعاليات تراثية ومهرجانات موسمية متنوعة، من بينها فعاليات خاصة بشهر رمضان والأعياد، ومهرجان "أكل أول"، ومهرجان المناطيد، إضافة إلى ورش فنية، وفعاليات مخصصة للأطفال وغيرها.
وبدأت عمليات تطوير ميناء الدوحة وتحويله إلى مرفق سياحي، ومرفأ لرسو السفن السياحية، في أعقاب تدشين ميناء حمد، جنوب الدوحة، في سبتمبر/ أيلول عام 2017، بصفته أحد أكبر موانئ منطقة الشرق الأوسط، والذي بات بوابة قطر إلى أكثر من 150 وجهة حول العالم.
وساعد موقع الميناء القديم المميز على كورنيش الدوحة، وقربه من عدة مواقع ثقافية ورياضية، من بينها متحف قطر الوطني، ومتحف الفن الإسلامي، وملعب 974 الرياضي، والمحطة الرئيسية للانطلاق نحو منتجع "جزيرة البنانا" في زيادة الإقبال على زيارته.
ساعد موقع الميناء القديم المميز على كورنيش الدوحة في زيادة الإقبال
وحولَ مراحل تطوير ميناء الدوحة القديم، قال وزير المواصلات القطري، جاسم بن سيف السليطي، إنَّ عملية إعادة التطوير الشاملة للميناء شملت تأسيس بنية تحتية رائدة في قطاع السفن السياحية تتماشى مع أرقى المعايير العالمية، الأمر الذي يرسخ مكانة قطر سياحياً، مشيراً إلى أنه "منذ تحويله إلى ميناء سياحي تحققت إنجازات هامة مكنت الميناء القديم من أن يصبح محطة للسفن السياحية، كما أصبح وجهة لرحلات السفن السياحية العملاقة التي تديرها شركات سياحية عالمية مثل شركة "أم أس سي" ومجموعة "تي يو آي غروب" للسياحة والسفر وغيرهما، ما ساهم في تضاعف أعداد السياح خلال المواسم السياحية الأخيرة".
وبرز دور "ميناء الدوحة القديم" خلال استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم خلال شهري نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول 2022، إذ استقبل 59 يختاً خاصاً من مختلف دول العالم، وثلاثة فنادق سياحية عائمة، من بينها سفينة "إم إس سي ورلد يوربا"، وهي أول فندق عائم من فئة خمس نجوم خصصت لمشجعي المونديال، وتضم 2633 كابينة، وتتسع لـ6700 راكب، كما تضم ست برك سباحة و13 مطعماً، وقد وفر الميناء 30 مركباً خشبياً تقليدياً "سنبوك" خياراً إضافياً للمشجعين.
ويشكل "الممشى" أحد الملامح الرئيسية للميناء القديم، ويُعد ملاذاً لراكبي الدراجات الهوائية وهواة رياضة المشي، ويصل طول مساراته إلى نحو ثمانية كيلومترات.
ويشير الباحث في التراث الشعبي الخليجي، صالح غريب، إلى الدور التاريخي الذي لعبه ميناء الدوحة في الجانبين الاقتصادي والسياحي، لافتاً إلى أنه "كان خلال عقدي الستينيات والسبعينيات مقصداً للسباحة، وكنا نذهب إليه لمشاهدة سفن الصيد".
ويوضح غريب لـ"العربي الجديد"، أن "ميناء الدوحة كان المنفذ البحري التجاري الأكبر في قطر، ومرسى للسفن الكبيرة المحملة بالبضائع، من مواد غذائية ومعدات البناء وغيرها، والقادمة من سلطنة عُمان والكويت وإيران وغيرها، إلى جانب السفن الخشبية المخصصة لصيد الأسماك، كما كان الميناء نقطة انطلاق للمسافرين بحراً إلى المنامة أو مسقط والمدن الإيرانية". ويضيف: "قبل أن يتحول إلى ميناء تجاري، كان نقطة الانطلاق الرئيسية في رحلات الغوص للبحث عن اللؤلؤ، وهي مهنة الآباء والأجداد في قطر، وفي غيرها من دول الخليج العربي قبل عصر النفط، وذلك عبر المحامل التقليدية، وأقيمت بجانبه (فُرضة) للصيادين كانت تشهد ساحتها يومياً عمليات بيع السمك الطازج القادم من البحر، ونصب على مقربة من الفرضة مقهى الصيادين، والذي لا يزال يفتح أبوابه حتى اليوم باسم (مقهى حالول)".
وبلغت كلفة تطوير ميناء الدوحة القديم ملياري ريال قطري (نحو 550 مليون دولار أميركي)، بحسب البيانات الرسمية، ويمتد على مساحة تبلغ 800 ألف متر مربع، ويحتوي على محطة رئيسية للمسافرين بحراً، يمكنها أن تستقبل أكثر من 300 ألف سائح سنوياً.
ويحتوي الميناء بين جنباته، إلى جانب المسطحات الخضراء، مجمعاً لحاويات الشحن كسوق صغيرة، وشيد فيه حي مستوحى من العمارة القطرية، خصوصاً البيوت الواقعة على الساحل، ومنطقة متعددة الاستخدامات تضم 50 مقهى ومطعماً، وأكثر من 100 محل تجاري، كما يتضمن 150 شقة فندقية، وفندقاً رئيسياً قوامه 30 غرفة.
وإضافة إلى سوق الأسماك "الجبرة" المطل على "البندر"، وهو مرسى السفن لتسهيل عملية نقل الأسماك مباشرة إلى السوق، يوفر الميناء مرافق للرياضات المائية تتيح للزوار معدات وآلات ومستلزمات بحرية، كأدوات الصيد، ومعدات الغطس والسباحة، وعلى طول الشارع الرئيس للميناء، وعلى أطراف المسطحات الخضراء، ثمة ممشى مخصص لهواة المشي وراكبي الدراجات الهوائية.
ويستعد ميناء الدوحة القديم، لاستضافة النسخة الأولى من معرض "قطر للقوارب 2024" خلال الفترة من السادس إلى التاسع من نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ومن المتوقع أن يضم المعرض علامات تجارية عالمية، وشركات محلية وإقليمية ودولية لبناء السفن، ويتوقع أن يستقبل 20 ألف زائر، و495 من العلامات التجارية المتنوعة.
وتتمحور الأهداف الأساسية لإقامة المعرض حول تعزيز مكانة قطر على خريطة السياحة البحرية الإقليمية والعالمية، وإقامة فعالية كبرى دائمة تسهم في الترويج للدولة، واستقطاب السياح والمختصين في القطاع البحري، وفق بيان سابق لإدارة ميناء الدوحة القديم.
وشهد موسم السياحة البحرية في قطر 2023-2024، زيادة ملحوظة بلغت 38% مقارنة في الموسم السابق، مع استقبال 375 ألف زائر عبر 73 سفينة بحرية، كما شهد أيضاً زيادة بنسبة 83% في عدد ركاب التحول الجزئي وصل إلى 68 ألف راكب.