موائد العراق الرمضانية تتذكر ضحايا كورونا

30 ابريل 2021
يفتقدون أعزاء غابوا (أحسن محمد أحمد الأحمد/ الأناضول)
+ الخط -

 

على موائد الإفطار الرمضانية، يفتقد عراقيون أشخاصاً أعزّاء غيّبهم فيروس كورونا الجديد، في بلد يعاني من ارتفاع كبير في أعداد الإصابات بكوفيد-19، وقد تجاوز حاجز المليون إصابة في البلاد. وجرت العادة أن يجتمع أفراد العائلة والأقارب وأحياناً الأصدقاء على مآدب الإفطار الرمضانية. واليوم، يستذكر هؤلاء أحاديث وقصص من غابوا هذا العام. يقول قيس المحمدي وهو خطيب مسجد في غربي العاصمة بغداد، إن عائلات عدة تذكر اليوم مآثر محسنين كانوا حاضرين خلال شهر رمضان الماضي، وقد قضوا متأثرين بالإصابة بفيروس كورونا. ومن هؤلاء شيخ مسن يدعى الحاج صادق كان دائم التواصل مع المحتاجين خلال شهر رمضان، ويزور بعضهم حاملاً معه الطعام لتناول الإفطار معهم. يوضح أن الحاج صادق الذي رحل عن عمر يناهز السبعين عاماً "أصيب بكورونا وتوفي على إثره، لكنه ما زال حاضراً بعمله الصالح وتفقده أحوال الفقراء وسؤاله عن الناس".

بالنسبة لكثيرين، فإن أصعب الموائد الرمضانية هذا العام هي التي خلت من أحد أفراد العائلة، خصوصاً أحد الوالدين. وغلبت مشاعر الحزن على تعليقات العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين عمدوا إلى الدعاء لوالديهم الذين غيبهم الموت وحرم أبناءهم للمرة الأولى من مشاركتهم موائد الإفطار.

وتقول فرح ناصر (49 عاماً) وهي ربة بيت، إن زوجها لا يستطيع السيطرة على دموعه كلما اجتمعت الأسرة على مائدة الإفطار، إذ يتذكر والدته التي كانت تحرص على إعداد طعام الإفطار بنفسها على الرغم من تجاوز عمرها السبعين عاماً. تضيف لـ "العربي الجديد"، وهي تتحدث عن والدة زوجها، أنها كانت تستعد لرمضان قبل أيام من خلال تحضير بعض الأطعمة والحلويات بكميات كبيرة، وتوزع بعضها على الجيران والعائلات الفقيرة في رمضان. تضيف: "إنه اول رمضان يمر على زوجي من دون أن تكون والدته حاضرة فيه، وقد توفيت إثر اصابتها بفيروس كورونا قبل نحو خمسة أشهر".

قضايا وناس
التحديثات الحية

في شهر رمضان، يحرص الكثير من العراقيين على مساعدة المحتاجين، لكن الحاج سلوم الحسيني دأب على سداد ديون الفقراء من دون أن يعرف أحد هويته، إلا أنه توفي خلال عشرة أيام من إصابته بفيروس كورونا وهو في الحادية والسبعين من العمر. مهند، وهو الابن البكر للحاج سلوم، يقول لـ "العربي الجديد" إن والده كشف له منذ أكثر من عشرين عاماً عن عمل الخير الذي دأب على فعله خلال شهر رمضان، وهو سداد ديون فقراء دون درايتهم. يتابع: "كان والدي على تواصل مع عشرات من أصحاب المحال التجارية، وهم يعلمون أنه يسد ديون من هم في ضيق. لذلك، كان يخصص صندوقاً خاصاً لهذا الغرض يفتحه في أول يوم من أيام شهر رمضان ويبدأ بسداد ديون الأكثر فقراً".

ويشير مهند إلى أن والده لم يكن غنياً، لكنه كان يزاول أعمالاً تجارية بسيطة في مجال بيع وشراء السيارات، مشيراً إلى أنه دأب على سداد ديون الفقراء منذ كان في السادسة والثلاثين من العمر. ويقول: "في اليوم الأول من رمضان، كان والدي يأتي إلى البيت قبل موعد الإفطار وعلامات السرور بادية على وجهه لتسديده ديون عدد من المحتاجين". لكن مهند يقول إن ما كان يفعله والده لم ولن يتوقف بعد وفاته. "فاضت عيني بالدموع حين سددت في اليوم الأول من رمضان ديون فقراء من دون معرفتهم بهويتي. شعرت بسعادة كبيرة وتذكرت والدي. صحيح أنني أفتقده في أول رمضان لا يكون حاضراً فيه، لكنه سيبقى حاضراً من خلال عمل الخير الذي أورثني إياه".

تناول وجبة الإفطار في أول يوم في رمضان في بيت العائلة الكبير يعدّ تقليداً يحرص على اتباعه الكثير من العراقيين. وما زال مستمراً على الرغم من تفشي فيروس كورونا. وبيت العائلة الكبير هو بيت الجد أو الأب، حيث تجتمع فيه عائلات الأبناء والبنات والأحفاد في المناسبات. وتحرص عائلة حسام العطواني على الالتزام بهذا التقليد، الذي اختلف هذا العام  عن الأعوام السابقة، بعدما فقدت العائلة خمسة من أفرادها توفوا على إثر اصابتهم بفيروس كورونا. ويقول العطواني لـ "العربي الجديد": "مات جدي ووالدتي وعمي وعمتي وابن عمي خلال عام واحد. حين جئنا إلى بيت جدي في أول يوم من رمضان كما جرت العادة، كان الحزن يخيم على المائدة الكبيرة التي كانت تتسع لأكثر من ثلاثين فرداً. كان اللقاء استذكاراً لمن فقدناهم".

من جهة أخرى، حذّر مقرر خلية الأزمة في البرلمان العراقي، جواد الموسوي، من أن المتحور الهندي من فيروس كورونا قريب من الدخول إلى العراق، وشدد على أن "الإجراءات الصارمة وحدها قادرة على منعه". أضاف أنه "يتوجب على الحكومة ووزارة الصحة اتخاذ إجراءات استباقية صارمة ومبكرة بمنع رعايا دولة الهند والدول المصابة الأخرى من دخول العراق لمدة شهر".