كشفت ثماني منظمات حقوقية مصرية موقفها من إعلان رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري إنهاء حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، وأوضحت أن حكم مصر لا يستند إلى القانون منذ يوليو/ تموز 2013، إذ تقبع البلاد تحت حالة طوارئ دائمة حتى قبل إعلانها بشكل رسمي، فضلاً عما شهدته السنوات الماضية من إصدار حزمة من القوانين حوّلت حالة الطوارئ الاستثنائية لحالة دائمة بموجب القانون.
واعتبرت المنظمات أن استمرار حالة الطوارئ مرتبط باستمرار تغييب القانون والدستور وارتكاب جرائم حقوقية غير مسبوقة، وأن إنهاءها يستوجب توقف القيادة السياسية عن قمع كافة أشكال حرية التعبير عن الرأي المنصوص عليها في الدستور المصري، والذي تعصف به الحكومة المصرية يومياً من خلال ممارسات عدة، على رأسها إصدار قوانين وتعديلات دستورية معارضة له، بالإضافة إلى التوقف عن قمع المعارضة السياسية والحقوقية بكافة أشكالها.
بعد إعلان رئيس الجمهورية أمس إنهاء حالة الطوارئ، نعرب عن أن حكم #مصر لا يستند للقانون منذ يوليو 2013، إذ تقبع تحت حالة طوارئ دائمة، فضلاً عما شهدته السنوات الماضية من اصدار حزمة من القوانين التي حولت حالة الطوارئ الاستثنائية لحالة دائمة بموجب القانون.https://t.co/SYO4zwECCU
— CIHRS (@CIHRS_Alerts) October 26, 2021
وقالت المنظمات في بيانها المشترك "فبالرغم من إعلان إنهاء حالة الطوارئ وما يترتب عليها من وقف إحالة القضايا لمحكمة أمن الدولة طوارئ، إلا أن تلك المحكمة الاستثنائية مستمرة في عملها في نظر القضايا التي سبق إحالتها إليها، بما في ذلك القضايا المحالة لها مؤخراً، فضلاً عن محاكمات أخرى امتدت جلساتها لسنوات وخلصت لأحكام بالسجن المطول دون أي فرصة لنقض أحكامها".
وتابعت المنظمات "لقد تم إصدار حزمة من القوانين كرّست لحالة طوارئ دائمة بغض النظر عن إعلان حالة الطوارئ أو إنهائها، أبرزها قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، الذي قنّن ارتكاب الأجهزة الأمنية لجرائم الإخفاء القسري والتعذيب والقتل خارج نطاق القانون في إطار مكافحة الإرهاب خلال السنوات الماضية. هذا بالإضافة إلى سياسة الإفلات من العقاب التي دعمها القضاء المصري بشقيه المدني والعسكري عن جرائم مقتل المدنيين في سيناء. أما القانون رقم 8 لسنة 2015 والخاص بتنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، فقد أفضى إلى سهولة إدراج النشطاء والكيانات المستقلة على قوائم الإرهاب بناء على تحريات أمنية دون أي تحقيق.
كما أصدر الرئيس قراراً بقانون رقم 136 لسنة 2014، بشأن تأمين المنشآت العامة والحيوية، والذي شرعن لمثول المدنيين أمام محاكمات عسكرية. هذا بالإضافة للقانون رقم 13 لسنة 2017؛ الذي منح رئيس الجمهورية سلطة اختيار وتعيين رؤساء الهيئات القضائية، بما في ذلك محكمة النقض ومجلس الدولة، في عدوان على مسار العدالة ومخالفة للدستور، الأمر الذي استُكمل بالتعديلات الدستورية 2019 وبموجبها أصبح رئيس الجمهورية رئيسًا للمجلس الأعلى للقضاء".
واعتبرت المنظمات أن هذه القوانين والتشريعات المستمر عملها حتى بعد إلغاء حالة الطوارئ تكرس لحالة طوارئ غير معلنة، وتضمن غياب كافة الضمانات الحقوقية التي كفلها الدستور المصري، فضلاً عن استمرار المحاكمات أمام دوائر الإرهاب والمحاكم العسكرية أو حتى دوائر الجنايات العادية، والتي تستوي في إغفالهما لضمانات المحاكمة العادلة والمستقلة مثلها مثل محكمة أمن الدولة العليا طوارئ.
"بل إن تلك المحاكم اشتركت في إصدار عدد غير مسبوق من أحكام الإعدام الجماعية تفوق تلك التي أصدرتها محاكم أمن الدولة على مدار تاريخها، وتم تأييد كثير من تلك الأحكام أمام محكمة النقض، هذا فضلاً عن إصدار أحكام جماعية بالسجن المؤبد والمشدد لسنوات طويلة. كما تقاعست هذه المحاكم عن فتح تحقيقات في وقائع تعذيب المحتجزين، وإخفائهم قسراً قبل مثولهم أمام جهات التحقيق، ورفضت طلبات الدفاع بمثولهم أمام الطب الشرعي لإثبات تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة الإنسانية"، بحسب المنظمات، التي أكدت أن "الحالة المتدهورة لحقوق الإنسان في مصر تحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد إعلان إنهاء حالة الطوارئ، التي ربما كان إعلانها من البداية بلا داعٍ في ظل كل هذه القوانين الاستثنائية، وفي ظل تواطؤ كل مؤسسات الدولة في تعزيز سياسة الإفلات من العقاب، وغياب المؤسسات الرقابية".
المنظمات الموقعة هي مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والجبهة المصرية لحقوق الإنسان، والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وكوميتي فور جستس، ومركز النديم، ومبادرة الحرية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير.